بشرى العامري:
يبدو أن أزمة صرف المرتبات في مختلف قطاعات الحكومة الشرعية ما تزال مرشحة للاستمرار. فالوضع العام للبلد لا يعاني فقط من شحّ الموارد، بل من انعدامها تقريبا.
ورغم أن قرار مجلس القيادة الرئاسي الأخير، الذي وجّه رئيس مجلس الوزراء بالبدء في الخطوات التنفيذية لمعالجة الأزمة، مثّل بارقة أملٍ لدى الكثيرين، إلا أن تنفيذ ذلك عمليا سيحتاج إلى وقتٍ وصبرٍ وإرادة حقيقية.
وإذا ما أردنا ربط سرعة تعزيز الموارد بضرورة التزام المؤسسات المختلفة والمحافظات بالتوريد إلى الحساب المركزي، وفق قرار مجلس القيادة الرئاسي فإن ذلك يتطلب إرادة سياسية قوية وتناغما حكوميا وسياسيا واضحا.
لكن ما نراه اليوم يوحي عكس ذلك تماما، فالحكومة التي يُفترض أن تكون في حالة طوارئ، تعمل كخلية نحل في عدن، يبدو أن معظمها في إجازة أو سفر! وكأنّ الأزمة لا تمسّ سوى الموظف البسيط الذي ينتظر راتبه بفارغ الصبر ليعيش، بينما أوضاع القيادة والوزراء ممتازة، كما يقال.
والواقع يشير إلى أن تأخير صرف المرتبات سيستمر، لأن رئاسة الوزراء تربط الصرف بإكمال عمليات التوريد من محافظات مأرب وحضرموت والموانئ، وسد منافذ التهريب، وهو ما يتطلب وقتا طويلا ومواقف سياسية حقيقية واضحة وإجراءات إدارية صارمة.
أما الحديث عن استئناف تصدير النفط والغاز وهو المصدر الأكبر والأهم للموازنة العامة فذلك لا يزال أقرب إلى الأمنيات منه إلى القرارات التنفيذية. فاستئناف التصدير مرهون بوقف هجمات ميليشيات الحوثي وتأمين المنشآت، وبالتفاهمات الدولية المعقدة حول الملف اليمني، ما يجعل الأمر يحتاج إلى وقت وجهد وإرادة حقيقية لإعادة برمجة سياسة الحكومة تجاه تقوية مؤسساتها العسكرية والأمنية وإنهاء التمرد الحوثي.
وفي ظل استمرار هذا الواقع، نرى صمتا مريبا من بعض النخب المؤثرة إعلاميا من سياسيين وصحفيين ممن شملتهم كشوفات الإعاشة أو المشاورات أو حظوا بمساعدات ومراضاة، فلم يعودوا يطالبون برواتبهم كالبقية، ولم يعد صوتهم يُسمع حتى!
أما الفئات المحرومة من كل تلك المصادر ، مثل بعض العاملين في المؤسسات الإعلامية الرسمية، وأعضاء السلك الدبلوماسي، والطلاب المبتعثين، ومعهم أفراد الجيش والأمن، فهؤلاء لا صوت لهم ولاهناك من يسمع معاناتهم.
لذلك، عندما يسألني بعض الزملاء: متى سيُصرف الراتب؟
لا أملك إلا أن أقول: الأمور مطوّلة.. والله وحده يعلم متى سيشعر الجميع بمعاناتنا.
فنحن لنا الله. ونعم به خير معين، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news