تقرير | اغتيالات عدن.. ملف مفتوح ينتظر الإنصاف و“برّان برس” يرصد 156 عملية اغتيال

     
بران برس             عدد المشاهدات : 418 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
تقرير | اغتيالات عدن.. ملف مفتوح ينتظر الإنصاف و“برّان برس” يرصد 156 عملية اغتيال

رصد "برّان برس" 156 عملية اغتيال طالت علماء ودعاة وقيادات أمنية وعسكرية وجنود وناشطون، خلال الفترة من 30 أغسطس/آب 2015، وحتى 26 سبتمبر/أيلول 2025م

 

في ظهيرة يوم الجمعة 26 من سبتمبر/أيلول 2025، شهدت مدينة عدن المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد (جنوبي اليمن)، جريمة اغتيال مروّعة طالت الشيخ مهدي العقربي، شيخ مشائخ منطقة بير أحمد وأحد أبرز الوجاهات الاجتماعية فيها، ويعرف بدوره القبلي والاجتماعي المؤثر في المنطقة الواقعة بين محافظتي عدن ولحج.

فبينما كان "العقربي" في طريقه لأداء صلاة الجمعة، اعترضه مسلّحون مجهولون وأطلقوا عليه النار بشكل مباشر ليسقط على الأرض مضرجًا بدمائه، ويفارق الحياة لاحقًا متأثرًا بجراحه البالغة. في حين رفضت قبيلة العقارب، التي ينتمي إليها الشيخ المغدور، دفن جثمانه حتى يتم كشف الجناة وتقديمهم للعدالة. 

والأربعاء 1 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، شهدت منطقة بئر أحمد في مدينة عدن الخاضعة إداريا وأمنيًا لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي، حشدًا قبليًا واسعًا جرى خلاله التشاور حول قضية "اغتيال العقربي" وتشكيل لجنة لمتابعتها وإعلان النفير القبلي لمساندة قبيلة العقاربة في قضيتها.

حادثة اغتيال "العقربي"، أعادت إلى الواجهة مسلسل الاغتيالات الغامضة التي تضرب عدن منذ سنوات، وأثارت من جديد السؤال عن الجهة التي تقف وراء هذه الجرائم، وعن سبب غياب نتائج التحقيقات ومحاسبة الجناة. واليوم وبعد 11 يومًا من الجريمة، لا تزال المدينة تعيش حالة قلق واستياء شعبي واسع في ظل عجز السلطات الأمنية عن تحديد هويّة الجناة أو القبض عليهم. 

جرح نازف وغموض

منذ نحو 10 سنوات، لا يزال ملف الاغتيالات في عدن جرحاً نازفًا وملفًا مفتوحًا يثير العديد من التساؤلات عن الفاعلين والجهات الداعمة لهذه العمليات التي طالت شخصيات بارزة، شملت علماء، وأئمة مساجد، وقادة في الجيش والأمن، إضافة إلى العشرات من قادة المقاومة الشعبية التي كان لها دور محوري في تحرير المدينة.

ورغم أن بعض خيوط هذه القضايا بدأت تتكشف لاحقًا بفضل جهود المتابعة والتحقيق التي قادتها وسائل إعلام دولية، إلا أن كثيرًا من الجرائم لا زال يكتنفها الغموض، سواء فيما يتعلق بالمنفذين أو دوافعهم وأهدافهم. وهذا الغموض هو ما يبقي هذه الجرائم تحت دائرة الضوء حتى تتضح كل معالمها كأول حق للضحايا وذويهم.

موجات الموت بعد التحرير

بعد وقت قصير من تحرير مدينة عدن من سيطرة جماعة الحوثي أواخر يوليو/تموز 2015، بدأت موجة اغتيالات مفاجئة تجتاح المدينة، وكان في مقدمة ضحاياها محافظ عدن وقائد معركة التحرير، اللواء جعفر محمد سعد. ورغم تبنّي تنظيم “داعش” لهذه العملية ببيان رسمي إلا أن التشكيك لا يزال يلف البيان والحادثة نفسها.

