خاص – حذر الدبلوماسي اليمني الدكتور محمد عبدالمجيد قباطي من تصاعد التهديدات الأمنية في البحر الأحمر، مشيرًا إلى أن المنطقة تشهد تحولًا خطيرًا نحو ما وصفه بـ”ممر لوجستي للحروب” يربط بين السواحل الأفريقية والعربية عبر شبكات تهريب النفط والسلاح.
وقال قباطي، في مقال تحليلي نشر مؤخرًا، إن التقارير البحرية وتحليلات تتبع السفن كشفت عن تعاون متزايد بين عناصر من مجلس السيادة الانتقالي السوداني مليشيا الحوثي في اليمن، يتضمن نقل شحنات من النفط والأسلحة ذات مصدر إيراني، معتبرًا ذلك “اتساعًا خطيرًا لجغرافية الصراع الإقليمي”.
وأشار إلى أن تقارير حديثة رصدت تحرك شحنات نفط من بورتسودان نحو ميناءي الحديدة ورأس عيسى على الساحل الغربي لليمن، مؤكدًا أن هذا التطور يجعل الارتباط بين السواحل الأفريقية والعربية واقعًا عمليًا لا افتراضيًا.
وأوضح قباطي أن البحر الأحمر، الذي كان تاريخيًا ممرًا للتجارة والتبادل الثقافي، تحول اليوم إلى منطقة صراع خفي تتقاطع فيها مصالح الطاقة والنفوذ، مؤكدًا أن هذا التحول جعل مضيق باب المندب نقطة اشتباك حساسة ضمن منظومة الردع الإيرانية في المنطقة.
وأضاف أن “ممر البحر الأحمر” يزدهر في ظل ثلاثة عوامل أساسية: العزلة، والإرهاق، والإفلات من العقاب، موضحًا أن الأطراف المنخرطة فيه – من الخرطوم إلى صنعاء وطهران – تتحرك بدوافع البقاء والمصالح، لا الأيديولوجيا، من خلال تبادل الوقود بالسلاح والنفوذ بالحماية.
وشدد قباطي على أن هذا الوضع ينعكس سلبًا على فرص تحقيق السلام في اليمن، حيث تسهم الشبكات غير المشروعة في تمويل الحوثيين وإطالة أمد الصراع، كما تؤدي إلى تآكل سلطة الدولة اليمنية وتراجع دورها في حماية أمن الملاحة الدولية.
وانتقد قباطي تجزؤ الاستجابة الدولية للأزمة، مؤكدًا أن الضربات العسكرية والعقوبات الاقتصادية تعالج الأعراض دون التطرق إلى جذور المشكلة المتمثلة في ضعف مؤسسات الحكم وغياب إطار أمني متكامل للبحر الأحمر.
ودعا إلى إعادة بناء الشرعية اليمنية من الداخل من خلال إصلاح مؤسسات الدولة وتوزيع السلطة بعدالة، مشددًا على أن “استقرار البحر الأحمر يبدأ من استقرار اليمن”، وأن الردع العسكري لا يمكن أن يحل محل الحوكمة الرشيدة.
واختتم قباطي تحذيره بالقول إن البحر الأحمر أصبح اليوم جبهة صراع جديدة تدمج بين الطاقة والأمن والشرعية، مؤكدًا أن الطريق نحو السلام يمر عبر استعادة الدولة اليمنية لقدرتها على الحكم والتجارة والحماية، مضيفًا أن “البحر الأحمر سيظل بحرًا من الصراعات حتى يعود اليمن دولة قانون ذات سيادة”.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news