عبور الأرض والوجدان العربى

     
اليمن الاتحادي             عدد المشاهدات : 80 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
عبور الأرض والوجدان العربى

*عزالدين سعيد الأصبحى:

**يصادف اليوم السادس من أكتوبر الذكرى الثانية والخمسين لانتصارات أكتوبر المجيدة، ذلك اليوم الذى لم يكن مجرد معركة عابرة فى سجلات الحروب، بل محطة فاصلة غيّرت مسار التاريخ العربى، وصاغت وجدان جيل بكامله. لقد شكّل السادس من أكتوبر 1973 علامة فارقة فى الصراع العربى الإسرائيلى، وحدثاً عظيما أعاد للأمة العربية ثقتها بقدرتها على استعادة الأرض والكرامة.

لم يكن الانتصار عسكرياً فحسب، بل كان انتصاراً فى الروح والمعنى، فى الشعر كما فى الميدان. ولعل قصيدة الدكتور عبدالعزيز المقالح، «قصيدة العبور»، واحدة من أصدق الشهادات الشعرية على ذلك النصر. تلك القصيدة تحولت إلى نشيد وجدانى يخلّد لحظة العبور العظيم، حيث تلاقت الكلمة مع البندقية، والقصيدة مع هدير الدبابات، فى مشهد يختزل طموحات العرب وأحلامهم بعد انكسار 1967. فى أبياته، رسم المقالح مشاهد الجنود المصريين وهم يندفعون لعبور القناة، فيما كانت القلوب العربية جميعها تعبر معهم، تتلاحم فى صيحة واحدة ضد الانكسار. لم تكن تلك الأبيات كلمات على ورق، بل وثيقة وجدانية عميقة، تشهد على حلم جماعى لطالما انتظره العرب؛ حلم الانتصار واسترداد الكرامة.

أتذكر فى سنوات الدراسة الأولى، كيف كانت كتب النصوص فى الثانوية العامة باليمن تحتفظ بالقصيدة نفسها، وقد كنا ندرس آنذاك المناهج المصرية ذاتها. يقف الأستاذ، وهو شاعر مصرى أيضاً، طويلاً أمام قصيدة المقالح، ونحن نكاد نطير فرحاً حين نرى اسماً يمانياً فى كتاب مصرى. كان ذلك المشهد تجسيداً حياً لوحدة وجدانية وثقافية عميقة، ولتاريخ طويل من التلاقى العربى.

وفى قريتى البعيدة، كان الناس يتفاخرون بأبنائهم الذين ذهبوا إلى جبهات القتال فى مصر وسوريا. ما زالت حكايات الشهيد الطيار عمر غيلان الشرجبى تتردد كأنها أساطير، وهو الذى حلق بطائرته فى سماء الجولان السورى، وقاتل حتى ارتقى شهيداً. تلك القصص لم تكن مجرد حكايات بطولة فردية، بل كانت مرايا تعكس معنى التضامن العربى، ودماء امتزجت على ثرى مصر وسوريا فى معركة واحدة.

يحكى الآباء بحنين مبلل بالدموع أن السادس من أكتوبر كان أكثر من حرب تحرير، كان ملحمة استرداد كرامة، وإعلاناً بأن الأمة ليست مجرد جغرافيا متفرقة، بل روح واحدة إذا نهضت استطاعت أن تصنع المستحيل. وبعد مرور أكثر من خمسة عقود، يعود أكتوبر محمّلاً بالذكريات، لكنه أيضاً محاط بالوجع القادم من غزة الجريحة اليوم. ومع ذلك، يبقى السادس من أكتوبر 1973 علامة مضيئة، ودليلاً على أن العزيمة العربية قادرة، متى اجتمعت، أن تهزّ حتى أعتى الجدران. لم تكن الحرب مجرد صدام عسكرى، بل كانت لحظة استراتيجية غيّرت موازين القوى، وكسرت صورة «الجيش الذى لا يُقهر»، وفتحت الأفق لمسار سياسى جديد.

اليوم، تُستحضر حرب أكتوبر كرمز خالد للوحدة العربية، وكشاهد على أن المعارك الكبرى لا تُحسم بالسلاح وحده، بل بالإرادة الشعبية والتضامن. لقد أثبتت تلك الحرب أن الشعوب حين تؤمن بعدالة قضيتها، يمكنها أن تغيّر المعادلات مهما بدت مختلة. ولعل الرسالة الأبدية التى تركها لنا السادس من أكتوبر، أن الأرض والكرامة لا تسترد إلا بالإرادة، وأن القصيدة مثل الرصاصة، قادرة على أن تفتح الطريق نحو الفجر.

* سفير بلادنا لدى المملكة المغربية

**نقلا عن جريدة الاهرام المصرية

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

غارات جوية تستهدف صعدة

كريتر سكاي | 749 قراءة 

نتنياهو يتوعد: سنزيل تهديد حزب الله والحوثيين مهما كان الثمن

حشد نت | 719 قراءة 

عاجل: غارات جوية على صعدة وتكثيف حوثي لتحشيد المهاجرين الأفارقة قرب الحدود السعودية

المشهد اليمني | 500 قراءة 

المجلس الإنتقالي في اليمن شارك بقوات عسكرية إلى جانب الدعم السريع في معارك الفاشر بالسودان

موقع الجنوب اليمني | 466 قراءة 

نتنياهو يتوعد الحوثيين مجدداً .. ماذا قال اليوم ؟

موقع الأول | 410 قراءة 

مسلحين يعتدون على نساء بعد رفضهن هذا الأمر

كريتر سكاي | 386 قراءة 

ردا على الهجوم الحو ثي..مطار عدن: "لن يكون ممراً للسلاح أو الكبتاجون"

كريتر سكاي | 370 قراءة 

تحرير سعر الدولار الجمركي واعتماد خطة الإصلاحات الاقتصادية.. تحركات تعيد رسم المشهد المالي في اليمن

عدن تايم | 341 قراءة 

عيدروس الزبيدي يفجر مفاجأة مدوية بمقترح يلغي دولة الجنوب العربي

المشهد اليمني | 332 قراءة 

عاجل : الكشف عن مصير حسين هرهرة الذي عفى عنه ابراهيم البكري

كريتر سكاي | 324 قراءة