جرحى القوات الحكومية في تعز يصعّدون احتجاجاتهم: "أنقذنا الوطن فخذلنا المسؤولون"
في مشهد يلخّص وجع الحرب وإهمال الدولة، نفّذ العشرات من جرحى القوات الحكومية في محافظة تعز، صباح اليوم، وقفة احتجاجية أمام مقر دائرة الرعاية الاجتماعية في شارع جمال، مطالبين بصرف مستحقاتهم المتأخرة وإنهاء حالة التهميش التي تطاردهم منذ أعوام.
ورفع المحتجون لافتاتٍ حملت عبارات غاضبة ضد ما وصفوه بـ"الصمت الحكومي الجبان"، مؤكدين أن ما يطالبون به ليس تفضّلًا من أحد، بل حقًا وطنيًا وإنسانيًا مقابل تضحياتهم في جبهات الدفاع عن الجمهورية.
وقال أحد الجرحى بصوت يختنق بالقهر:
"ضحينا بأطرافنا ودمائنا من أجل اليمن، واليوم نقف على الأبواب نستجدي العلاج وكأننا عبء على الوطن الذي حمينا كرامته."
الوقفة التي نظّمتها رابطة جرحى تعز جاءت بعد تأخر صرف رواتب الجرحى لأكثر من خمسة أشهر، وتوقف صرف الإكراميات والعلاجات، إضافة إلى غياب تنفيذ قرار إنشاء الهيئة الوطنية لشؤون الجرحى والشهداء التي كان يُعوَّل عليها في توحيد الجهود الرسمية لخدمتهم.
وطالب البيان الصادر عن الرابطة بسرعة صرف المستحقات المالية، وتسفير الحالات الحرجة للعلاج في الخارج، واعتماد التعزيز المالي الخاص بالترقيات وتسوية الرواتب أسوة ببقية وحدات الجيش.
وخلال الوقفة، أقدم أحد الجرحى على إحراق قدمه الصناعية تعبيرًا عن يأسه من وعود الحكومة المتكررة، في مشهد صادم هزّ الشارع المحلي وأعاد إلى الأذهان صورًا موجعة من معاناة من يفترض أن يكونوا "رموز التضحية والشرف العسكري".
ووصف المشاركون هذا الفعل بـ"صرخة موجعة في وجه صمت الدولة"، محمّلين الجهات المسؤولة كامل المسؤولية عن ما وصلت إليه أوضاع الجرحى من تدهور صحي ونفسي.
وتزامنت احتجاجات تعز مع اعتصامٍ مفتوح لجرحى الجيش والمقاومة أمام مقر دائرة الرعاية الاجتماعية في مدينة مأرب، لليوم الثالث على التوالي، للمطالبة بصرف المرتبات المتأخرة وتحسين الأوضاع المعيشية واستكمال علاج الحالات المستعصية.
وأكد الجرحى المعتصمون في مأرب أن تحركهم ليس سياسيًا بل صرخة إنسانية بحتة بعد سنوات من الوعود التي لم تُنفَّذ، مشيرين إلى أن مئات الجرحى يواجهون خطر الموت بسبب توقف العلاج ونقص الدعم الطبي، بينما يستمر المسؤولون في تجاهل قضيتهم.
ويرى مراقبون أن استمرار تجاهل ملف الجرحى يعكس اختلالًا أخلاقيًا وإداريًا في مؤسسات الدولة، التي عجزت عن الوفاء بالتزاماتها تجاه من قدّموا أجسادهم فداءً للوطن.
وطالبت صحيفة المنتصف في افتتاحيتها السابقة الجهات الحكومية ومجلس القيادة الرئاسي بضرورة إعادة الاعتبار لملف الجرحى، واعتبار رعايتهم أولوية وطنية وليست قضية هامشية.
ففي الوقت الذي تتحدث فيه الخطابات الرسمية عن “بطولات وتضحيات”، يعيش الأبطال الحقيقيون في تعز ومأرب بين الإهمال والعجز، ليبقى السؤال الأكثر إيلامًا:
من سيجبر كسر من كسرهم الوطن؟
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news