كلمة السفير أحمد علي عبدالله صالح في ذكرى سبتمبر.. استدعاءٌ للروح الوطنية وتجديدٌ للعهد الجمهوري
قبل 3 دقيقة
في مساءٍ يختزن رمزية وطنية كبيرة، أطلّ السفير أحمد علي عبدالله صالح بكلمة إلى الشعب اليمني في الذكرى الثالثة والستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة، تلك الثورة التي غيّرت مسار التاريخ اليمني وأسست للجمهورية الحديثة. لم تكن الكلمة مجرد خطاب بروتوكولي عابر، بل جاءت حافلة بالرسائل السياسية والوطنية التي لامست وجدان اليمنيين وأعادت التذكير بمكانة الثورة في قلوبهم.
أولاً: استحضار سبتمبر كعقيدة وطنية
أبرز ما حملته الكلمة هو التأكيد على أن ثورة 26 سبتمبر ليست مجرد حدث تاريخي مضى، وإنما عقيدة وطنية ومرجعية راسخة في وجدان الأجيال المتعاقبة. لقد أعاد السفير أحمد علي التأكيد على أن الجمهورية هي قدر اليمنيين وخيارهم الذي لا رجعة عنه، وأن أي محاولات للارتداد إلى عصور الظلام والكهنوت مصيرها الفشل. وهنا تكمن الدلالة في استدعاء الثورة كهوية جامعة تتجاوز الانقسامات وتوحد اليمنيين حول مشروع الدولة.
ثانياً: التمسك بالقيم المؤسسة للجمهورية
شدّد السفير في خطابه على قيم الحرية، والعدالة، والمساواة التي نادت بها الثورة، مبيناً أنها ليست شعارات فضفاضة، بل أسس لبناء دولة حديثة قادرة على استيعاب جميع أبنائها دون تمييز. هذه الرسالة تعكس حرصه على إعادة ربط الحاضر بالمبادئ الأصيلة للثورة، بما يبعث الأمل في أن استعادة الدولة ممكنة عبر العودة إلى تلك القيم التي دفع اليمنيون ثمناً باهظاً من أجلها.
ثالثاً: قراءة في الواقع الراهن
جاءت الكلمة في ظرف استثنائي يعيشه اليمن، حيث الحرب والانقسام السياسي والاجتماعي، وهو ما منحها أهمية مضاعفة. إذ يمكن القول إن السفير أراد من خلال خطابه أن يوجه بوصلة النقاش الوطني نحو الثوابت الكبرى بدلاً من الارتهان للتجاذبات الآنية. فالتذكير بسبتمبر هنا ليس استدعاءً للماضي بقدر ما هو إضاءة للحاضر وتوجيه للبوصلة نحو المستقبل.
رابعاً: أبعاد سياسية ورسائل متعددة
لم يغب عن المراقبين أن الخطاب حمل رسائل سياسية داخلية وخارجية. ففي الداخل، خاطب اليمنيين جميعاً بضرورة التمسك بالجمهورية كقدر مشترك، رافضاً منطق الإقصاء أو الهيمنة. أما على المستوى الخارجي، فقد بدا واضحاً أن الرسالة موجهة أيضاً إلى القوى الإقليمية والدولية للتأكيد على أن اليمنيين وحدهم هم أصحاب الحق في تقرير مصيرهم وصون جمهوريتهم.
خامساً: البعد الرمزي في التوقيت واللغة
إن اختيار مناسبة سبتمبر لإطلاق هذه الكلمة لا يخلو من دلالات، فالثورة هي الرمز الأوضح لانتقال اليمن من العزلة إلى الانفتاح، ومن الاستبداد إلى الجمهورية. كما أن اللغة التي استخدمها السفير جاءت مشحونة بالمعاني الوطنية، بعيدة عن لغة الحسابات الضيقة، وهو ما جعلها أقرب إلى وجدان الشارع اليمني الذي يتوق إلى خطاب يوحّد الصفوف.
سادساً: الدلالة الوطنية والأفق المستقبلي
المغزى الأعمق لكلمة السفير أحمد علي يتمثل في كونها دعوة صريحة لإحياء روح سبتمبر في نفوس اليمنيين، ليس كذكرى احتفالية، بل كمنهج عمل لمواجهة التحديات الراهنة. إنها رسالة بأن الرهان الحقيقي هو على الشعب اليمني وقواه الحية، وعلى وحدته حول ثوابته الوطنية. كما أنها تفتح أفقاً سياسياً للتفكير في مستقبل يقوم على المصالحة الوطنية واستعادة الدولة وبناء السلام على قاعدة الثورة والجمهورية.
خلاصة
إن كلمة السفير أحمد علي عبدالله صالح لم تكن مجرد خطاب تقليدي لإحياء ذكرى وطنية، بل جاءت بمثابة وثيقة سياسية وأخلاقية تجدد العهد لثورة 26 سبتمبر وتعيد الاعتبار لمعانيها الكبرى. لقد حملت في طياتها دعوة صريحة إلى اليمنيين للتمسك بجمهوريتهم، وإلى النخب السياسية لأن تستلهم روح سبتمبر في البحث عن حلول تعيد لليمن مكانته ودوره. وفي ظل ما يعيشه الوطن من أزمات، فإن هذا الخطاب يمكن أن يُقرأ كنداء وطني جامع يعيد الاعتبار لقيم الثورة، ويؤكد أن اليمن سيظل جمهورياً مهما طال ليل الحرب والانقسام.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news