اليمن يدخل عامه الحادي عشر من الحرب المستمرة، وسط جمود على الأرض وتفاقم الأزمات الإنسانية. لا طرف قادر على حسم النزاع، ولا مؤشرات حقيقية للسلام. خطوط المواجهة بين مليشيا الحوثي والقوات الموالية للحكومة الشرعية ثابتة، فيما يعيش السكان تحت وطأة استمرار النزاع.
منذ تشكيل المجلس القيادة الرئاسي عام 2022 لتوحيد القوى المناهضة لمليشيا الحوثي، لم يتمكن المجلس من تحقيق أي مكاسب سياسية أو عسكرية ملموسة، رغم الدعم السعودي والإماراتي. الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا تُدار جزئيًا من المنفى، فيما يتصاعد الغضب الشعبي في الجنوب بسبب ارتفاع الأسعار وتراجع الخدمات العامة وانتشار الفساد، بينما يسيطر مليشيا الحوثي على الشمال، معتمدة على التحالفات القبلية وسلطتها القمعية والدينية.
الجانب الإنساني يعكس الأزمة المتفاقمة في اليمن، حيث يعاني أكثر من نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي، ويفتقر الملايين إلى المياه النظيفة والخدمات الصحية الأساسية. المساعدات الدولية، رغم أهميتها، غالبًا ما تُوظف ضمن صراعات القوى المحلية، ما يحد من فعاليتها على الأرض. البيروقراطية والفساد المستشري أسهما في إضعاف الدولة، وجعلت أجزاء واسعة من البلاد بلا إدارة فعلية، تحت سيطرة السلاح لا القانون.
في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، تم تأسيس جهاز إداري وأمني صارم، يفرض الرقابة المجتمعية ويخلط بين الخطاب الديني والشعارات السياسية. هذا النظام أتاح نوعًا من الاستقرار النسبي، لكنه قائم على القيود على الحريات والقمع، وهو ما يحد من أي مشاركة مدنية حقيقية.
النزاع لم يعد محصورًا في الداخل اليمني، إذ شهدت السنوات الأخيرة تصعيدًا إقليميًا، حيث نفذت مليشيا الحوثي هجمات على السفن في البحر الأحمر واستهدفت إسرائيل منذ حرب غزة 2023. الرد العسكري الأمريكي والإسرائيلي لم يؤثر على ميزان القوى الداخلي. الأمم المتحدة، رغم جهود مبعوثها هانز غروندبرغ لإحياء المفاوضات، تواجه صعوبة في فرض أي تسوية بسبب تعقيدات الصراع المحلي والاحتجاز المتكرر لموظفي المنظمة في مناطق الخاضعة لمليشيا الحوثي.
مع استمرار الحرب، تحول النزاع إلى صراع على البقاء بالنسبة للسكان. كل طرف متمسك بمناطقه، بينما تعاني المناطق المحررة والخاضعة لمليشيا الحوثي من ارتفاع الفقر والجوع والنزوح. حتى الهدن المؤقتة تعكس إرهاق الأطراف أكثر من كونها مؤشرات على تقدم نحو السلام.
بدون تدخل دولي فعال ومشروع وطني جامع قادر على كسر الجمود، ستظل اليمن محاصرة في خطوط القتال نفسها، وشعبها يدفع ثمن صراع لا نهاية له.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news