فقدت اليمن، الجمعة، إحدى أبرز رموز الكفاح النسوي في أريافها، برحيل الحاجة آمنة علي حمود العلفي، أول سائقة أجرة في البلاد، والمعروفة بين الأهالي بلقب "البريد"، بعد إصابتها المفاجئة بفشل كلوي لم يمهلها سوى يومين بحسب مصادر إخبارية.
منذ سبعينيات القرن الماضي، شقت آمنة طرقات جبلية وعرة في مديرية حفاش بمحافظة المحويت، متحدية النظرة المجتمعية، ومثبتة أن المرأة قادرة على اقتحام مجالات العمل الشاقة. وقادت سيارتها لنقل البضائع والركاب بين القرى والمناطق، وسط منحدرات وخطورة المسالك الجبلية، لتصبح رمزاً للإصرار والعزيمة.
رحلة آمنة بدأت حين تعلمت قيادة السيارة على يد شقيقها، ولم يوقفها عن المضي قدماً سوى حادث سير أقعد شقيقها وأفقده بصره، لتتحمل بمفردها إعالة أسرته المكوّنة من أحد عشر فرداً. تحولت حينها إلى سائقة أجرة بديلة عنه، فكان العمل شاقاً لكنه فتح لها باباً لخدمة أسرتها ومجتمعها.
عملت في بداياتها على سيارة "شاص" لنقل البضائع للتجار، قبل أن تمتلك سيارة صالون بيضاء لنقل الركاب والقيام بالمشاوير الخاصة، بما فيها الأعراس والمناسبات. ولم تكن تنتظر عوناً في صيانة سيارتها، بل كانت تصلّح إطاراتها وتتعامل مع أعطالها بنفسها.
عرفها أهل المنطقة بطيبتها وحرصها على مساعدة المحتاجين، وبأنها ضحّت بحياتها الخاصة، إذ لم تتزوج لتكرّس وقتها لرعاية أبناء شقيقها وتربيتهم.
وفي حديث سابق، خاطبت نساء اليمن قائلة: "قيادة السيارة ليست صعبة، المهم الشجاعة والإرادة، فلا شيء مستحيلاً أمام العزيمة."
برحيلها، خسر الريف اليمني أيقونة نسوية نادرة، جسّدت معنى التضحية وتحمل المسؤولية، وكسرت قيد التقاليد لتبقى سيرتها نموذجاً ملهماً للأجيال القادمة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news