خلال تلك الفترة، شهدت عدن عشرات الاغتيالات التي طالت شخصيات عسكرية، ومدنية، ومسؤولين محليين. ومع كل حادثة اغتيال كانت تختفي بصمات القاتل وتُقيَّد الجريمة ضد مجهول. ومن المؤكد أن الجهات التي تقف خلف تلك العمليات استغلت التدهور الأمني وضعف المؤسسات الحكومية حينذاك.

تركّزت عمليات الاغتيال في الشهور الستة التالية لتحرير عدن (من يوليو حتى ديسمبر 2015)، وشملت كافة مناطق عدن، وطالت شخصيات من فئات عدة أهمها: قيادات المقاومة الذين كان لهم دور أساسي في مواجهة جماعة الحوثي وتحرير عدن. 

وعلى سبيل المثال: في أغسطس وسبتمبر، اُغتيل مدير غرفة العمليات في أمن عدن، العقيد عبدالحكيم السنيدي، إلى جانب قيادات في المقاومة الشعبية، وكذا عضو اللجنة العليا لمكافحة الفساد، إبراهيم علي هيثم. وجميع العمليات نُفذت برصاص مجهولين.

لاحقًا، توسّعت دائرة الاستهداف لتشمل علماء عدن ودعاتها البارزين، وتركّزت أساسًا على قيادات التجمع اليمني للإصلاح ورموز التيار السلفي الوسطي، وعلى رأسهم: الشيخ عبدالرحمن العدني، مؤسس وشيخ دار الحديث في منطقة الفيوش شمال عدن، والشيخ سمحان الراوي. كما طالت ضباط الأمن، وفي مقدمتهم ضباط البحث الجنائي.

حصيلة ثقيلة ومسائلة غائبة

كشفت “منسقية مناصرة ضحايا الاغتيالات في عدن”، عن حصيلة ثقيلة لموجات الاغتيالات في عدن بلغت 200 حالة اغتيال شهدتها المدينة منذ تحريرها عام 2015 حتى بداية العام 2020، مؤكدة أن جميع هذه الحالات “قُيدت ضد مجهول” مما يؤكد غياب المساءلة.

"برّان برس" رصد 156 عملية اغتيال طالت علماء ودعاة وقيادات أمنية وعسكرية وجنود وناشطون، خلال الفترة من 30 أغسطس/آب 2015، وحتى 26 سبتمبر/أيلول 2025م، منها 10 عمليات خلال العام 2015م، و42 خلال العام 2016م، و13 خلال العام 2017م، و23 خلال العام 2018م، و12 خلال العام 2019م.

وبحسب الرصد الذي أجراه "برّان برس"، شهدت مدينة عدن 21 عملية اغتيال خلال العام 2020م، و10 خلال العام 2021م، و8 خلال العام 2022م، و5 عمليات خلال العام 2023م، و8 خلال العام 2024م، بينما رصد منذ مطلع العام 2025 الجاري وحتى لحظة كتابة التقرير 4 عمليات.

وهذه الإحصائية لا تشمل جميع جرائم الاغتيالات، وإنما الجرائم التي استطاع “بران برس” الوصول إليها ورصدها. وسينشر ضمن التقرير مسلسلًا بأسماء وصفات الأشخاص الذين تعرضوا لهذه الحوادث وتاريخها..

اضغط

هنـــــــــــــــــــــــا

للاطلاع على رصد عمليات الاغتيال في عدن

ويظهر التحليل الإحصائي الشامل أنّ العام 2016 كان الأكثر دموية، وأن عدداً كبيراً من ضحايا الاغتيالات كانوا من الشخصيات العسكرية والأمنية الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي. حيث تصاعدت وتيرة الاغتيالات بشكل ملحوظ في النصف الأول من عام 2016، وشملت الرموز الاجتماعية والسياسية والدينية وضباط الأمن والجيش والقضاة، ومسؤولي السلطة المحلية وقيادات المقاومة الشعبية.

