أثيرت قضية انفصال جنوب اليمن مجدداً إلى الواجهة السياسية والإعلامية بعد التصريحات الأخيرة لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، التي أكد فيها أن تقسيم البلاد إلى دولتين هو الحل الوحيد الممكن. تأتي هذه التصريحات في ظل تعقيدات سياسية وأمنية متزايدة، وتأتي في وقت تشهد فيه اليمن انقساماً فعلياً على الأرض بين الشمال الذي يسيطر عليه الحوثيون، والجنوب الذي يسيطر عليه المجلس الانتقالي.
يعود التوتر بين الشمال والجنوب إلى ما قبل الوحدة عام 1990، حيث كانت هناك دولتان مستقلتان. يشعر العديد من الجنوبيين بالتهميش السياسي والاقتصادي منذ الوحدة، ما أدى إلى نشوء حركات انفصالية، أبرزها "الحراك الجنوبي". وقد تعمقت هذه الانقسامات مع الحرب الأهلية التي اندلعت في عام 2014، ما أدى إلى تفكك الدولة اليمنية وتشكيل مراكز قوى متعددة.
حيث يسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات العربية المتحدة، فعلياً على معظم الأراضي الجنوبية، ويسعى إلى تعزيز نفوذه العسكري والسياسي.
ويرى قادة المجلس الانتقالي الجنوبي أن أي اتفاق سياسي مع الحوثيين الذين يسيطرون على الشمال هو أمر مستحيل.
لم تنجح الاتفاقيات السابقة، مثل "اتفاق الرياض"، في حل الخلافات بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والمجلس الانتقالي، ما زاد من الشكوك حول إمكانية العيش المشترك.
ويشير بعض المحللين إلى أن بعض القوى الإقليمية، مثل السعودية والإمارات، قد تكون مستفيدة من وجود دولتين ضعيفين في اليمن، أو على الأقل تفضل هذا الخيار على الصراع المستمر.
وهناك تزايد للمطالب الانفصالية في الشارع الجنوبي، خاصة في ظل استمرار الحرب وتدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية.
ويواجه الجنوب تحدياً كبيراً في الحصول على الاعتراف الدولي الكامل بانفصاله، حيث أن المجتمع الدولي لا يزال يتعامل مع اليمن كوحدة واحدة.
وقد يؤدي الانفصال إلى تصاعد الصراع مع الحوثيين أو مع قوى أخرى في الشمال، ما يهدد استقرار المنطقة بأسرها.
وبنفس الوقت يواجه الجنوب نفسه انقسامات داخلية بين فصائله المختلفة، وقد يؤدي الانفصال إلى صراعات جديدة على السلطة.
قد يزيد الانفصال من تعقيد الأزمة الإنسانية والاقتصادية، خاصة وأن اليمن يعتمد على المساعدات الدولية بشكل كبير.
وبالرغم من التحديات، فإن الانقسام الفعلي في اليمن، وتصاعد المطالب الانفصالية في الجنوب، يشير إلى أن فكرة الانفصال لم تعد مجرد حديث، بل أصبحت واقعاً سياسياً وجغرافياً. ويبقى السؤال حول مستقبل اليمن مرهوناً بتطورات الصراع، ومواقف القوى الإقليمية والدولية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news