المعلم اليمني.. معاناة لا تتوقف وقصة صمود أمام مساعي الحوثي لتجهيل اليمنيين

     
بران برس             عدد المشاهدات : 46 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
المعلم اليمني.. معاناة لا تتوقف وقصة صمود أمام مساعي الحوثي لتجهيل اليمنيين

في مطلع سبعينيات القرن الماضي، وفي قرية صغيرة من قرى مديرية بني سعد بمحافظة المحويت، جلس المعلم "يحيى الصديق"، تحت شجرة كبيرة، وهناك وضع اللبنة الأولى لتاريخ التعليم في منطقته.

من تحت ظلال تلك الشجرة، ومع بضعة طلاب ومعلمين من "مصر والسودان"، ولدت فكرة المدرسة الأولى، فسُميت مدرسة النهضة، لتكون فعلًا نهضةً حقيقية، خرجت من رحم البساطة والإصرار، وتحوّلت لاحقًا إلى واحدة من أكبر المدارس في المديرية، تربط السهل بالجبل وتصل بين محافظتي المحويت والحديدة.

خمسون عامًا ظلّ فيها المعلم "يحيى الصديق" وفيًّا للسبورة والطباشير، يقف كل صباح بين طلابه كأنه يحرس الحلم من الذبول، إلى أن رحل في صمتٍ موجعٍ بعد أن أنهكته الشيخوخة وقطعت عنه المليشيا راتبه، فمات كما عاش، فقيرًا إلا من العلم، شامخًا إلا من التعب.

موته لم يكن استثناءً، بل تجسيدًا لوجع آلاف المعلمين اليمنيين، الذين أُهينوا في لقمة عيشهم، وصودرت كرامتهم من قبل جماعة لا ترى في التعليم سوى خطرٍ على مشروعها الظلامي.

يوم عالمي.. ومعلم بلا راتب

في الخامس من أكتوبر/ تشرين، يحتفل العالم بيوم المعلم العالمي، وعلى العكس من ذلك، يقف المعلم اليمني هذا العام، وللسنة التاسعة على التوالي، بلا راتب، بلا تقدير، بلا أفق.

علاوة على ذلك، في الوقت، الذي تكرّم فيه الأمم معلّميها وتمنحهم الأوسمة والمكافآت، يُجبر المعلم في مناطق سيطرة الحوثيين على التدريس تحت التهديد، ويتلقى "فتاتًا" لا يكفي قوت يومه، ويتعرض للإهانة والسجن والمنع من التعبير.

التدريس مجاناً

التربوي والنقابي "حسين الخولاني"،  يقول لـ "بران برس": "إن المعلم اليمني اليوم يمارس مهنته مكرهًا، دون أن يحصل على أدنى حقوقه، يُهان ويُعتقل، وتُنتهك كرامته وحقوقه المادية والمعنوية، هذا في وقت يُكرَّم فيه المعلم حول العالم، بينما معلمونا يُجبرون على العمل مجانًا في ظل صمت دولي مريب.

ويضيف الخولاني، وهو الأمين العام لنقابة المعلمين اليمنيين، "حتى في مناطق الحكومة الشرعية، ورغم انتظام الرواتب، إلا أنها فقدت قيمتها مع انهيار العملة، وأصبح المعلم عاجزًا عن تغطية أبسط نفقاته".

إزاء ذلك، ناشد التربوي والنقابي الخولاني، الحكومة برفع بدل المعيشة وصرف مستحقات النازحين المتوقفة منذ خمس سنوات.

في مناطق سيطرة الحوثي.. معاناة مستمرة

 

المعلم "م. ص. م"، وهو يعمل في مدرسة تقع في منطقة خاضعة لسيطرة الحوثيين، يقول: "الوضع صعب للغاية، منذ سنوات ونحن بلا رواتب، وكثير من زملائنا انهاروا نفسيًا تحت وطأة الحرمان، وبعضهم رحل عن الحياة بسبب التعب والإحباط، وما زال آخرون يكافحون يوميًا للحفاظ على التعليم". 

وأضاف لـ "بران برس"، "نحن أكثر الناس معاناة، لكن رغم كل شيء، نحاول أن نبقي شعلة العلم حية"، مؤكداً تعرضهم للتهديد المستمر، والعمل تحت ضغط نفسي وجسدي شديد، ونصف راتب يأتي كل 3 أشهر، قال: إنه "لا يغطي حق المواصلات".

ويستدرك بالقول: "ومع ذلك يبقى واجبنا تجاه الطلاب أقدس من أي معاناة، فنحن نحمل أمل المجتمع في مدارس شبه خالية من الأدوات والمعلمين".

