[16/10/2025 07:21]
لحج - سبأنت - عيدروس زكي السَّقَّاف
في الرابع عشر من أكتوبر 1963 م، لم تكن اليمن تشهد انتفاضةً عابرة، في وجه المستعمر البريطاني، بل كانت تستعيد حقها في أن تكون صوتاً حُرَّاً، وروحاً لا تلين، فمن جبال رَدفَان الشَّمَّاء بمحافظة لحج، انطلقت الصيحة الأولى، لا لتُعلِن العصيان فحسب، بل لتوقظ في الوجدان معنى الكرامة، الذي حاول الاستعمار طمسه طويلاً، وكانت الثورة ولادة وعيٍ جمعيٍّ جديد، وميلاد وطنٍ قرَّر أن يكتب تاريخه بيده، وأن يصوغ مستقبله بدماء أبنائه الأحرار، الذين أدركوا أن السيادة لا تُستَجدَى، و إنما تُستَعاد بالإيمان والتَّضحية والعمل.
واليوم، بعد مضي 62 عاماً، ما تزال ثورة 14 أكتوبر، تظل فينا حياة لا تذبل، تستحضر فينا أن الثورة ليست زمناً مضى، بل رسالة ممتدَّة في كل جيلٍ يصون إرث الحرية، ويحوِّل مبادئها إلى بناءٍ، وتنميةٍ، وعدالةٍ اجتماعية، إنها الذكرى التي تُعِيد للوطن بريقه، وللشعب ثقته، وتُجدِّد فينا القَسَم بأن الكرامة، التي صُنِعَت بالنار والحديد، ستبقى مصونة بالوعي والعزيمة.
الثورة.. كرامة شعب صامد
ويؤكد محافظ محافظة لحج، اللواء الركن أحمد تُركي، إن ثورة 14 أكتوبر 1963 م الخالدة، لم تكن مجرَّد لحظة زمنية، بل كانت انبعاثاً لضمير الوعي الوطني الجمعي، وإشراقة لإرادة أُمَّة، رفضت الخضوع للظلم والاستعمار، وجَسَّدَت هذه الثورة المجيدة، كرامة شعب صمد أمام القهر، وأعلَنَت للعالم أجمع، أن الاستقلال الحقيقي، لا يُمْنَح، بل يُصْنَع بالإرادة والعمل والمثابرة المستمرَّة، وأن بالثورة يسود نبض الوطن خفَّاقاً دفَّاقاً رقراقاً، وستظل مصدر إلهامٍ دائمٍ لمسيرة النهوض الوطني المتواصل، التي تستمد قوَّتها من جذوة النضال الأكتوبري وروحه المتَّقدة.
وأضاف المحافظ تُركي في حديث لوكالة الانباء اليمنية (سبأ) بمناسبة العيد الوطني الـ ٦٢ لثورة الـ ١٤ من اكتوبر"إن ثورة 14 أكتوبر، رُوحٌ تتدَّفق في نفوس اليمنيين، تجعل كل تَحَدٍّ فرصة لإثبات الذات، وتذكِّرنا بأن الانتصار يبدأ من القلب، قبل أن يتحقَّق في الواقع، وعَظَمَة هذه الثورة في ذكراها الـ 62 تتجلَّى، اليوم، في شعور كل فرد بأنه جزء من كيان متكامل، وأن الالتزام بالقيم المشتركة، قوَّة خفيَّة تربطنا جميعا، وكل مبادرة خيِّرة، وكل عمل يساهم في تعزيز التضامن، هو امتدادٌ لروح الثورة، وتجسيدٌ حي لإدراكنا بأن الوطن مسؤولية متكاملة، قبل أن يكون حقاً مكتسباً، فهذا الانتماء العميق، هو ما يجعلنا مجتمعاً نابضاً بالقيم والواجب".
واشار محافظ لحج، الى إن التاريخ ليس مجرَّد أحداث مرَّت، و إنما كذلك هو مرآةٌ تُظْهِر عمق العزم، ومجد الصُّمود، وثورة 14 أكتوبر، عَبَّرَت عن قدرة الإنسان اليمني، على استعادة كرامته، وتأكيد حريته، واستحضار بطولات المقاتلين، وصبر النساء والأطفال، يعلِّمنا أن الكرامة تُبنى بالتَّضحية، وأن كل المكاسب الضَّخمة، التي في حاضرنا اليوم، هي ثمرة ثبات وإقدام أجيال حَمَلَت الوطن على أكتافها".
