اغتيال المشهري كأول امرأة في تعز.. كيف وقعت الجريمة؟ وكيف تفاعل اليمنيون معها؟

أشعلت جريمة اغتيال مديرة عام صندوق النظافة والتحسين في محافظة تعز، افتهان المشهري، صباح اليوم الخميس، برصاص مسلحين مجهولين، في أحد شوارع مدينة تعز، تفاعلا واسعا وصدمة كبيرة طالت اليمن عامة ومدينة تعز وسكانها بشكل خاص، في جريمة تعكس مدى الفوضى والانفلات الأمني بالمحافظة.

 

وقالت مصادر محلية لـ "الموقع بوست" إن مسلحين مجهولين أطلقوا وابلاً من الرصاص من مسافة صفر على المشهري" في رأسها ووجهها وأجزاء من جسدها، وأردوها قتيلة أثناء مرورها في سيارتها بجولة سنان، وسط المدينة، قبل أن يلوذ المسلحون بالفرار.

 

وأثارت الحادثة حزناً شديداً وموجة غضب في أوساط المجتمع، فيما دشن ناشطون حملة الكترونية على منصات التواصل الاجتماعي على  الوسم #افتهان_المشهري، وسط مطالبات للأجهزة الأمنية بسرعة تتبع الجناة الذين لاذوا بالفرار والقبض عليهم وتقديمهم لمحاكمة عاجلة.

 

وتعد هذه الجريمة أول حادثة تطال امرأة في منصب حكومي بالمدينة، وهو ما بعث تخوفات من مخطط جديد يستهدف الكوادر النسائية الفاعلة في المجتمع.

 

عمال النظافة يضربون عن العمل بشكل كلي في المدينة

 

إلى ذلك، نفذ العشرات من عمال صندوق النظافة والتحسين في مدينة تعز، احتجاجات غاضبة، عقب مقتل مديرة الصندوق "المشهري".

 

وأعلن عمال وموظفو صندوق النظافة والتحسين في المدينة عن إضراب شامل وتعليق اعملهم بشكل كامل ابتداءً من اليوم الخميس، احتجاجاً على جريمة الاغتيال الغادرة التي استهدفت المشهري.

 

وطالبوا -في بيان لهم- بسرعة القبض على منفذي الجريمة، والكشف عن ملابساتها، وضمان محاكمة سريعة وعادلة لمنفذي جريمة الاغتيال، خصوصاً وأن منفذي الاغتيال معروفون لدى الأجهزة الأمنية.

 

 

وأكدوا عدم العودة للعمل إلا بعد تنفيذ مطالبهم من قبل السلطات المحلية والجهات الأمنية، معتبرين اغتيال "المشهري"، خسارة كبيرة لتعز وللمؤسسة العامة للنظافة والتحسين، لما تمثله من رمز للعمل والخدمة العامة.

 

اللجنة الأمنية تقر سلسلة إجراءات لضبط المتورطين

 

وكانت اللجنة الأمنية بالمحافظة قد اقرت سلسلة من الإجراءات لملاحقة وضبط المتورطين في جريمة اغتيال المشهري.

 

وأقرت اللجنة الأمنية في اجتماعها الطارئ تحريك حملة أمنية مشتركة لتعقب الجناة، وعلى رأسهم المتهم محمد صادق الملقب بـ"الباشق"، بعد أن تم تحديد هوياتهم بشكل كامل.

 

 

ووجّهت باقتحام المنازل المشتبه بتواجد المطلوبين فيها، وأصدرت تعميمًا لقادة الكتائب العسكرية شمال شرق المدينة بالتعاون مع الحملة الأمنية في عمليات الملاحقة والقبض.

 

وأكدت اللجنة الأمنية أنها ستظل في حالة انعقاد دائم حتى ضبط المتهمين وتقديمهم للعدالة، مشددة على ضرورة نشر صور المطلوبين في جميع المنافذ والنقاط الأمنية لضمان عدم إفلاتهم.

 

المجلس الرئاسي والحكومة يوجهان بضبط الجناة

 

على المستوى الرسمي، وجه رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، الأجهزة الأمنية والعسكرية، وسلطات إنفاذ القانون في تعز، باتخاذ كافة الإجراءات لملاحقة العناصر الإجرامية التي تقف وراء مقتل "المشهري"، وتقديمهم إلى محاكمة عاجلة.

 

 

وأعرب العليمي خلال اتصال بمحافظ تعز نبيل شمسان، باسمه وأعضاء المجلس، والحكومة عن بالغ حزنه وخالص تعازيه لعائلة الشهيدة المشهري.