وشهد يناير/ كانون الثاني 2016 وحده نحو 10 عملية اغتيال. وإضافة إلى الخطباء والعلماء والدعاة، يلاحظ أن ضباط البحث الجنائي كانوا على رأس المستهدفين. ووفق مراقبين، فإن استهداف هذا الجهاز الأمني يأتي لأهميته ولما يمتلكه من قاعدة بيانات ومعلومات حساسة، خاصة ما يتعلق بالجرائم وسجلات الحوادث الأمنية.

وتظهر البيانات أن الاغتيالات والتصفيات الجسدية كانت تحدث على شكل موجات منفصلة وبوتيرة متذبذبة، ففي بعض الفترات كانت تتضاعف تجاه مختلف الفئات المستهدفة، وأحيانًا تتضاعف تجاه فئة أو شريحة محددة مثل أئمة المساجد في العامين 2016 و2017، ومن ثم تجه نحو ضباط البحث الجنائي في فترة لاحقة.

في السياق، كشفت منظمة “رايتس رادار” في تقريرها الصادر مطلع العام الجاري، أن عدن تصدرت قائمة المحافظات اليمنية في عدد التصفيات الجسدية للمعارضين. ووثق التقرير 953 حالة تصفية، خلال الفترة من سبتمبر 2014 حتى أغسطس 2024، تصدرتها عدن بواقع 165 حالة. 

عدن تتصدر قائمة التصفيات

تشير المعطيات إلى أن وتيرة الاغتيالات في عدن ظلت مرتفعة حتى بعد توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والمجلس الانتقالي الجنوبي في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أي بعد نحو شهر من إعلان الأخير الإدارة الذاتية للمدينة عقب سيطرته عليها بالقوة وإخراج الحكومة منها.

وبداية ديسمبر/كانون الأول 2019، وهو الشهر الذي كان يفترض أن تعود فيه الحكومة إلى عدن طبقًا لاتفاق الرياض، شهدت المدينة 11 عملية اغتيال خلال أسبوع واحد، واستهدفت أغلبها ضباط ومسؤولين في البحث الجنائي. 

ولاحقًا، أوضحت إحصائية صادرة عن مؤسسة خليج عدن للإعلام، أن المدينة شهدت 55 عملية اغتيال خلال العامين 2020 و2021، والنصف الأول من 2022.

وتظهر الإحصائية تصدر رجال الأمن والعسكريين قائمة الضحايا بواقع 36 عملية، تلاهم المسؤولون المحليون بـ7 عمليات، ثم السياسيون بـ4 عمليات، والصحفيون بـ3 عمليات، والأكاديميون بعمليتين. بينما سجل القضاة ورجال الأعمال والمنظمات المدنية عملية واحدة لكل فئة. وكان أسلوب الاغتيال بالرصاص الأكثر شيوعًا بواقع 41 عملية، يليه العبوات الناسفة بـ9 عمليات، ثم السيارات المفخخة بـ4 عمليات، بينما سُجلت عملية واحدة بأسلوب الاختطاف والقتل.

القضاء تحت الضغط

مع تواصل ضغوط الرأي العام وأقارب الضحايا ونشطاء المجتمع المدني، المطالبة بالكشف عن المجرمين وتقديمهم للعدالة، بدأت الجهات المعنية في الأمن والنيابة والقضاء بالاستجابة المحدودة وبدء الإجراءات القانونية لمحاكمة عدد من المتهمين.

وشهدت الفترة الماضية، صدور أحكام قضائية بإعدام المتورطين في عدة قضايا. وأبرزها: قضية اغتيال الشيخ سمحان الراوي القيادي البارز في المقاومة الشعبية وإمام مسجد ابن القيم في البريقة، حيث أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في أكتوبر/تشرين الأول 2022، حكمًا ابتدائيًا بإعدام ثلاثة متهمين هم: حلمي جلال، وسمير مهيوب، وعبدالله عبدالرحمن، وأيّدت محكمة الاستئناف هذا الحكم في مايو الماضي.

