حذرت الأمم المتحدة، الثلاثاء 4 نوفمبر/تشرين الثاني، من استمرار أعمال العنف الممنهجة ضد المدنيين في مدينة الفاشر شمال دارفور، بما في ذلك عمليات إعدام موجزة وعنف جنسي، بعد أكثر من أسبوع على سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة، التي لا تزال محاصرة بالكامل.
وأكد نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق، خلال المؤتمر الصحفي اليومي، أن المدنيين غير قادرين على مغادرة الفاشر، فيما قتل المئات منهم، بينهم عاملون في المجال الإنساني، لا سيما مع انقطاع أو غياب التواصل مع العالم الخارجي.
وأضاف أن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية شدد على أن استمرار قوات الدعم السريع في عرقلة إيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى المدينة "أمر غير مقبول"، داعياً إلى إتاحة وصول فوري وغير مقيد إلى الأشخاص المحاصرين في الفاشر، وقال: "إن الوقف الفوري للأعمال العدائية أمر بالغ الأهمية لضمان حماية المدنيين".
وأشار حق إلى أن الأمم المتحدة وشركاءها يقدمون مساعدات طارئة وسط الظروف المزرية في طويلة، إلا أن هذه الجهود "لا تغطي سوى جزء ضئيل من الاحتياجات بسبب قيود التمويل".
ودعا مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إلى تمويل عاجل ومرن لدعم ملايين الأشخاص العالقين في الصراع المدمر في السودان. ومع اقتراب نهاية العام، لم يتم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية للسودان لعام 2025 إلا بنسبة 28 في المائة على الرغم من الاحتياجات الهائلة.
وفي بيان لها، أكدت لجنة مراجعة المجاعة بالتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي حدوث المجاعة في أجزاء من السودان، للمرة الثانية خلال أقل من عام. وأوضحت اللجنة أن أكثر من 21 مليون شخص يعانون من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، مع توقع استمرار المجاعة في الفاشر وكادقلي حتى يناير/كانون الثاني 2026.
ومن جانبها، أفادت المنظمة الدولية للهجرة بأن نحو 71 ألف شخص فروا من الفاشر والمناطق المحيطة منذ 26 أكتوبر/تشرين الأول. وأكد العديد من النازحين وصولهم إلى مخيمات مكتظة في طويلة، مع تعرضهم لعمليات قتل واختطاف وعنف جنسي على طول الطريق.
إلى ذلك، أعرب مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية عن قلقه البالغ إزاء التقارير الأخيرة الواردة من الفاشر حول عمليات قتل جماعي واغتصاب وجرائم أخرى يُزعم ارتكابها خلال هجمات قوات الدعم السريع.
وقال المكتب في بيان له إن هذه الفظائع تعد جزءاً من نمط عنف أوسع نطاقاً شمل منطقة دارفور بأكملها منذ نيسان/أبريل 2023، مضيفاً أن هذه الأعمال، في حال ثبوتها، قد تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي - المُؤسِّس للمحكمة.
ولفت البيان إلى أن المكتب شرع في التحقيق في الجرائم المزعومة المرتكبة في دارفور منذ اندلاع الأعمال العدائية في نيسان/أبريل 2023. ويعمل بشكل مكثف، بما في ذلك من خلال الانتشار الميداني المتكرر، وتعميق التواصل مع مجموعات الضحايا والمجتمع المدني، وتعزيز التعاون مع السلطات الوطنية والمنظمات الدولية.
وأضاف أنه يتخذ خطوات فورية في إطار التحقيق الجاري بشأن الجرائم المزعومة في الفاشر لحفظ وجمع الأدلة ذات الصلة لاستخدامها في الملاحقات القضائية المستقبلية.
وبعد أكثر من 500 يوم من حصار دامٍ، سقطت الفاشر، الأحد الماضي، بيد قوات الدعم السريع، وكانت آخر معقل للجيش في إقليم دارفور، عقب معارك طاحنة وحصار استمر لأشهر، انتهى بانسحاب القوات المسلحة السودانية من مواقعها الرئيسية، وفي مقدمتها مقر الفرقة السادسة مشاة.
