يمن ديلي نيوز
: في أجواء احتفالية أقيمت في العاصمة القطرية الدوحة، الخميس الماضي 16 أكتوبر/ تشرين الأول، عاش الكاتب اليمني الشاب حميد الرقيمي لحظات مفعمة بالتوتر والترقب قبل أن يُعلن اسمه فائزًا بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها الحادية عشرة عن روايته “عمى الذاكرة”، ضمن فئة الروايات المنشورة.
كان المشهد لحظة استثنائية بالنسبة للكاتب حميد الرقيمي، ليس في مسيرته الأدبية فحسب، بل في الحضور اليمني على الساحة الثقافية العربية.
في حوار خاص أجراه “يمن ديلي نيوز” عقب إعلان فوزه، يتحدث الرقيمي عن مشاعره الأولى، ودلالات فوزه، ورحلته مع الكتابة، مقدمًا رسائل للشباب اليمني، وإلى كل من يرى في الأدب طريقًا للنجاة والمعرفة.
إلى نص الحوار:
•
بداية كيف استقبل إعلان فوزك بجائزة كتارا للرواية العربية؟
شكراً لكم على هذا الحوار، وفي الحقيقة، استقبلت الخبر بسعادة كبيرة وشعور غامر بالفخر، ليس لأنني فزت شخصيًا فقط، بل لأن الرواية اليمنية وصلت من خلال هذا العمل إلى محفل عربي ودولي يحتفي بها.
كنت أتابع الحفل والقلب يخفق بسرعة، وحين سُمع إسمي، شعرت أن تعب السنوات الماضية لم يذهب سدى.هذا الفوز هو ثمرة جهد امتد لثلاث سنوات من الكتابة المتواصلة، وتجسيداً لإيمان عميق بأن الأدب اليمني قادر على أن ينافس عربيًا. إنه تتويج للرواية اليمنية بشكل عام، ودافع قوي للشباب اليمني لكي يؤمن بقدراته ويعمل بجد ليصل إلى مثل هذه المنصات الرفيعة.
•
ما الذي يمثله لك هذا الفوز على المستوى الأدبي والشخصي؟
الفوز بجائزة كتارا يعني الكثير لأي كاتب، فهي تفتح آفاقاً جديدة للوصول إلى عدد أكبر من القراء، وتمنحك فرصة لأن تُقرأ وتُناقش من قبل النقاد والدراسات الأكاديمية.
لكن بقدر ما هو إنجاز، فهو أيضاً مسؤولية كبيرة، تلزمني بأن أطور نفسي فكرياً ومعرفياً، وأن أقدّم في المستقبل أعمالاً أعمق وأكثر نضجاً. لقد أصبحت الآن جزءاً من قائمة محدودة اختيرت من بين مئات الأعمال، وهذا يحفزني على أن أكون على قدر هذا الإنجاز في القادم.
•هل كنت تتوقع الفوز؟ وكيف كانت رحلتك مع الترشيحات؟
لم أكن أفكر كثيراً بالجائزة في البداية. مشاركتي كانت مصادفة، وكان هدفي الأساس أن أقدم عملاً يمنح الرواية اليمنية حضوراً في المشهد العربي.
توقعت فقط أن تصل الرواية إلى القائمة الطويلة، وقرأت الخبر دون انتظار النتيجة.لكن عندما وصلت إلى القائمة القصيرة، شعرت بفرح عميق ربما فاق فرح الفوز نفسه، لأن تلك اللحظة منحتني تفاؤلاً كبيراً وإحساساً بأن الرواية اليمنية بدأت تجد طريقها نحو التقدير.
•
روايتك “عمى الذاكرة”.. ما الذي يميزها برأيك عن غيرها؟
في الحقيقة، لا أستطيع أن أقيم عملي، فذلك متروك للنقاد والمتخصصين.
