بشرى العامري:
تحوّلت جريمة اغتيال أفتهان المشهري، مديرة صندوق النظافة في تعز، إلى قضية رأي عام على مستوى اليمن بأسره لسببين رئيسيين:
أولاً، بشاعة الجريمة التي استهدفت امرأة بارزة تشغل منصباً رفيعاً، في وضح النهار وبأسلوب أقرب لعمليات المافيا.
وثانياً، وقوع الجريمة في تعز، المدينة التي تُعدّ قلب اليمن من حيث الثقل السكاني والاقتصادي والسياسي، ورمزاً للمدنية والثقافة والسلام.
لذا فإن هذا الحدث الخطير مرشح لأن يتفاقم ويترك تداعيات واسعة إذا لم تُبدِ الدولة حزماً وحكمة وشجاعة في ملاحقة الجناة ومحاسبة كل من يقف وراءهم أياً كان موقعه.
اليوم يكشف المشهد في تعز عن مظاهر فساد واختلال في بعض مفاصل القيادة المدنية والعسكرية، وهو ما يجعل إنقاذ المدينة ضرورة حتمية وعاجلة قبل فوات الأوان.
وتقع المسؤولية هنا على جهتين أساسيتين:
أولاً: مجلس القيادة الرئاسي والحكومة
فمن المعيب أن تبقى قضية بهذا الحجم خارج دائرة الاهتمام المباشر للرئاسة والحكومة ووزير الداخلية. فالتأخر عن التحرك السريع والحاسم يرسّخ صورة الإهمال ويضعف ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة.
ثانياً: حزب الإصلاح
حيث يواجه الحزب اليوم اتهامات بأن منفذي الجريمة أو حُماتها مرتبطون بقيادات عسكرية محسوبة عليه، كما أن له نفوذاً معروفاً للجميع في بعض المعسكرات.
وعلى الحزب أن يتحلّى بالشجاعة دون مكابرة، ويباشر إصلاحاً جذرياً يوقف مظاهر الانفلات ويعالج الخلل الداخلي قبل أن تأتي قوى خارجية وتفرض إصلاحها بالقوة.
وينبغي أن يدرك الإصلاح بعيداً عن أي تحريض خارجي أو داخلي أن موجة السخط الشعبي الواسع ضده رسالة لا يمكن تجاهلها، وأن يسأل نفسه هل هذه الحشود الغاضبة مدفوعة الأجر فعلا، أم أنّها تعبير صادق عن ظلم متراكم؟
ولنتذكر جميعاً درس ثورة فبراير 2011 فكثير مما بدا عفوياً آنذاك استُخفّ به من قبل السلطات، فكانت العواقب وخيمة له.
وإذا كانت لدى أي طرف رغبة في تصفية حسابات قديمة مع الإصلاح، فلا تركبوا موجة الغضب الشعبي البريء، بل تمسّكوا بالمسار القضائي والحقوقي والسياسي حتى لا تضيع العدالة. وواجهوا الإصلاح بالحجج والحقائق لا بدماء الناس وآلامهم.
وليتذكر الجميع أن العدالة الحقيقية والرد الحازم من مؤسسات الدولة هما السبيل الوحيد لتجنيب تعز مزيداً من الانزلاق وحماية أمن المدينة وسلامة المواطنين.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news