ونوه المحافظ تُركي، إن كل مشروع تنموي، من المدارس، والمراكز الصحية، إلى المبادرات الاقتصادية، والاجتماعية، ليس هو بناء مادي فحسب، بل انعكاس فعلي شاهد، لحماسة النضال الثوري، وقيمه الأصيلة..مؤكداً ان التنمية الحقيقية هي ترجمة المبادئ، إلى واقع ملموس، يعزِّز كرامة الإنسان، ويمنحه الحياة الكريمة، وكل خطوة نخطوها هي رسالة وفاء للأجداد، وتجسيد لعزيمة الأجيال القادمة، في استكمال المسيرة.
ويرى المحافظ تركي، أن التعليم، هو الميدان، الذي تُصاغ فيه شخصيَّات الغد، وهو الأداة الأشد فاعلية، لحماية الوطن من الجهل والتراجع، وكل طالب يتعلَّم تاريخ أمَّته، وكل معلِّم يزرع القيم في النفوس، هو صانع للحرية، وراعي للكرامة، وعلينا أن نرسم البيئة التعليمية، التي تغذِّي الفكر، وتغرس الشعور بالمسؤولية، وتفتح للجيل المقبل الصاعد، أفقاً واسعاً لفهم دوره، في استمرار النهضة الوطنية.
وأوضح أن الشباب هم النبض الحي للثورة، يحملون بين أيديهم مشعل الحرية، ويعيدون صياغة أهدافها، بما يتوافق مع روح العصر، فطاقتهم، وأفكارهم، ومبادراتهم هي الضمانة لاستمرار المسيرة الوطنية، لأنهم قادرون على مواجهة التَّحدِّيات، وتحويل إمكاناتهم الفكرية، إلى إنجازات عملية، لتصبح الثورة مستمرَّة في وجدان كل جيل، وحياة متجدِّدة في حاضر الوطن ومستقبل شعبه.
ويقول المحافظ تُركي "إن المرأة اليمنيةً لم تكن مجرَّد شاهد على التاريخ، بل إنها صانعة له بوجودها، ومساهماتها الفاعلة في مختلف المجالات، وتمكينها ودعم جهودها ليس واجباً أخلاقياً فقط، وإنما هو أيضاً شرط ضروري، لديمومة التنمية، وحماية منجزات الوطن، وإعطاء أجيال المستقبل، نموذجاً حياً، عن الشجاعة والعطاء والمساهمة الفعلية، في بناء مجتمع متماسك".
وأعاد محافظ محافظة لحج، إلى الأذهان، بطولات الشهداء، بقوله "لن ننسى أبداً، من ضحُّوا بأرواحهم من أجل الوطن، الذين ساروا في دروب محفوفة بالمخاطر، وواجهوا الظلم بقوَّة الإرادة والصبر، فإن كل ملحمة، وكل تضحية، هي حجر أساس في بناء الحرية والكرامة، واستحضار هذه المآثر، يذكِّرنا بأن الوطن يُصَان بالوعي والشجاعة، وأن كل إنجاز نحقِّقه اليوم، هو استمرار لرُوح البطولة، التي أرستها الثورة الأكتوبرية".
وينوِّه المحافظ تُركي، بأن الاحتفال بذكرى ثورة 14 أكتوبر، اليوم، هو منصة لإعادة رسم رُوح الثورة من خلال الثقافة والفنون والإبداع، فكل تجربة فنيَّة، وكل مشروع ثقافي، وكل نقاش تاريخي، يعيدنا إلى جوهر الثورة، ويمنح الحاضر أبعاداً جديدة للفهم والتجربة، والقدرة على تغيير التاريخ، إلى معايشة عملية تفتح آفاق التفكير، وتربط الماضي بالحاضر والمستقبل، لتجعل الثورة شريان حياة، في وجدان كل مواطن، وإيقاعاً متوهِّجاً لوطن يزدهر بالوجود.
واختتم محافظ محافظة لحج، حديثه قائلاً: "إن ذكرى ثورة 14 أكتوبر، ليست مجرَّد تأمل في الماضي، بل دعوة صريحة للعمل والبناء، وعلينا أن نستثمر رُوح الثورة، في تطوير المؤسسات، وترسيخ مداميك التنمية المستدامة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والمواطنة المتساوية، فالمستقبل وطننا جميعاً، ونحن مسؤولون، عن أن نجعله مشرقاً وعادلاً، وأن نواصل المسيرة برُوح الثورة، مؤمنين بأن الحرية والكرامة، هما حق لكل إنسان، وأن كل جيل، يجب أن يكون حاملاً للشعلة، في طريق الاستقلال والنهضة".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news