بقلم/ عبدالله المعالم
تعاملت مصر بذكاء وهدوء وثقة مع ملف غزة والأحداث المشتعلة في المنطقة، فلم تنجر وراء ردات الفعل المتهورة، ولم تدخل سباق الشعارات والمزايدات. حافظت على قوتها وهيبتها في الوقت الذي لعبت فيه بعض القوى الإقليمية دور الاستفزاز والابتزاز السياسي والإعلامي، محاولة جرّ القاهرة إلى مواقف متسرعة أو انفعالية تخدم أجندات ضيقة.
على مدى عامين كاملين من النار والحصار والدمار، سعت القاهرة في العلن وخلف الكواليس لأيقاف الحرب وتمسكت بالصبر وعين الحكمة فلم تستدرجها التصريحات الرنانة، ولم تجرّها الصواريخ العبثية إلى مغامرات غير محسوبة. فرضت قوتها دون أن تطلق رصاصة تهوّر واحدة، وبقيت هيبتها ثابتة كالأهرام، ما دام فيها جيشها العظيم وقيادتها الحكيمة وشعبها الواعي.
رفضت مصر فخ التهجير واحتفظت بثوابتها
ومنذ اليوم الأول، أعلنت مصر موقفا وطنياً وإنسانيا واضحاً وثبتت على موقفها (لا تهجير، لا تصفية للقضية الفلسطينية).
وهو موقف لم يكن سهلاً في ظل ضغوط هائلة ومساومات دولية حاولت تمرير مشاريع خطيرة على حساب الشعب الفلسطيني وعلى حساب مصر واشقاء فلسطين.
لكن مصر، بقيادتها الصلبة، رفضت الانصياع لأي ضغوط، وتمسكت بثوابتها القومية والتاريخية. كانت القاهرة بوابة الحياة لغزة، إذ قدمت الدعم الإنساني والطبي والسياسي، واستقبلت الجرحى، ودفعت بكل ثقلها الدبلوماسي لوقف الحرب وإنقاذ ما تبقى من المدنيين.
وجاءت اتفاقية إيقاف الحرب في غزة التي وُقعت في شرم الشيخ لتكون ضربة سياسية قوية عززت مكانة مصر الإقليمية والدولية، وأثبتت أن مصر حين تتحرك، يتغير ميزان القوى في المنطقة.
اتفاقية شرم الشيخ لم تكن مجرّد نهاية حرب، بل بداية مرحلة جديدة تؤكد أن السلام لا يُفرض بالقوة، بل بالحكمة والمسؤولية.
حنكة القيادة المصرية
بدهاء وحنكة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أدارت مصر هذا الملف المعقد بأعلى درجات الحكمة والمسؤولية. لم يتاجر الرئيس بالقضية، ولم يرفع شعارات فارغة، بل عمل بصمتٍ محسوب، واضعًا نصب عينيه أمن مصر القومي، ومصلحة الشعب الفلسطيني، واستقرار المنطقة.
في الوقت الذي كانت فيه بعض العواصم تزايد بالشعارات، كانت القاهرة تُنسق وتفاوض وتضغط من خلف الكواليس لإنقاذ الأرواح، ولضمان أن أي اتفاق لا يكون على حساب الشعب الفلسطيني ولا على حساب الأمن المصري.
تعليقات الفيس بوك
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news