في تطور خطير يُقلق ملاحة الملاحة التجارية الدولية، شهدت منطقتا البحر الأحمر والبحر الأسود هجمات متزامنة خلال 31 أغسطس 2025، أثارت مخاوف متزايدة من تعمق المخاطر في ممرات بحرية استراتيجية.
ووفق تقرير استخباراتي بحري صادر عن صحيفة "اخبار الشحن" اليونانية، فإن التصعيد في كلا المنطقة يعكس تطورًا متسارعًا في نمط الهجمات غير الحكومية، ويزيد من عبء التأمين والنقل على الصعيد العالمي.
وأفاد التقرير بأن ناقلة النفط "سكاريت راي"، التي ترفع علم ليبيريا وتدور تحت إدارة شركة "إيسنتن باسيفيك شيبينغ" السنغافورية المرتبطة بمصالح إسرائيلية، تعرضت لهجوم صاروخي قبالة سواحل ينبع في المملكة العربية السعودية. ورغم أن السفينة نجت من أضرار جسيمة، فإن الحادث يُعد أول هجوم مؤكد في أعالي البحر الأحمر، ما يُظهر تحولاً في استراتيجية الجماعات المسلحة.
وأوضح التقرير أن الهجوم، الذي ادعت قيادة الحوثيين مسؤوليتها عنه كرد على الغارات الجوية الإسرائيلية في اليمن، يعكس توسع نطاق العمليات واستخدام صواريخ إيرانية متطورة وطائرات مسيرة منخفضة الارتفاع. وقد أدى هذا التصعيد إلى تغيير جذري في مسارات الشحن، حيث بدأت شركات عالمية كبرى مثل "ميرسك" و"إم إس سي" في تجنب البحر الأحمر بالكامل.
وقال التقرير إن السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وُضعت فعليًا في قائمة "المناطق المحظورة"، ما دفعها إلى اتخاذ مسارات بديلة عبر رأس الرجاء الصالح، ما يرفع تكاليف الشحن بنسبة تقدر بنحو 30% ويزيد أسعار التأمين البحري بنسبة تجاوزت 50% منذ منتصف 2024.
وأشار التقرير إلى أن مصر تواجه ضغوطًا اقتصادية متزايدة، إذ انخفضت عائدات قناة السويس بنسبة 40% منذ عام 2023، ما يفاقم أزمة ديونها ويشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرارها المالي. وبحلول نهاية العام الماضي، سجلت عبور السفن الحاويات عبر القناة انخفاضًا بنسبة 72%، ما يعكس تراجعاً حاداً في الحركة التجارية.
وفي سياق متصل، تعرضت سفينة الشحن "إن إس برايد" التي ترفع علم بليز لهجوم بعبوة ناسفة مجهولة المصدر قرب ميناء أوديسا الأوكرانية في البحر الأسود.
ورغم أن السفينة بقيت طافية ولم تُسجل إصابات، إلا أن الأضرار التي لحقت بها تُعد مؤشراً على استمرار تهديدات الملاحة في المنطقة.
وأفادت البحرية الأوكرانية بأن الحادث يُعزى إلى "الخلط الخطير بين الألغام العائمة والطائرات المسيرة غير المأهولة"، التي لا تزال تهدد الممرات البحرية رغم جهود الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لتخفيف المخاطر.
ولفت التقرير إلى أن هذا النوع من الهجمات، الذي يعتمد على التفجيرات الخفية، يصعب تتبع مصادرها، ما يجعل من الصعب استرداد الثقة في سلامة الملاحة.
ونبه التقرير إلى أن وضع البحر الأسود يظل حرجًا، خاصة في ظل استمرار التوترات في شرق أوكرانيا، ما يعيق جهود البلاد لاستعادة قدراتها التصديرية لمستويات ما قبل الحرب. ويُعد هذا التصعيد الأخير دليلاً على أن التهديدات البحرية لم تعد مقتصرة على مناطق النزاع، بل امتدت ليشمل ممرات شحن دولية حيوية، مما يفرض عودة جادة إلى مفاهيم الأمن البحري الشامل.
وأكد التقرير أن التصعيد في كلا المنطقتين يُشكل تحدياً استراتيجياً للدول الكبرى، ويدعو إلى تجديد التحالفات البحرية وتعزيز مراقبة الممرات، خاصة في ظل غياب حل سياسي فعّال في غزة وانعدام تقدم في مفاوضات السلام في الشرق الأوسط.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news