 

كما وجه رئيس مجلس الوزراء سالم بن بريك، الأجهزة العسكرية والأمنية المختصة بمحافظة تعز بسرعة ملاحقة وضبط الجناة المتورطين في عملية الاغتيال الآثمة والجبانة التي استهدفت إفتهان المشهري.

 

 

وأكد بن بريك خلال اتصال هاتفي أجراه مع محافظ تعز نبيل شمسان على ضرورة ملاحقة الجناة وضبطهم وتقديمهم إلى الأجهزة القضائية لينالوا جزاءهم العادل والرادع، مشدداً على تضافر الجهود لتفويت الفرصة على الجماعات الإرهابية والمتطرفة ومساعيها لزعزعة الأمن والاستقرار والسكينة العامة للمجتمع.

 

وقال إن الجناة لن يفلتوا من العقاب وستطالهم يد العدالة، ويدفعون ثمن جريمتهم، لافتاً إلى أهمية مضاعفة الجهود لضبط الأمن والاستقرار وملاحقة العناصر الخارجة عن القانون، وتجاوز الاختلالات الأمنية وتحقيق سيادة القانون.

 

مجلس النواب: تعز اليوم على المحك ودم المشهري لن يذهب هدرًا

 

من جانبه دعا رئيس مجلس النواب، سلطان البركاني، كل الجهات ذات الاختصاص ــ وبصوتٍ لا يقبل المواربة ــ بالقيام بالقبض الفوري على القتلة ومن يقف خلفهم. وبكشف خيوط الجريمة للرأي العام.

 

وأكد البركاني في برقية عزاء بعثها لوالد افتهان أن الأمن لا يستعاد ببياناتٍ باهتة، بل بعدالةٍ حاسمة تعيد للناس ثقتهم، وتعيد للمدينة حقها في السلام.

 

وقال إن "تعز التي تحترق منذ سنين، لا تحتمل مزيداً من التخاذل، ولا مزيداً من دفن الحقائق، هذه المدينة تستحق العدل، وتستحق حياةً تصان فيها الدماء، ويحترم فيها صوت النساء والمواطنين".

 

وأضاف البركاني "تعز اليوم على المحك، ودم افتِهان المشهري لن يذهب هدرًا، وسيفجّر أوضاعًا لا نرجو لتعز أن تجرَّ إليها، فهي لم تعد تحتمل مزيدًا من النكبات والمغامرات". مؤكدا أن اغتيال افتهان خسارة للوطن، ولكل من عرفوها في مناصبها المتعددة: التنظيمية، والتعليمية، والإدارية.

 

 

وقال البركاني "لقد كانت رحمها الله كالغيث، أينما حلَّ نفع.. وهذا ليس بغريب فماذا أقول عن قدراتها غير أن أتذكر إتصال الأخ العزيز سالم بن بريك وزير المالية آنذاك رئيس الوزراء حالياً، وهو يشيد بها بعد مقابلتها ويقول لي مثل هذه المخلصة الصادقة سوف اتعاون معها بكل الظروف وقد زودها بالمعدات والمستحقات اللازمة والتجهيزات لأعمال النظافة في تعز".

 

جريمة شنعاء

‌‌‏

من جهتها أدانت وزارة الإدارة المحلية، حادثة الاغتيال الإرهابي والجبان التي تعرضت له المشهري، وهي في طريقها للعمل في جولة سنان.

 

واكدت الوزارة في بيانها، أن عملية الاستهداف الغادرة لامرأة مسالمة تعمل في خدمة المحافظة إدارياً وميدانياً يُعد جريمةٌ شنعاء وأمراً مخالفاً لكافة الأديان والتشريعات السماوية والأعراف.

 

 

وشدد البيان، على ضرورة قيام الأجهزة الامنية بعملية التحقيق، ومتابعة العصابات الإرهابية واحالتهم إلى القضاء لاتخاذ الاجراءات القانونية ونيلهم الجزاء الرادع.

 

تعز بين مفترق طرق

 

السياسي والدبلوماسي الدكتور ياسين سيعد نعمان، سفير اليمن في لندن، كتب "كنا بالأمس نقف بقوة أمام المجتمع الدولي ونحن نتحدث عما تتعرض له المرأة اليمنية من قمع واعتقال وتشهير من قبل جماعة الحوثي، ونستشهد بكثير الحالات التي تعرضها نساء اليمن اللاتي تعرضن للسجن والتعذيب، والأذى الجسدي والنفسي، مطالبين بإدانة هذا السلوك الدخيل على القيم اليمنية وحقوق الانسان الذي جاء مع الحوثي، وفي الصدارة منها حقوق المرأة".

