ملامح من مسيرة الإصلاح القضائي في اليمن
“القاضي قاهر مصطفى.. صوت القانون في زمن التحديات”
“من عدن إلى المحافل الدولية: النيابة العامة تعود إلى الواجهة”
“26 مليار ريال أُعيدت إلى خزينة الدولة: حصاد ثلاث سنوات من الإصلاح القضائي”
“تحول رقمي وعدالة إلكترونية.. رؤية جديدة للنيابة العامة اليمنية”
في مرحلةٍ استثنائية من تاريخ اليمن، وبين تحدياتٍ جسيمة طالت منظومة العدالة، برز اسم القاضي قاهر مصطفى علي، النائب العام للجمهورية اليمنية، كأحد أبرز رموز الإصلاح القضائي في البلاد. فقد مثّلت رؤيته ونهجه في العمل العدلي والإداري نقلة نوعية في أداء النيابة العامة، وأعاد الاعتبار لدورها المؤسسي والرقابي، لتصبح أكثر حضوراً وفاعلية في ترسيخ سيادة القانون وصون الحقوق العامة والخاصة.
ملامح المسيرة والإصلاح
منذ توليه منصبه بموجب قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم (13) لسنة 2022م، انطلق القاضي قاهر مصطفى برؤية واضحة لتحديث البنية المؤسسية للنيابة العامة، وإعادة بنائها على أسس مهنية متينة، قائمة على الكفاءة والنزاهة والشفافية.
ورغم تعقيدات المرحلة السياسية والاقتصادية، نجح في تحقيق تحولات جوهرية في بنية العمل القضائي والإداري والفني، شملت عدة مسارات إصلاحية بارزة:
أولاً: تطوير الأداء المؤسسي
أطلق النائب العام خطة إصلاح شاملة شملت:
إنشاء شُعب متخصصة مثل شعبة حقوق الإنسان والتعاون القضائي الدولي، وشعبة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وشعبة مكافحة الجرائم الإلكترونية، وشعبة المرأة والطفل.
تحديث المكتب الفني، وإنشاء دائرة إعلام قضائي فعالة، تعزز التواصل مع المجتمع والرأي العام.
إدخال نظام الأرشفة الإلكترونية عام 2023م، ضمن توجه نحو التحول الرقمي للنيابة العامة.
ثانياً: توسيع البنية القضائية
استجابة للنمو السكاني وتزايد القضايا، تم إنشاء:
نيابتَي استئناف شمال وجنوب عدن لتسريع الفصل في القضايا وتحقيق العدالة الناجزة.
نيابات متخصصة في الصحافة والمطبوعات والنشر الإلكتروني، الضرائب والجمارك، الآثار، والصناعة والتجارة في محافظات متعددة، إلى جانب إنشاء النيابة الجزائية المتخصصة لتعز والحديدة.
ثالثاً: تعزيز سيادة القانون ومكافحة الفساد
أسس النائب العام نيابة الأموال العامة الابتدائية الثانية المختصة بمكافحة الفساد، لتتولى التحقيق في القضايا المالية الكبرى وفق إجراءات شفافة ومحايدة، كما عمل على تأهيل كوادرها من خلال برامج تدريبية داخلية وخارجية.
وقد أعادت هذه الجهود الثقة المجتمعية بدور النيابة في حماية المال العام، إذ بلغ إجمالي المبالغ المستعادة للجهات الحكومية خلال الفترة من 2022م حتى يونيو 2025م (26,152,669,820) ريالاً يمنياً.
رابعاً: الرقابة والإشراف الميداني
وجه النائب العام النيابات العامة بتكثيف التفتيش الدوري على السجون ومراكز التوقيف في جميع المحافظات المحررة، لضمان سلامة الإجراءات القانونية وحقوق المحتجزين.
وقد نفذت فرق التفتيش زيارات ميدانية شاملة، كان آخرها إلى أرخبيل سقطرى عام 2025م، ضمن خطة وطنية لمتابعة أوضاع الاحتجاز والحد من الانتهاكات.
خامساً: التمكين البشري والتأهيل
فعّل دائرة التدريب والتأهيل في النيابة العامة، ونظّم دورات تخصصية في مجالات التحقيق، ومكافحة المخدرات، وحقوق الإنسان، والتحري الجنائي.
