كشفت المحللة السياسية فاطمة أبو الأسرار، الزميلة في معهد الشرق الأوسط والمحللة الأولى في مركز واشنطن للدراسات اليمنية، عن أساليب مليشيا الحوثي في استغلال العلاقات الدولية والمنظمات الإنسانية لتعزيز سيطرتها السياسية والعسكرية في اليمن، وتحويل المساعدات إلى أداة نفوذ وابتزاز.
وقالت أبو الأسرار إن اللقاء الذي جرى في 2 سبتمبر/أيلول 2025 بين رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في صنعاء ومسؤول الخارجية الحوثي إسماعيل المتوكل، بعد أيام من مقتل قيادات حوثية في غارات إسرائيلية، يمثل نموذجاً واضحاً لكيفية استخدام الجماعة للعلاقات الإنسانية لتثبيت شرعيتها السياسية.
وأضافت أن وكالة “سبأ” الحوثية نشرت أن المسؤولة الدولية قدمت “تعازيها وتضامنها” مع الحوثيين، وهو تصريح لم تنفه المنظمة علناً خشية فقدان إمكانية العمل في مناطق سيطرة الجماعة، ما استغله الحوثيون لتأكيد شرعيتهم داخلياً وخارجياً.
وأوضحت أبو الأسرار أن الحوثيين حوّلوا العمل الإنساني إلى غطاء سياسي يمنحهم شرعية ميدانية ودولية، إذ تضطر الأمم المتحدة ووكالاتها إلى التنسيق مع مسؤولين حوثيين لإيصال المساعدات، وهو ما يمكّن الجماعة من التحكم في مسارات الإغاثة وتوجيهها بما يخدم أجندتها.
وأشارت إلى أن تقارير حقوقية أكدت أن الحوثيين هم المصدر الرئيسي للألغام الأرضية في اليمن، بينما تسعى وسائل إعلامهم إلى تصويرهم كقوة تعمل على إزالتها بدعم من الصليب الأحمر، في حين أن استمرار التعامل الدولي معهم كسلطة أمر واقع يعزز قبضتهم على المساعدات، رغم وجود أدلة على تحويل الإمدادات لأغراض سياسية ومالية، بل وحتى لتمويل حلفائهم الإقليميين.
ولفتت المحللة السياسية إلى أن الجماعة تستخدم الاعتقالات والضغط على المنظمات الدولية كأدوات تفاوض وابتزاز سياسي، موضحة أنه منذ مايو/أيار 2024 اعتقل الحوثيون أكثر من 60 عاملاً إنسانياً، بينهم 13 موظفاً أممياً، بتهم تجسس مفبركة، ما دفع بعض وكالات الأمم المتحدة إلى تعليق عملياتها في محافظة صعدة.
وأضافت أن الحوثيين وسّعوا حملات القمع بعد الغارات الإسرائيلية التي استهدفت قياداتهم في أغسطس 2025، واعتقلوا مزيداً من العاملين في المنظمات الدولية، مشيرة إلى أن خطاب عبدالملك الحوثي منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2025، الذي اتهم فيه موظفي الأمم المتحدة بالتجسس والمشاركة في العدوان وهدد بملاحقتهم قانونياً، يعكس ثقة الجماعة بقدرتها على ابتزاز المجتمع الدولي دون عواقب.
وأكدت أبو الأسرار أن التجربة السعودية مع الحوثيين خلال مفاوضات 2023-2024 كشفت فشل سياسة الحوار غير المشروط، إذ قابل الحوثيون التنازلات بتصعيد عسكري وهجمات غير مسبوقة في البحر الأحمر، إضافة إلى تهديدات مباشرة للمصالح السعودية واليمنية.
وأشارت إلى أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ما زالا يتعاملان مع الحوثيين وفق مبدأ “الوصول الإنساني بأي ثمن”، وهو ما جعل المنظمات الإنسانية رهائن بيد الجماعة، معتبرة أن هذا النهج يعيد تجربة حزب الله في لبنان، حيث أضفى الانخراط الدولي شرعية على سلطة الميليشيا، بينما ظل المواطنون تحت حكمها القسري.
وحذرت أبو الأسرار من أن استمرار الصمت الدولي وعدم فرض محاسبة على الحوثيين سيؤدي إلى ترسيخ سلطة أمر واقع في اليمن تستمد شرعيتها من المعاناة الإنسانية، وتستفيد من تردد المجتمع الدولي وصمته، مختتمة بقولها: “المجتمع الدولي يتحدث عن المساعدات كغاية، لا كوسيلة لإنقاذ المدنيين. النتيجة أن الحوثيين أصبحوا يتحكمون في المعاناة… ويستثمرونها سياسياً دون رادع.”
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news