ياسر منصور
في نيبال، دولة صغيرة محاطة بالجبال، انتفض الشعب لأجل ما يراه حقًا له؛ لا بسبب الجوع، ولا بسبب الحروب، بل لأن الحكومة قررت حظر بعض تطبيقات التواصل. لم يكن الحظر مسألة حياة أو موت، لكنه مسّ الكرامة، وتعدى على الحرية. فهبّ الناس، وارتفعت الأصوات، وقُلبت الحكومة رأسًا على عقب، وسقطت الأقنعة، وطُيّر من كان في سدة الحكم طيرًا.
في المقابل، وعلى بعد آلاف الأميال، في اليمن، البلد الذي أنهكته الحروب، وعصفت به الأزمات، وأكل الجوع أطفاله، ونهش الفساد كل مؤسساته، ما زال الصمت سيد الموقف. يُحارب الإنسان في قوته، ويُحاصر في أمنه، وتُغتال أحلامه، وتُسحق عملته، ولا تُسمع له كلمة، ولا يُرى له موقف، وكأن ما يجري مجرد مشهد من فيلم طويل لا يعنيه، أو كأننا في عالمٍ آخر لا يخصنا.
هل المسألة وعي؟ أم خنوع؟ أم يأس عميق غرس جذوره في النفوس حتى بات الاعتياد على المأساة أسلوب حياة؟
في نيبال، رفع الناس أصواتهم لكرامتهم. أما في اليمن، فقد أصبحت الكرامة رفاهية، والصوت المرفوع جريمة. في نيبال، استقالت الحكومة تحت ضغط الشارع، أما هنا، فالفساد يتمادى، والفقر يتوسع، والتسول يصبح واقعًا مألوفًا.
اليمن، رغم تاريخه العريق، ورجاله الذين صنعوا المجد في صفحات التاريخ، يبدو اليوم كمن ضل طريقه. أهو نوم طويل؟ أم تخدير ممنهج؟ أم أنه الإحباط وقد تحول إلى مرضٍ عضال؟
حين تتحرك الشعوب لأجل أبسط حقوقها، يسقط الظلم، ويُصنع التغيير. أما حين تصمت، فإنها تهدي المستبد مزيدًا من الوقت لتجويعها، وإذلالها، وسرقة ما تبقى من أحلامها.
فإلى متى يستمر هذا الصمت؟ ومتى ستتذكر الصحارى أنها كانت مهد الحضارات، وأنها قادرة على أن تهتز كما تهتز الجبال؟
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news