كشفت جنازة رئيس أركان مليشيا الحوثي، محمد الغماري، عن تصدّع غير مسبوق في البنية الأمنية للجماعة، بعد أن غابت عنها بشكل شبه كامل قيادات الصفين الأول والثاني، في مشهد عكس حالة الارتباك والخوف التي تسيطر على أجنحة المليشيا الموالية لإيران منذ الضربات الإسرائيلية الأخيرة.
وانطلقت مراسم التشييع من مسجد الصالح إلى ميدان السبعين وسط صنعاء، في فعالية قصيرة ومحدودة الحضور، اقتصرت على شخصيات ثانوية، بينما اختفت الوجوه البارزة من العائلة الحوثية والقيادات العسكرية والأمنية والسياسية.
ووفقاً لوكالة “سبأ” التابعة للحوثيين، فقد تصدر الموكب كل من محمد صالح النعيمي، عضو المجلس السياسي الأعلى، ومحمد مفتاح القائم بأعمال رئيس حكومة المليشيا، إلى جانب مفتي الجماعة شرف الدين، من دون أي مشاركة تُذكر من كبار القادة المعروفين.
غياب منسق يعكس مخاوف أمنية
ويرى مراقبون أن الغياب الجماعي للقيادات لم يكن بسبب ضيق الوقت في إجراءات الدفن، بل جاء كخيار أمني محسوب يعكس حجم الاختراقات التي تعاني منها الجماعة، وانعدام الثقة في منظومتها الأمنية بعد سلسلة الاستهدافات التي طالت شخصيات بارزة خلال الأسابيع الماضية.
ورغم الحشد الجماهيري الذي حاول الحوثيون إظهاره، غاب جميع وزراء حكومة الجماعة تقريبًا، بما في ذلك وزيرا الدفاع والداخلية.
كما رجّحت تقارير إسرائيلية أن وزير الدفاع محمد ناصر العاطفي ربما كان من بين المستهدفين في الغارة التي قُتل فيها الغماري أواخر أغسطس الماضي.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه الجماعة تعيين يوسف المداني رئيسًا جديدًا لهيئة الأركان، لم يظهر الأخير خلال مراسم التشييع، رغم مكانته التنظيمية الرفيعة وانتمائه إلى إحدى الأسر المؤثرة داخل الحركة.
اختفاء سياسي موازٍ
ولم يقتصر الغياب على القيادات العسكرية، إذ شمل أيضًا الشخصيات السياسية والمدنية الأبرز في سلطة الحوثيين، من بينهم مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى، ومحمد علي الحوثي، وأحمد حامد مدير مكتب الرئاسة، الذي يُعد أحد أعمدة نفوذ الجماعة في صنعاء.
كما غاب عن الجنازة صادق أبو راس، رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام الموالي للحوثيين، إلى جانب القيادي سلطان السامعي، الذي كان من أوائل من تحدثوا عن اختراق الأجهزة الأمنية للجماعة من قبل إسرائيل.
هذا الغياب الجماعي غير المسبوق، في جنازة واحدة من أكبر شخصيات الحوثيين العسكرية، يؤشر إلى حجم الأزمة الداخلية التي تمر بها الجماعة، ويكشف عن هشاشة منظومتها الأمنية التي باتت تحت ضغط غير مسبوق منذ بدء الضربات الإسرائيلية الأخيرة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news