لكن يمكنني القول إنها رواية صادقة وإنسانية وعميقة نفسياً، تناولت قضايا متعددة بأدوات مختلفة، وحاولت أن تقدم صورة حقيقية عن التغريبة اليمنية وما تحمله من معاناة وأمل في آنٍ واحد.عنوان الرواية “عمى الذاكرة” هو تعبير مجازي، ومن يقرأها سيدرك تماماً الغرض من هذا العنوان، ومدى ارتباطه بأحداث الرواية وشخصياتها.
في الواقع، لا يوجد بطل واحد، فكل شخصية هي بطلة بطريقتها الخاصة، وكلها تمثل الإنسان الذي يكابد ويناضل ويبحث عن ذاته وسط فوضى لا ترحم.
•
ما المضمون الذي حملته الرواية وإلى ماذا هدفت؟
نعم، مضمون الرواية يتجاوز الإنسان اليمني إلى الإنسان في كل مكان. هدفي لم يكن محلياً ضيقاً، بل أن أقدم عملاً يعبر عن الإنسان المقهور في أي زمان ومكان.
حتى في الإهداء، كتبت أنها مرافعة في وجه الظلم، مهداة إلى ضحايا الحرب، وإلى من ضاعوا في الصحاري والجبال والبحار بحثاً عن الحياة والذات، ولم يجدوا أنفسهم حتى الرمق الأخير.
•
حبذا لو يعرف القارئ من هو الروائي اليمني حميد الرقيمي وكيف بدأ مسيرته؟
حميد الرقيمي هو قارئ قبل أن يكون كاتباً، وجاء من صلب التجارب والتحديات.عشتُ تجارب كثيرة كانت أكبر من عمري، وشكلت وعيي بطريقة مختلفة.
القراءة لعبت دوراً محورياً في صقل رؤيتي للحياة، ومنحتني النفس السردي الذي أعبّر به اليوم.الحياة، رغم قسوتها، منحتني الكثير، وعلّمتني أن الصعوبات تصنع منك إنساناً أقوى وأكثر عمقاً، وأن المعاناة أحياناً تفتح أمامك آفاقاً لم تكن تراها.
•
حدثنا عن أعمالك السابقة إلى جانب “عمى الذاكرة”؟
لدي حتى الآن ثلاثة أعمال أدبية:ـ “حنين مبعثر” – أول إصدار لي، يضم نصوصًا أدبية ذات طابع وجداني وإنساني.ـ “الظل المنسي” – رواية حاولت من خلالها أن أقدم رؤية سردية مختلفة عن الإنسان المنكسر والمنفي داخله.ـ “عمى الذاكرة” – الرواية الفائزة بجائزة كتارا، والتي تعتبر ذروة تجربتي حتى الآن.
كل عمل منها يمثل مرحلة فكرية ونفسية مختلفة في حياتي، ولا أفضل أحدها على الآخر، لأن كل نص هو جزء مني”.
•
ما الرسالة التي تود توجيهها للشباب اليمني بعد هذا الفوز؟
رسالتي بسيطة وصادقة أولاً شكراً لكم على تسليط الضوء على هذا الموضوع، وثانيا للشباب ابقوا أقوياء، وتسلحوا بالمعرفة، وانظروا إلى أنفسكم بعين الرضا مهما كانت التحديات.
الفرصة ستأتي في الوقت الذي لا تتوقعونه، فقط استمروا في العمل والإيمان بأن ما تقدمونه يستحق.أشكر كل من ساندني، وكل من آمن بأن الرواية اليمنية قادرة على أن تكون في الصفوف الأولى عربياً ودولياً.
لمن تهدي هذا الفوز؟
أهديه لكل من يعيش بين الأمل والانكسار، لكل من كتب ولم يجد من يقرأه، ولكل من ظل مخلصًا للحلم رغم ضجيج العالم.ويختتم الروائي اليمني حميد الرقيمي بالتأكيد على أن فوزه هو فوز للإنسان الباحث عن نفسه وسط فوضى الذاكرة، ورسالة بأن اليمن، رغم معاناته، لا يزال قادرًا على الإبداع والإلهام، وإنتاج أدب يليق بالإنسانية جمعاء.
مرتبط
الوسوم
الكاتب اليمني حميد الرقيمي
جائزة كتارا للرواية العربية
حوار صحفي
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news