 

وتساءل نعمان: ترى كيف سنفسر ما حدث اليوم في مدينة تعز من كارثة أخلاقية، بكل معنى الكلمة، لم يشهد اليمن لها مثيلًا في تاريخه القريب.

 

 

وأكد أن اغتيال "افتهان المشهري" انقلاب أخلاقي جذري، تم في مدينة طالما تطلع إليها اليمنيون كمركز حضاري ظل يعيد تشكيل الانسان بقواعد الحب والمدنية، واحترام حقوق الانسان، والدفاع عن كرامته وتقدير مكانة المرأة كأهم عنصر في منظومة القيم التي شكلت على الدوام العنصر الجامع لأبناء هذه المدينة، والتي لطالما أفردت لهم مكانة مميزة في كل بقعة في اليمن.

 

وقال "لا شك أن هذه حادثة خطيرة لها ما بعدها، فإما أن تكون مقدمة لتدهور قيمي لن يتوقف إلا بإغراق هذه المدينة التاريخية ومعها تعز بأكملها في مستنقع الفوضى، وإما أن تكون علامة فارقة بين زمنين، الماضي منهما زمن غريب لا يليق بهذه المدينة، والقادم منهما زمن الانضباط، واستعادة المدينة التي كان يركض فيها الوطن مزهوًا بقيم المدنية والمحبة والسلام، ومقاومة الظلم وظلامية التحريض على قتل المختلف صاحب الرأي أيًا كان اسمه وعنوانه".

 

ودعا نعمان إلى ضرورة الانتباه لأي اختراق حوثي يشعل مثل هذه الفوضى في معركة يستخدم فيها كل الأوراق.

 

تحميل سلطات تعز المسؤولية

 

وعلى المستوى الشعبي أدانت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، اغتيال المشهري. وطالبت السلطات المحلية في تعز وأجهزتها الأمنية بسرعة القبض على الجاني وتقديمه للعدالة.

 

 

وحملت كرمان، السلطات المحلية والأجهزة الأمنية في تعز "تبعات أي تهاون أو تقصير"، مضيفة: "رحمها الله ولا نامت اعين القتلة والمتهاونين والمقصرين".

 

شبكات الجريمة السياسية والفساد

 

الكاتب الصحفي خالد عبدالهادي عبر عن شعوره بالقول "والله لم أحس أني تلقيت صفعة على وجهي إلا هذا اليوم، كرب فوق الوصف وتنوء الكلمات بالاسترسال فيه".

 

 

وأضاف "الخلود لافتهان والخزي الأبدي للقتلة وشبكات الجريمة السياسية والفساد".

 

عصابات مافيا

 

الناشط عبدالرحمن النويرة، قال "والله إنه خبر يوجع القلب، من أجل أن هناك مسؤول شريف نزيه ماسك مكتب إيرادي وما رضى يقاسم الفلوس لبعض النافذين على طول نسير نفرغ قرن رصاص في رأسه، وعاد هذا المسؤول امرأة يا معدومي الضمير رغم انها جريمة بشعة سواء كان رجل أو امرأة".

 

وأضاف "لم يسبقكم يا تعز إلى هذه أحداً من العالمين.. ما كنت مصدق على قصة المافيات والعصبات والهوامير والنافذين داخل تعز، بس اليوم تأكد لنا أن تعز وضعها خطـير جدا".

 

وتابع النويره "هذه المدينة الجميلة الفاتنة المثقفة لا تستحق كل هذا الجنون، ونحن نكتب عليك يا تعز بقهر وعن محبة وأتمنى أن يتحمل أبنائها هذا النقد فتعز ليست حصرا على من ولد فيها".

 

 

وأردف "البعض يتساءل لماذا قتلوها؟ وقال "قبل ما تمسك المشهري مكتب النظافة في تعز كان هناك نافذين متعودين يتقاسمون إيرادات مكتب النظافة مع بعض الفاسدين، وريحة تعز قد كانت واصلة عدن من تراكم القمامة في المحافظة وغيره من الإهمال، بس عادي أهم حاجة كان ان المخصصات حق العصابات توصل والذي هم جزء كبير داخل الدولة".

 

وزاد "اجت الأستاذة المشهري بكل شجاعة أغلقت كل منافذ الفساد والحنفيات، وقالت إيرادات النظافة للنظافة وبس، اشترت معدات ثقيلة حسنت النظافة شجرت الشوارع، كرمت موظفي النظافة، صرفت اكراميات للعمال".

 

وأكد أن النافذين لم يسكتوا، في البداية هددوها واقتحموا مكتبها وطردوا الموظفين، والدولة هناك راقدة، وقال المسؤولون الذين هم جزء من العصابة هناك: وهي لماذا ما تقاسم الإيرادات مثل البقية".