وفي سبتمبر/أيلول 2024، أصدرت المحكمة الجزائية حكماً بإعدام المتهمين في قضية اغتيال الشيخ عبدالرحمن العدني وهما: محمد علي عبدالله وخالد علي سالم.

كما أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة حكماً في يوليو/تموز 2024، قضى بإدانة عدد من المتهمين بـ“تشكيل عصابة مسلحة والتورط في جرائم اغتيال أئمة المساجد وجنود وضباط الأمن والجيش خلال الفترة من العام 2015- 2020 في محافظتي عدن ولحج”.

وقضى الحكم، بإعدام سبعة من المدانين، ومعاقبة ثلاثة آخرين بالسجن عشر سنوات، وثلاثة آخرين بالسجن خمس سنوات. أما بقية المجموعة وعددهم سبعة، فقررت المحكمة الاكتفاء بالمدة التي قضوها في السجن.

وفي السياق، أصدرت محكمة صيرة الابتدائية أواخر عام 2022، حكماً بحبس المتهم في قضية مقتل الشاب الناشط عُمر محمد باطويل، تعزيرًا لمدة ثماني سنوات مع احتساب المدة التي قضاها المدان بالحبس الاحتياطي. وبحسب مختصين فقد قضت المحكمة بسقوط القصاص لعدم توافر الدليل الشرعي على القتل.

رغم التحسن النسبي في الوضع الأمني خلال العامين الماضيين، وتراجع حوادث اغتيال القيادات والشخصيات البارزة، واقتصار معظمها على الطابع “الجنائي العادي”، فإن حادثة اغتيال العقربي الأخيرة، تثير المخاوف من تجدد موجات الاغتيالات التي طالت شخصيات عامة ومؤثرة في فترات سابقة. ويعزز هذه المخاوف ضعف الاستجابة القضائية وغياب المساءلة تجاه سلسلة الجرائم المسجلة طوال العقد الأخير، وهو ما يبقى ملف الاغتيالات مفتوحًا ويضعف الثقة في قدرة المؤسسات الأمنية والقضائية على تحقيق الاستقرار الدائم في المدينة.

 


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

مصادر تؤكد وصول أعضاء مجلس القيادة الرئاسي الى الرياض لهذا الغرض

يني يمن | 1072 قراءة 

بشارة جديدة بشأن صرف المرتبات وسط حالة ترقب

كريتر سكاي | 531 قراءة 

قائد أمني كبير في الضالع يوجه أول ضربه لنقاط الجباية ويزيلها بالقوة .. تفاصيل

يمن فويس | 511 قراءة 

في تصعيد جديد ضد المنظمات الدولية.. الحوثيون يختطفون مسؤولاً أممياً بعد اقتحام منزله في صنعاء

حشد نت | 480 قراءة 

جريمة مروعة تهز صنعاء.. يقتل بائع قات ويحتمي بأحد الكهوف .. وهكذا كان مصيره

المشهد اليمني | 463 قراءة 

تقرير | اغتيالات عدن.. ملف مفتوح ينتظر الإنصاف و“برّان برس” يرصد 156 عملية اغتيال

بران برس | 418 قراءة 

زيارة غير معلنة لأحمد علي عبدالله صالح إلى السعودية عقب هذا الأمر

كريتر سكاي | 366 قراءة 

سياسي يمني شجاع وقف في وجه الحوثيين منذ أول لحظة وخرج حينها بأكبر مظاهرة ضد الإنقلاب .. الاسم والصورة

يمن فويس | 359 قراءة 

تقرير خاص | القيادة تحت النار والزحف المقدس.. كيف غيّر الفريق الشدادي مسار المعركة بمأرب (فيديو)

بران برس | 342 قراءة 

‏هل ينقل مجلس القيادة الرئاسي صلاحياته إلى رئيس الحكومة سالم بن بريك؟

نافذة اليمن | 295 قراءة