قبل 62 عاماً، دوّت في جبال ردفان شرارة ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، معلنةً ميلاد فجر جديد للوطن اليمني، الذي خرج من بين رماد القهر ليصنع حريته بيديه، ويستعيد كرامته وسيادته. لم تكن تلك الثورة مجرد انتفاضة ضد الاستعمار، بل كانت مشروعًا وطنيًا متكاملاً أسّس لمسار دولة تسعى إلى البناء، وتحمي الإنسان والأرض معًا.
ومع مرور العقود، بقيت ثورة أكتوبر رمزًا خالدًا لقدرة اليمنيين على تحويل التحديات إلى فرص، إذ امتدت جذوتها من ميادين النضال إلى ساحات التنمية والإعمار، لتثمر أمنًا واستقرارًا ووعيًا ثقافيًا واقتصاديًا متجددًا.
وفي هذه المناسبة الوطنية الخالدة، استطلعت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) آراء عدد من القيادات التنفيذية في محافظة لحج حول أثر الثورة ومعانيها المتجددة في مسيرة التنمية والبناء.
الأمن.. درع الثورة وحارس الاستقلال
يشير نائب مدير عام شرطة لحج، العميد الركن علي أحمد عامر، إلى أن الثورة لم تكن لتنتصر لولا جهاز أمني وطني قوي حمى ظهر الثوار، ووحّد الصف في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
ويقول: “الاستقلال أرسى دعائم مؤسسة أمنية وطنية تُعنى بحماية المواطن، لا بقمعه، وانتقلت الشرطة من أداة استعمارية إلى مؤسسة خادمة للشعب، ترافق مسيرة البناء بكل مسؤولية”.
ويؤكد أن تجديد روح أكتوبر اليوم يتمثل في تطوير الأجهزة الأمنية وتعزيز قدراتها، لأن حماية الاستقرار هي الامتداد الطبيعي لمعركة التحرر الوطني.
البيئة.. وجه آخر للحرية
من جانبه، يرى مدير فرع الهيئة العامة لحماية البيئة بلحج، المهندس فتحي عبدالله الصعو، أن التحرر الوطني لم يكن تحريرًا للإنسان فحسب، بل كان أيضًا إنقاذًا للطبيعة من الاستنزاف.
ويقول إن مرحلة ما بعد الاستقلال شهدت تأسيس الوعي البيئي وسن القوانين لحماية المياه والسواحل والمحميات الطبيعية، معتبرًا أن حماية البيئة أصبحت جزءًا من الكرامة الوطنية وحقًا للأجيال القادمة.
ويضيف: “الاستدامة البيئية تجسّد المسؤولية الوطنية المشتركة، وتمثل استمرارًا لقيم الثورة في الحفاظ على الحياة والإنسان”.
الثقافة.. سلاح الوعي وحارس الهوية
أما مدير مكتب الثقافة بمحافظة لحج، باسل فيصل علوي، فيؤكد أن ثورة أكتوبر لم تكن نصرًا سياسيًا فقط، بل كانت نهضة ثقافية أعادت للهوية اليمنية مكانتها بعد أن حاول الاستعمار طمسها.
ويشير إلى أن الدولة عقب الاستقلال دعمت الفنون والآداب، وأنشأت المسارح ودور السينما والمكتبات، لتتحول الثقافة إلى أداة توعية وبناء وطني.
ويضيف: “اليوم، استمرار روح الثورة يعني دعم الفنون والمواهب وإحياء الفعاليات الثقافية لتظل الثقافة مرآة الوعي وذاكرة الوطن”.
الكتاب.. منارة الوعي الوطني
ويؤكد مدير فرع الهيئة العامة للكتاب والنشر بمحافظة لحج، رياض عبدالجليل ردمان، أن الثورة أسست لحركة ثقافية هدفت إلى تعزيز الانتماء الوطني وتوسيع دائرة المعرفة.
ويقول إن إنشاء المكتبات العامة ودعم النشر المحلي أتاحا وصول المعرفة إلى الجميع، لتصبح القراءة سلاحًا في مواجهة الجهل والتبعية.
ويشدد على أن الوفاء لثورة أكتوبر اليوم يتمثل في استمرار دعم الكتاب والمثقفين وتوسيع مشاريع النشر للحفاظ على الإرث الثقافي للأجيال القادمة.
الاقتصاد.. بحر العطاء ورافد الاستقلال
بدوره، يوضح مدير فرع الهيئة العامة للمصائد السمكية في خليج عدن، أحمد ذيبان الصبيحي، أن ثورة أكتوبر لم تحقق الحرية السياسية فحسب، بل أطلقت نهضة اقتصادية شملت قطاع الثروة البحرية.
ويقول إن الاستقلال شهد تطوير موانئ الصيد وتدريب الصيادين وتحسين أدوات الإنتاج، ما رفع مستوى معيشة الأسر العاملة في هذا المجال، ورسخ مفهوم الاستدامة الاقتصادية.
ويضيف: “الاستثمار في تطوير المصائد وحماية الثروة البحرية هو استكمال لمسيرة التحرر الوطني، لأن الاعتماد على الذات هو جوهر الاستقلال الحقيقي”.
وبين الأمن والثقافة والبيئة والاقتصاد، تظل ثورة الرابع عشر من أكتوبر شعلة متقدة في ضمير اليمنيين، ومصدر إلهام دائم لمواصلة البناء، وصون الكرامة، وحماية الأرض والإنسان.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news