ساه .. حين تبكي المدن وتنهض من بين الركام

     
صوت العاصمة             عدد المشاهدات : 51 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
ساه .. حين تبكي المدن وتنهض من بين الركام

في مثل هذا اليوم، الرابع والعشرين من أكتوبر عام 2008، وقفت ساه مدينة الهدوء والنخيل والوادي والمروج الخضراء والنهر الجاري ، وقفت تبكي على ضفاف الوجع، تودّع ثلة من خيرة أبناءها ورجالها وحقولها ومزارعها وبيوتها التي جرفها سيلٌ عارم لم يُبقِ فيها سوى صدى البكاء والحسرة والذكريات الجميلة .

كان يوماً لا يُنسى، يوماً كُتب بالحزن على وجه الأرض، وارتسم في ذاكرة من عاشه ندبةً لا تمحوها السنون، هناك على صفاف وادي عدم، قرى جرفتها السيول ..وهنا في عاصمة المديرية مدينة ساه تغيّرت ملامح شرقها بلاد عبد الرحيم وغربها صيقة ال عامر وضواحبها شمالا وجنوبا ، وغرقت ساه وجنّتها الوارفة في طوفانٍ من الماء والدموع.

حين نذكر كارثة سيول ساه، فإننا لا نروي حادثةً مضت، بل نستعيد فصلاً من حكاية مدينةٍ كانت تنبض بالحياة، تحنو على نخيلها ومائها وثلة من خيرة الناس ، فإذا بها في لحظة تغدو شاهدًا على الفقد.

اختفت مراتع الصبا التي كانت تضج بضحكات الأطفال، وغابت غابة النخيل التي كانت تعانق السماء، تهاوت جذوعها تحت وطأة الماء، كما تهاوت القلوب أمام هول المشهد ، ففي تلك الليلة، لم يكن السيل مجرّد ماءٍ مندفع، بل كان وحشًا هائجًا يقتلع الذكريات من جذورها، اختلطت صرخات النساء برعد السماء، وغرقت دموع الرجال في زخّ المطر وجريان السيول ، أُطفئت المصابيح، وغرقت الشوارع، وبقيت ساه تنادي أبناءها أما من يتذكّر؟ أما من يعتبر؟.

اليوم بعد سبعة عشر عامًا، ما تزال ساه الجريحة تهمس في وجداننا أن الإهمال والنسيان قد يكونان أقسى من السيل نفسه، فالكارثة لم تكن فقط ما فعلته المياه، بل ما تلاه من صمتٍ طويل تجاه مدينةٍ تستحق أن تُرمَّم وتُنهَض من جديد ، وساه لم تمت ، عادت تنبض بروحٍ جديدة، ودبَّت في شرايينها حياة العصر، تمدّدت واتسعت، وتألقت بروحٍ حديثة، تستمد من الماضي قوتها ،ومن الحاضر ثباتها ، ومن المستقبل أملها ، واستعادت شيئًا من رونقها وابتسامتها، وعاد إليها صدى الخطى والضحكات في طرقاتها التي عرفها التاريخ، فعبق الماضي لا يغيب، يبقى محفورًا في القلوب كذكرى للحزن، وكإصرارٍ على الحياة .

ساه مدينةٌ تعشق البقاء، ترفض الانكسار، وتعلّمنا أن المدن التي تُحب الحياة، مهما طال ألمها، تنهض أجمل مما كانت ، فلنكتب في سجلها، في كل ذكرى 24 أكتوبر إن المدن لا تموت، ما دام في أهلها وفاء، وفي ذاكرتهم نبضٌ لا يُنسى.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

في تهديد مبطن للمملكة.. ما هي الشروط الثلاثة التي وضعتها جماعة الحوثي على السعودية؟

يني يمن | 802 قراءة 

انهيار غير مسبوق في صنعاء

كريتر سكاي | 590 قراءة 

ضبط شابين قادمين من مناطق سيطرة بكامل زينتهما وأناقتهما وبلباس النساء

عدن تايم | 539 قراءة 

مليشيا الحوثي تشن حملة مداهمات في ريف تعز وتستهدف منازل المدنيين

حشد نت | 475 قراءة 

تقرير | تنامي تهريب وإنتاج المخدرات.. هل تُعيد المافيا الإيرانية تموضعها في اليمن بعد خسارتها سوريا ولبنان؟

بران برس | 470 قراءة 

لماذا تعثرت عودة رئيس الحكومة سالم بن بريك إلى العاصمة عدن حتى الآن؟!

مراقبون برس | 441 قراءة 

عاجل:اشتعال معارك ضارية بين القوات الجنوبية وقوات أخرى

كريتر سكاي | 436 قراءة 

فيديو | رحلة تطور كهرباء مأرب منذ 2014 وحتى اليوم وخطتها المستقبلية.. حوار خاص مع مدير عام الكهرباء بالمحافظة عبدالهادي الشبواني

بران برس | 416 قراءة 

وزير حوثي يعود إلى الحياة بعد استهدافه بالهجوم الإسرائيلي على حكومته بصنعاء (شاهد)

المشهد اليمني | 403 قراءة 

لماذا هدد المدانيُّ الرزامي؟ نبيل الصوفي يكشف كواليس الصراع الحوثي

المرسى الاخباري | 403 قراءة