ومع اشتداد القتال في محيط المدينة، أعلنت قوات الدعم السريع في 27 أكتوبر سيطرتها على مقر قيادة الجيش، بينما أكد رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، لاحقاً انسحاب القوات المسلحة "حقناً لدماء المدنيين".
ورغم تبرير الجيش انسحابه بدواعٍ إنسانية، إلا أن مراقبين وصفوه بأنه أكبر انتكاسة عسكرية يتعرض لها منذ اندلاع الحرب، معتبرين أن السيطرة على الفاشر تمنح الدعم السريع موقعاً استراتيجياً يمكّنه من توسيع نفوذه نحو شمال وشرق السودان.
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
رئيس الوزراء العراقي يشترط خروج القوات الأمريكية من البلاد لنزع سلاح الفصائل
أكد رئيس الوزراء العراقي "محمد شياع السوداني"، أن العراق ملتزم بوضع جميع الأسلحة تحت سيطرة الدولة، إلا أن ذلك لن يكون ممكنًا طالما بقي التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في البلاد، والذي تعتبره بعض الفصائل قوة احتلال.
وقال السوداني في مقابلة له مع "رويترز"، نشرت تفاصيلها الثلاثاء 4 نوفمبر/ تشرين الثاني، إن هناك خطة لا تزال قائمة لخروج التحالف الدولي المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية من العراق بحلول سبتمبر/أيلول 2026، في ظل تراجع كبير للتهديد الذي تشكله الجماعات المتشددة، مضيفًا: "داعش غير موجود في بغداد".
وأشار إلى أن الانسحاب المرحلي للقوات الأمريكية بدأ هذا العام، مع توقع الانسحاب الكامل بنهاية العام المقبل، مؤكدًا أن الوضع العراقي مختلف عن لبنان فيما يتعلق بالجماعات المسلحة غير التابعة للدولة.
وتأتي تصريحات السوداني في وقت يحاول فيه العراق تحقيق توازن حساس لنزع سلاح جماعات مدعومة من إيران، في ظل ضغط من الولايات المتحدة التي قالت إنها تود من السوداني تفكيك جماعات مسلحة مرتبطة بالحشد الشعبي، وهي جماعة تنضوي تحت لوائها فصائل شيعية أخرى.
وبدأت القوات الأمريكية التواجد العسكري في العراق عام 2003 بعد غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها، والذي أسفر عن الإطاحة بنظام الرئيس "صدام حسين".
وكان الغزو مبررًا رسميًا بحسب واشنطن على أساس وجود أسلحة دمار شامل، وهو ما تبين لاحقًا أنه غير صحيح، ما أثار جدلًا واسعًا دوليًا ومحليًا حول شرعية ونتائج التدخل الأمريكي.
وبعد سنوات من القتال والاحتلال، تحول التواجد الأمريكي إلى ما يُعرف بـ "التمركز الاستشاري والدعم اللوجستي"، حيث ركزت القوات الأمريكية على تدريب الجيش العراقي، وتقديم الدعم الاستخباري والعملياتي في مواجهة تنظيمات مسلحة، أبرزها تنظيم داعش.
ورغم ذلك، استمر وجود القوات الأمريكية في قواعد عسكرية ومناطق استراتيجية، ما أثار شعورًا واسعًا بالرفض لدى شرائح من الشعب العراقي والفصائل المسلحة، التي تعتبر هذا التواجد انتهاكًا للسيادة الوطنية.
وتكررت حوادث استهداف القواعد الأمريكية والصاروخية داخل العراق من قبل فصائل مسلحة مقربة من إيران، والتي كانت تُعبّر عن رفضها للوجود العسكري الأمريكي.
وأدى هذا الرفض إلى تصاعد المطالب السياسية الرسمية والشعبية بسحب القوات الأجنبية، لا سيما بعد انتهاء المهمة القتالية الكبرى للولايات المتحدة في العراق رسميًا عام 2011، ثم العودة الجزئية خلال فترة ظهور داعش عام 2014.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news