مزادات دولية تعرض آثارًا يمنية نادرة وسط تصاعد تهريب التراث في مناطق سيطرة الحوثيين
في واقعة جديدة تكشف استمرار نزيف التراث اليمني، كشف خبير الآثار اليمني عبدالله محسن عن عرض قطعة أثرية يمنية نادرة في مزاد دولي، تمثّل ذراع فتاة من الحجر يُرجح أنها تعود إلى منطقة مأرب أو مملكة أوسان القديمة، إحدى أعرق حضارات اليمن القديم.
وأوضح محسن، في منشور على صفحته الرسمية، أن القطعة المعروضة تنتمي إلى مجموعة أنطونين بيس (1927–2016) وكريستيان بيس (1928–2021)، وهما زوجان قاما بجمع عدد من القطع الأثرية في عدن وباريس خلال ستينيات القرن الماضي، وقد تم تسجيلها رسميًا للتصدير إلى فرنسا عامي 1966 و1967 من قبل إدارة الآثار في ولاية عدن تحت الرقم CB2 A&B.
وبحسب وصف دار المزاد الدولي، فإن القطعة منحوتة بعناية فائقة، تمثل ذراع فتاة ترتدي ثوبًا ضيقًا بأكمام قصيرة مزينًا بنقوش نباتية دقيقة، مع حاشية من الخرز وسوار حجري فاخر على الكوع، يتوسطه حجر كريم، بينما تتدلى شرابات صغيرة تشير إلى سوار مفقود كان يستكمل جمالية التمثال.
وأكد الخبير محسن أن هذه القطعة تعد من أبرز الشواهد على براعة النحت والزخرفة في الحضارة اليمنية القديمة، مشيرًا إلى أن عرضها اليوم في مزاد دولي “يذكّر بما يجري من تهريب منظم للآثار واللقى التاريخية من مناطق سيطرة المليشيات الحوثية”، التي حوّلت تجارة التراث إلى مصدر تمويل غير مشروع يغذي حربها المستمرة ضد اليمنيين.
تهريب ممنهج في ظل غياب الدولة
وخلال السنوات الماضية، تصاعدت عمليات التهريب المنهجي للآثار والمخطوطات النادرة من المتاحف والمواقع الأثرية الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي، لا سيما في صنعاء، وصعدة، وذمار، حيث تشير تقارير محلية إلى أن العشرات من القطع الأثرية اليمنية ظهرت في مزادات أوروبية وأمريكية دون توثيق رسمي أو موافقة من الجهات المختصة.
ويرى مختصون أن المليشيا الحوثية تغض الطرف عن شبكات تهريب الآثار بل وتشارك فيها أحيانًا بشكل مباشر عبر وسطاء وتجار دوليين، مقابل مبالغ ضخمة تُستخدم لتمويل أنشطتها العسكرية.
ويحذر الباحثون من أن استمرار هذا النزيف يعني طمس الذاكرة اليمنية الجماعية ومحو رموز الهوية الوطنية التي تعود إلى حضارات سبأ ومعين وقتبان وأوسان، مؤكدين أن “ما يجري اليوم ليس مجرد تهريب، بل جريمة ممنهجة ضد التاريخ اليمني”.
نداءات لإنقاذ التراث اليمني
ودعا خبير الآثار عبدالله محسن الهيئات الدولية ومنظمات الثقافة والتراث، وعلى رأسها اليونسكو والإنتربول الدولي، إلى التدخل العاجل لوقف بيع هذه القطع وإعادتها إلى موطنها الأصلي، مطالبًا الحكومة اليمنية بإطلاق حملة دبلوماسية وقانونية لاستعادة الآثار المنهوبة وتتبع مسارات تهريبها عبر دول الجوار والممرات البحرية.
وأكد أن استمرار المزادات الدولية في عرض قطع أثرية يمنية دون مساءلة، “يمثل وصمة عار على المجتمع الدولي الذي يتفرج على سرقة ذاكرة أمة، بينما تعيش مهد حضارتها تحت سلطة جماعة مسلحة حولت كل شيء إلى غنيمة حرب، حتى التاريخ نفسه”.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news