إضراب المعلمين يشلّ مدارس حضرموت (برّان برس)
برّان برس - المكلا - ناصر بامندود:
على الرغم من بدء العام الدراسي الجديد، منذ أكثر من أسبوعين، إلاّ أن طلاب المدارس الحكومية في محافظة حضرموت، (شرق اليمن)، لا يتلقون أي "حصص" دراسية، في المدارس، التي واضبوا على الذهاب إليها منذ اليوم الأول، وذلك لإضراب المعلمين.
وكانت المدارس في حضرموت، قد عادت إلى الانتظام، نهاية الفصل الثاني من العام الدراسي الماضي (2023/ 2024)، في مدينة المكلا عاصمة المحافظة، وبقية المدن والمديريات، بعد تدخل السلطات المحلية التي كسرت إضراب المعلمين حينها، بإضافاتها 25 ألف ريال، كحافز شهري لكل معلم، يضاف إلى "الراتب" المعتمد من الدولة.
إلا إن الأمر، تفاقم مع بدء هذا العام، لعدم توصل مكتب وزارة التربية والتعليم في ساحل حضرموت ومعها السلطة المحلية، إلى اتفاق مع النقابات التربوية والتعليمية، لعدم مواصلة الإضراب، وهو ما دفع المكتب أن يصدر قراراً، قضى بعدم صرف رواتب المعلمين الأساسيين والمتعاقدين، إلاّ بعد مباشرة العمل، وهو ما قابلته النقابات بالرفض ومواصلة الإضراب.
الإضراب، شل التعليم في المدارس الحكومية، بمدينة المكلا، حيث وصلت نسبته إلى 92%، بينما في مديرية حجر، وصل إلى (100) %، وفق مصادر نقابية، وهو ما أوجد معارضين له في الأوساط التعليمية والشعبية، كونه سيضر بالأطفال وتعليمهم، وسيتسبب بضياع عام دراسي آخر، في حين يرى مؤيدوه، ضرورة إعطاء المعلم حقوقه ومشروعية مطالبهم.
أضربنا من شدة الجوع
"برّان برس"، استطلع الفريقين، مستمعاً لوجهات النظر المختلفة، بما فيهم أولياء الأمور، والبداية مع رئيس نقابة معلمي وتربويي ساحل حضرموت "عبد اللّه الخنبشي"، الذي برر الإضراب ونفى تعطيل التعليم، وقال: "نحن ليسوا معطلين للتعليم ولا مخربين ولا دعاة فوضى، ولكننا اضربنا من شدة الجوع فقط".
وأضاف في تصريح لـ "بران برس": "لا يمكن لمعلم جائع، أن يقدم شيئاً لطلابه، وأن الهدف الرئيس من الإضراب تحسين جودة التعليم"، وقال: "لن نصل إلى جودة التعليم بمعلم منكسر ".
ورداً عن سؤال إجراء النقابة حوارات مع مكتب التربية والتعليم والسلطة المحلية، أشار "الخنبشي"، إلى "مناقشات سابقة"، مع السلطة المحلية، إلا إنهم لم يصلوا إلى حلول، مضيفاً: "لكننا نؤمن بالحوار البناء، والمحادثات تبدأ بتمسك كل طرف بمطالبه، وبعدها تتحلحل الأمور، ومن لديه نفس أطول يحقق مكاسب أكثر".
وأوضح أن نسب الإضراب التي تعلنها النقابة، في صفحاتها على التواصل الاجتماعي، أن الأرقام تصلهم من المندوبين في المدارس، وليس "توهمات"، مشيراً إلى أن المدارس مفتوحة أمام المعلمين بما فيهم مندوبو النقابة، ونسبة الخطأ تكاد تكون ضعيفة، والمندوب المتذبذب نرسل شخصًا بديلًا عنه لنطابق النسبة".
رأي مسؤولي التعليم
من جهته، تحدث نائب مدير مكتب وزارة التربية والتعليم في ساحل حضرموت، "علوي الحامد"، عن إجراءات عدم صرف رواتب الثابتين والمتعاقدين من المعلمين، وذلك في شهر أغسطس الذي يعتبره المدرسون ضمن الإجازة الصيفية.
وأشار في حديث مع "بران برس"، إلى اللقاء الذي عقده المكتب بالسلطة المحلية، قبل أيام، قال إنه شمل "مسؤولي الخدمة المدنية والتأمينات، والشؤون القانونية بساحل ووادي حضرموت".