كما أتاح برامج تأهيل لمأموري الضبط القضائي، وأعضاء النيابات الجدد، بالتعاون مع منظمات إقليمية ودولية.
سادساً: التحول الرقمي والإصلاح الإعلامي
انطلقت النيابة العامة نحو التحول الإلكتروني عبر:
نظام أرشفة رقمية متكامل للمعاملات والمراسلات.
استقبال الشكاوى عبر منصتها الإلكترونية الرسمية.
إنشاء دائرة إعلامية فاعلة تُغطي النشاط القضائي، وتعزز الشفافية وثقة الرأي العام بالعدالة.
سابعاً: الإنجازات الإحصائية
شهدت السنوات (2022–2025م) ارتفاعاً ملموساً في نسب إنجاز القضايا** على مستوى النيابات الابتدائية والاستئنافية، إذ بلغت في بعضها نسب الإنجاز أكثر من 95%.
كما تم توريد أكثر من 185 مليون ريال إلى حسابات الإيرادات العامة، إلى جانب المبالغ المستعادة، ليصل الإجمالي إلى نحو 26.3 مليار ريال.
ثامناً: التعاون القضائي الدولي
عزّز القاضي قاهر مصطفى حضور اليمن في المحافل القضائية العربية والدولية، عبر:
المشاركة في مؤتمرات الرابطة الدولية للنواب العموم (
IAP
) في تبليسي، لندن، باكو، وغيرها.
توقيع اتفاقيات تعاون قضائي مع كل من المغرب والسعودية ومصر لتعزيز تبادل الخبرات ومكافحة الجريمة المنظمة وتمويل الإرهاب.
تمثيل اليمن في الاجتماعات الدورية لجمعية النواب العموم العرب في المغرب وعُمان.
تاسعاً: القرار رقم (6) لسنة 2025م — حماية العملة الوطنية
شكّل التعميم رقم (6) لسنة 2025م بشأن حظر استخدام العملات الأجنبية بديلاً عن العملة الوطنية، خطوة جريئة في مواجهة المضاربة والتهريب المالي، تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء رقم (13) لعام 2025م.
أسهم القرار في تعزيز استقرار الريال اليمني وتقليص الاعتماد على العملات الأجنبية في المعاملات التجارية، رغم ما واجهه من مقاومة من بعض الجهات المستفيدة من الوضع السابق.
عاشراً: فرض الانضباط القانوني بالمنافذ
أصدر النائب العام توجيهات صارمة إلى السلطات المحلية والأمنية بمنع التصرف في المضبوطات الجنائية داخل المنافذ إلا بإشراف النيابة المختصة، ومنع أي تواجد أمني خارج الإطار الرسمي داخل المنافذ البرية والبحرية والجوية، مما شكّل خطوة مفصلية نحو استعادة هيبة الدولة وضبط الموارد العامة.
السيرة الذاتية بإيجاز
الاسم: القاضي قاهر مصطفى علي إبراهيم نور
الميلاد: 2 نوفمبر 1963م – كريتر، عدن
المؤهل العلمي: بكالوريوس قانون – جامعة عدن (1988م)
الحالة الاجتماعية: متزوج، وله أربعة أبناء
المناصب القضائية السابقة: شغل سلسلة من المناصب في نيابات شبوة، أبين، عدن، لحج، الضالع، وعدة مناصب استئنافية عليا، إلى أن عُيّن نائباً عاماً عام 2022م.
الأنشطة الدولية: شارك في مؤتمرات ودورات تدريبية في عدد من الدول (المغرب، مصر، الأردن، ألمانيا، الإمارات، وغيرها) حول مكافحة الفساد وحقوق الإنسان والقانون الدولي.
الخاتمة
إن مسيرة القاضي قاهر مصطفى ليست مجرد سيرة مهنية، بل نموذجٌ لإرادة إصلاحية جسّدت معنى الإيمان بالعدالة كقيمةٍ ورسالة.
فقد استطاع، رغم الظروف الصعبة، أن يعيد للنيابة العامة هيبتها ودورها الوطني، ويؤسس لبنية قضائية حديثة تنسجم مع تطلعات اليمن نحو دولة القانون والمؤسسات.
سيرته، وإن غابت عن الضوء الإعلامي، تظل واحدة من أنصع صفحات العدالة اليمنية الحديثة، تستحق التوثيق والتقدير بما يليق بمكانته ودوره الريادي في مسار الإصلاح القضائي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news