في النزوح.. معلمون منسيون

في إحدى مدارس النازحين بمحافظة مأرب (شمال شرق اليمن)، التقى "بران برس"، معلماً ينحدر من محافظة تعز، فضّل ألا يُفصح عن اسمه، ليقول: "عملت أكثر من عشرين عامًا في محافظة حجة، كنت أعتبر طلابي هناك كأبنائي، اليوم صرت نازحًا أعيش على راتب لا يتجاوز سبعين ألف ريال، وهو لا يكفي حتى إيجار الغرفة". 

وأضاف لـ "بران برس"، "ومع هذا أواصل التدريس، لأن التعليم هو الشيء الوحيد الذي ما زال يمنحني معنى للحياة"، وينهي تصريحه وهو يضحك بحسرة، "كنا نخاف المعلم زمان، نهاب حضوره، اليوم أصبحنا نخاف أن نُنسى".

المعلم اليمني.. مرآة وطن

من التقاهم "بران برس"، من المعلمين، تؤكد أن قصص معاناتهم، ليست استثناءً، بل تمثل واقع آلاف المعلمين اليمنيين في مناطق النزاع، الذين يقفون بين صمت المجتمع الدولي ومخاطر حياتهم اليومية، حاملين على أكتافهم مسؤولية مستقبل أجيال كامل.

كما تؤكد، أن المعلم اليمني ليس مجرد موظفٍ بلا راتب، بل هو حارس الوعي في وطنٍ يتعرض للتجهيل المتعمد، فمن تحت شجرة في بني سعد بالمحويت، إلى مخيمٍ في مأرب، تظل قصة المعلم، مرآةً لليمن كلّه، كوطن أرهقته الحرب، لكن جذوة العلم فيه لم تنطفئ، وإن كان العالم اليوم يحتفل بالمعلم، فاليمنيون يحتفلون بصموده.

ومنذ العام 2014، تشن جماعة الحوثي المصنفة دولياً في قوائم الإرهاب، حربًا مفتوحة على التعليم، فحوّلت المدارس إلى ثكنات، واستبدلت المعلمين المؤهلين بعناصر طائفية تنشر فكرها السلالي.

دراسة سابقة حملت اسم "الجريمة المركبة" لمؤلفها الكاتب "همدان العليي" أشارت إلى أن الحوثيين "يخشون التعليم كما خشيه أجدادهم الأئمة، لأن المعرفة تُبدّد الأكاذيب التي يقوم عليها فكرهم".

وذكرت أن الجماعة، المدعومة من إيران، حرمت أكثر من 160 ألف معلم وموظف من مرتباتهم منذ 2016، وتسببت في انهيار أكثر من 10 آلاف مدرسة وتسرّب نحو 4 ملايين طالب من التعليم، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

الماضي يعيد نفسه

وكل ذلك يشير، إلى أنه كما كانت الإمامة في الماضي، تحصر العلم في عائلاتها وتجهّل عامة الشعب، يسعى الحوثيون اليوم إلى تكرار النموذج ذاته، بتحويل التعليم إلى أداة تجنيد وغسل أدمغة.

 عن ذلك، قال أحد طلاب الثانوية في المناطق الخاضعة بقوة السلاح للحوثيين: "أغلب من يدرسوننا اليوم طلاب مثلنا، لا معلمين حقيقيين".

وأضاف لـ "بران برس": "نذهب كل صباح ولا نجد سوى ثلاث حصص من أصل ست، والمناهج تغيّرت حتى لم نعد نفهمها"، مضيفاً: "أردنا الاحتفال بذكرى 26 سبتمبر، لكننا خفنا، فاحتفلنا بصمت في قلوبنا".

 


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

في اتصال مفاجئ.. الرئيس الأمريكي يناقش قضية محورية مع شخصية يمنية بارزة

نيوز لاين | 480 قراءة 

البيضاء تطلب رسميا من عيدروس الزبيدي اعادتها الى الجنوب

كريتر سكاي | 455 قراءة 

النبأ اليقين بشأن وفاة البركاني 

العربي نيوز | 443 قراءة 

الفتاة التي أجبرت خالها على قتل شاب في عدن تخرج عن صمتها وتفجر مفاجأة بشأن الحادثة (فيديو)

المشهد اليمني | 305 قراءة 

اعلان اوروبي خليجي بشأن اليمن

العربي نيوز | 291 قراءة 

صدور أحكام قضائية وأسماء المتهمين في قضية اغتيال الوزير الحوثي ”حسن زيد ”

المشهد اليمني | 263 قراءة 

عاجل.. “غطِّ رأسك!”.. فيديو يوثق نجاة رئيس الإكوادور من محاولة اغتيال تفاصيل للحظات الرعب 

موقع الأول | 260 قراءة 

القورو في حياة المقيمين اليمنيين: منشّط طبيعي أم تهديد صامت؟

نيوز لاين | 259 قراءة 

تراجع طفيف في أسعار الصرف بعدن صباح اليوم الأربعاء

العين الثالثة | 246 قراءة 

علم الجنوب فوق قلعة القاهرة؟ الرواية الرسمية تكشف التفاصيل

المرصد برس | 240 قراءة