قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الجمعة 31 أكتوبر/ تشرين الأول، إن عشرات الفيديوهات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي توثق قيام قوات الدعم السريع بقتل مدنيين وارتكاب انتهاكات جسيمة بحق الفارين من مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور.
وأوضحت المنظمة في بيان لها اطلع عليه "برّان برس"، أن آلاف المدنيين غادروا المدينة بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها، عقب حصار دام 18 شهراً وهجمات متواصلة من الجماعة المسلحة، ما أدى إلى مجاعة داخل مخيمات النازحين.
وحذّر المدير التنفيذي الانتقالي لـ"هيومن رايتس ووتش"، فيديريكو بوريلّو، من أن استمرار الانتهاكات “سيؤدي إلى مزيد من الجرائم ضد المدنيين”، داعياً الدول الداعمة لقوات الدعم السريع، لا سيما الإمارات، إلى الضغط على قيادتها، فيما يجب على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات صارمة ضد قيادة الدعم السريع.
وأشار البيان إلى أن قوات الدعم السريع حفرت خلال الأشهر الماضية خندقا وبنت ساترا رملية يحيط بالمدينة، ومنع مقاتلوها التجار ومنظمات الإغاثة من الوصول إليها إلى حد كبير، ما اضطر المدنيين إلى تناول علف الحيوانات. فيما أفادت منظمة "أطباء بلا حدود" بأن 75% من الأطفال دون الخامسة في الفاشر يعانون من سوء تغذية حاد.
كما وثقت المنظمة استخدام قوات الدعم السريع المسيّرات في قصف المدنيين، وارتكاب اعتداءات خطيرة على الفارين من المدينة، شملت الاغتصاب والنهب والقتل، فيما تظهر فيديوهات متداولة احتفال المقاتلين بجثث المدنيين وإعدام بعض المصابين أمام الكاميرات.
وأكدت "هيومن رايتس ووتش" أنها حددت الموقع الجغرافي لثمانية فيديوهات صُوّرت بجوار الساتر الترابي المُحيط بالمدينة، على بُعد حوالي 8 كيلومترات شمال غرب الفاشر، ويُظهر أحد هذه المقاطع، المُصوّر من أعلى الساتر الترابي، عشرات الجثث، بعضها بملابس عسكرية، في الخندق أسفله.
وفي فيديو آخر، يظهر مقاتل من قوات الدعم السريع يرتدي وشاحاً أبيض يجلس القرفصاء بجانب رجل يرتدي ملابس مدنية ولديه ضمادة على أعلى ساقه اليمنى وهو ممدّد على الأرض. وبينما يتوسل الرجل طالباً الرحمة، يقول المقاتل: "لن أرحمك نحن هنا لنقتل". ثم يقف المقاتل ويُطلق النار على الرجل خمس مرات ببندقية "كلاشنيكوف".
وأشارت "هيومن رايتس ووتش" إلى أن قوات الدعم السريع لديها سجل طويل بارتكاب فظائع جماعية ضد المدنيين في دارفور، ووصفت الهجمات الأخيرة بأنها قد تشكل جرائم ضد الإنسانية وربما إبادة جماعية.
ودعت المنظمة مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة ودولاً أخرى إلى فرض عقوبات محددة على قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) ونائبه عبد الرحيم حمدان دقلو، وطالبت الإمارات باستخدام نفوذها لوقف الهجمات على المدنيين.
وكانت المنظمة الدولية للهجرة قد حذرت الثلاثاء الماضي من تدهور إنساني خطير في مدينة الفاشر غربي السودان، مع فرار آلاف المدنيين خلال اليومين الماضيين جراء تصاعد أعمال العنف والانتهاكات المروّعة التي تُتَّهم بها قوات الدعم السريع.
وقالت المنظمة في بيان لها أُطلع عليه "بران برس"، إن أكثر من 26 ألف شخص اضطروا لمغادرة منازلهم في غضون 48 ساعة فقط، بحسب بيانات مصفوفة تتبع النزوح التابعة لها، وسط تقارير عن انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان.
وأوضحت المنظمة أن المشاهد القادمة من الفاشر مؤلمة، حيث تُجبر آلاف الأسر على الفرار سيراً على الأقدام تحت شمسٍ حارقة، تحمل الأمهات أطفالهن الرضّع، فيما يُعين الصغار كبار السن على مواصلة السير وسط الخوف والجوع والإعياء.
وبعد أكثر من 500 يوم من حصار دامٍ، سقطت الفاشر، الأحد الماضي، بيد قوات الدعم السريع، وكانت آخر معقل للجيش في إقليم دارفور، عقب معارك طاحنة وحصار استمر لأشهر، انتهى بانسحاب القوات المسلحة السودانية من مواقعها الرئيسية، وفي مقدمتها مقر الفرقة السادسة مشاة.
ومع اشتداد القتال في محيط المدينة، أعلنت قوات الدعم السريع في 27 أكتوبر سيطرتها على مقر قيادة الجيش، بينما أكد رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، لاحقاً انسحاب القوات المسلحة “حقناً لدماء المدنيين”.
ورغم تبرير الجيش انسحابه بدواعٍ إنسانية، إلا أن مراقبين وصفوه بأنه أكبر انتكاسة عسكرية يتعرض لها منذ اندلاع الحرب، معتبرين أن السيطرة على الفاشر تمنح الدعم السريع موقعاً استراتيجياً يمكّنه من توسيع نفوذه نحو شمال وشرق السودان.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news