في محافظة الحديدة الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، تتصاعد موجة من الغضب الشعبي جراء تفاقم الأوضاع المعيشية، في وقت تُكثّف فيه الجماعة تعبئتها الإعلامية وحملاتها الدعائية، مجبرة موظفين ومعلمين على المشاركة في فعاليات ومسيرات تُظهرهم كواجهة تأييد شعبي.
مصادر محلية في الحديدة أكدت أن المئات من موظفي القطاع العام، بينهم عشرات المعلمين، لم يتقاضوا رواتبهم منذ أشهر، بينما أقدمت السلطات الحوثية مؤخراً على فصل نحو ألف معلم بحجة الفائض الوظيفي، ما فاقم معاناة مئات الأسر التي تعتمد على دخل محدود في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
وبحسب تلك المصادر، فقد أطلقت المليشيا دعوات عامة لحضور وقفات ومسيرات عقب صلاة الجمعة، وسط ترتيبات إعلامية واسعة لتصوير الحشود وإبرازها على أنها “تعبير عن إجماع وطني” تجاه مواقف الجماعة السياسية والإقليمية.
“نطالب برواتبنا قبل أن يطلبوا منا الوقوف أمام الكاميرات”،
يقول أحد المعلمين – فضل عدم ذكر اسمه – موضحاً أن كثيراً من زملائه شاركوا تحت ضغط التهديد الإداري وخشية الفصل أو التعرض للمضايقات.
ويضيف المعلم أن ما يحدث هو “تحويل معاناة الناس إلى مادة دعائية تُستخدم لتبرير سياسات لا علاقة لها بمعيشتهم أو واقعهم اليومي”، في إشارة إلى ما وصفه بـ”استغلال الأزمات المعيشية لخدمة أجندة سياسية”.
حرمان وتوظيف دعائي
نشطاء وحقوقيون يرون أن إحياء الشعور الوطني أمر مشروع عندما يتم طوعاً، لكنه يتحول إلى قمعٍ معنوي واقتصادي حين يُربط بحرمان الموظفين من حقوقهم الأساسية مثل الأجور، أو حين يُستخدم المدنيون كـ”دروع بشرية” في فعاليات سياسية تُفرض عليهم قسراً.
ويؤكد مراقبون محليون أن الواقع المعيشي في الحديدة لا يعكس الصورة الإعلامية التي تروجها وسائل إعلام الحوثيين؛ فالكثير من المدارس تفتقر إلى الكوادر والخدمات، والمعلمون يعانون لتأمين احتياجات أسرهم، فيما تعاني الإدارات التعليمية من شلل شبه تام بسبب الضغوط الاقتصادية.
دعوات إلى تدخل عاجل
نشطاء المجتمع المدني طالبوا بصرف رواتب الموظفين والمعلمين بشكل عاجل، وفتح تحقيق مستقل في سياسات حجز الأجور واستغلال العاملين في حملات دعائية، داعين في الوقت ذاته المنظمات الإنسانية المحلية والدولية إلى رصد الانتهاكات وتقديم الدعم للمتضررين من انقطاع المرتبات.
ويحذر خبراء اجتماعيون من أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى تفكك النسيج الاجتماعي في المحافظة، معتبرين أن “الاستقرار الحقيقي يبدأ من معالجة الأزمات الاقتصادية لا من تزيين الواقع عبر الكاميرات”.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news