العيش بغريزة الزواحف
قبل 7 دقيقة
على نحو شائع، تظل "الزواحف" كائنات بدائية بما لها من غرائز عدائية لا ترى في الآخر سوى فريسة أو عدو صريح.. فيما أضحت "الثدييات" كائنات أكثر رقيا وتطورا، لامتلاكها نزوعا عاطفيا توجبه دوافع الأمومة ومقتضيات العيش الجماعي.
العلاقة بين الكائنات الحية، متواشجة ومتداخلة في سماتها وطبائعها، والجهود الحثيثة لرسم حدود واضحة بينها لا تحوز الرضى التام، لاسيما وهي تغفل حقيقة أن كافة الكائنات تتشارك ذات الغرائز والدوافع، وإن اختلفت في تدرجاتها وكثافتها.. وفي حين تمارس دوافع الغريزة سطوة غالبة على الزواحف.. تحتفظ الثدييات بذات الدوافع، إلى جانب ما لها من عواطف الحب والحنان ومظاهر الاهتمام والرعاية الذي تبديه كثير من الثدييات لصغارها وأفراد جنسها.
عندما يتعلق الأمر بالبشر، فإن تقييمنا لأنفسنا "كائنا اجتماعيا أكثر رقيا وتطورا"، يستبطن تحيزاً فائق الغرابة! ويخفي واقعا بائسا يؤشر على أن البشر ليسوا فقط أعداءً لغيرهم، بل لأنفسهم وجنسهم البشري.
لم يحدث أن ابتكر فأرا مصيدة للفئران، لكننا نفعل على نحو فاضح، والمخزون المرعب من الاسلحة النووية يكفي لإبادة كوكبنا ومن عليه مائة مرة.
غير ذلك، فالعلاقة البينية للبشر، لا تقل سوءا عن واقع سواها من كائنات، إن لم تفوقها رعباً.. وهي علاقة ظلت لقرون طويلة تستمد حضورها الطاغي من طيف واسع من المقولات والموروثات (من لا يَظلم الناس يُظلم، اذا لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب..،!! فيما الصور المتواترة عن حجم الإبادة الوحشية لأكثر من مليوني فلسطيني في غزة على يد المحتلين الصهاينة.. تجعلنا على يقين أن جزءا من أدمغتنا لا يزال يحوي مركب الزواحف.
الشر لا دين له.. ولا علاقة تلازمية بين الدين والعنف.. قدر ارتباط الأخير بظروف التنشئة المجتمعية المحمولة على خطاب تعبوي يعادي قيم التسامح والتعايش ويكرس ثقافة الكراهية، ولا يجد في الآخر المختلف سوى عدو وخطر يجب إزالته.. وهو خطاب يظفي طابعا قاتما ومفجعاً عن حقيقة كون عالمنا، مكان غير آمن، بل وممتليء بالشر والظلام.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news