وأضاف، أن الاجتماع خرج ببيان، بإلزام العودة إلى المدارس، استنادًا إلى تشريعات الخدمة المدنية النافذة، التي تقضي بأن الأجر مقابل العمل، وكون تعطيل العملية التعليمية سيؤدي إلى إلحاق الضرر بأبنائنا الطلاب بسبب امتناع بعض المعلمين من الحضور إلى مدارسهم في أوقات الدوام الرسمي ومباشرة أعمالهم.
ولفت إلى أن ما خرج به الاجتماع، كان نتيجة لتحسن الأوضاع الاقتصادية العامة في الجمهورية، والإجراءات المتّبعة من قبل الحكومة في تحسين الوضع المعيشي، من خلال تعزيز القوة الشرائية للعملة الوطنية، التي انعكست مباشرة على المستوى المعيشي للمواطن، وحرصًا على تغليب الصالح العام على الصالح الخاص.
وبخصوص الإضراب، أكد الحامد، أنه "يتم صرف حوافز تربوية وتسويات وعلاوات سنوية وبدل طبيعة عمل ومواصلات، على مختلف فئات الموظفين الثابتين والمتعاقدين، من قبل السلطة المحلية، وحقوقهم أفضل من محافظات أخرى".
معلمة.. معاناة ممتدة
إلى ذلك، قالت "شذى عمر"، وهي معلمة، أضربت عن التدريس: "أضربنا، لأن الراتب لم يعد يكفي لاحتياجات أسرنا الأساسية، سواء كان سعر الصرف في تحسن أو انهيار فالأمر نفسه.
وأضافت لـ "برّان برس"، أن ما تعانيه ليس، وليد اللحظة، بل ممتداً إلى والدها، الذي كان معلماً كذلك، وكان راتبه لا يغطي احتياجات عائلته المعيشية اليومية، مشيرة إلى أنه "من كان له والد معلم أو أم أو زوجة سيشعر بمعاناة المعلم، صبرنا كثيراً ونعلم أنه قد تنفجر الأمور في يوم ما".
وتابعت بالقول: "والمستفز لنا، أن هناك من يطالبنا بالصبر، بينما كشوفات الإعاشة ترسل 11 مليون دولار، كدفعةٍ أولى شهرياً، لمن هم في خارج البلاد"، مضيفة: "إضرابنا ليس من أجل زيادة راتب فقط، إنما لأجل حقوقنا من توظيف وامتيازات، نحن المعلمون نريد كرامتنا ".
وعن تضرر الطلاب من توقف العملية التعليمية أسفت المعلمة "شذى عمر"، بأن الطلاب، هم من يخسرون حصصهم، غير أنه من الواجب التفكير أيضًا في المعلمين وحقوقهم".
حسرة أم
وعمّا يراه أولياء الأمور في الإضراب، تحدثت "أم صالح" عن وضع طفليها "صالح وأيمن"، اللذين يدرسان في صفين مختلفين، وتوقظهما كل صباح، وترسلهما لكي يتعلما، ويكون لهما مستقبل مهني وقدرات تعليمية، ولكنهما بعد دوامٍ دراسيٍ يعودان بلا أي حصص دراسية، ولم يتعلما حرفًا أو يتحصلا على معلومة واحدة على عكس أقرانهم في المدارس الخاصة.
وأضافت "أم صالح"، لـ"بران برس"، "نحن مع حقوق المعلمين، إذا شعروا بنقصان حقوقهم، ولكن لا بد من حلولٍ وسطى، لا تعرقل العملية التعليمية بشكلٍ كامل، خصوصًا أنهم اكتسبوا بعض الحقوق في إضرابهم السابق قبل عامين ".
أرقام
وتشير بيانات السلطة المحلية إلى أن عدد الطلاب والطالبات للعام الدراسي الجديد 2026/2025م في عموم حضرموت 324.082 طالبًا وطالبة، منهم 167.285 ذكورًا و156.797 إناثًا، من بينهم 273.658 في التعليم الأساسي و198.699 في التعليم الثانوي، موزعين على 886 مدرسة للتعليم الأساسي والثانوي.
ويلتحق بمدارس ساحل حضرموت 178.690 طالبًا وطالبة، منهم 89.286 ذكورًا و89.404 إناثًا، من بينهم 148.275 في التعليم الأساسي و178.690 في التعليم الثانوي.
فيما يبلغ عدد الطلاب والطالبات في وادي وصحراء حضرموت 145.392 طالبًا وطالبة منهم 77.999 طالبًا و67.393 طالبة، من بينهم 125.383 في التعليم الأساسي و20.009 في التعليم الثانوي موزعين على 428 مدرسة للتعليم الأساسي والثانوي.
حضرموت
رواتب المعلمين
المكلا
التعليم
المدارس
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news