"الحديدة والساحل الغربي: بين التحرير والمناورات الإقليمية" تقدير موقف

     
يني يمن             عدد المشاهدات : 159 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
"الحديدة والساحل الغربي:  بين التحرير والمناورات الإقليمية" تقدير موقف

"الحديدة والساحل الغربي:

بين التحرير والمناورات الإقليمية"

# تقدير موقف

اعداد : حياة جعدان

المدير التنفيذي لمركز تهامة للدراسات والتنمية

تشهد مدينة الحديدة وإقليم تهامة وعلى امتداد الساحل الغربي منعطفًا بالغ الحساسية، حيث تتقاطع فيه خيوط الصراع المحلي مع حسابات إقليمية ودولية معقدة. فاغتيال شخصيات اجتماعية وقيادات محلية – مثل حادثة تصفية الشيخ صالح حنتوس – لم يعد مجرد فعل جنائي، بل يمثل جزءًا من تكتيك يهدف إلى إرباك المجتمع وتفكيك بنيته، بما يمهد الطريق أمام إعادة التموضع العسكري والسياسي لقوى الصراع. خاصة جماعة الحوثي التي ارتكبت الجريمة والمصنفة دوليا جماعة إرهابية.

في الوقت ذاته، تكشف عمليات ضبط شحنات الأسلحة المهربة عبر البحر الأحمر من قبل قوات الساحل عن استمرار تغذية خطوط التسلح الخارجي، بينما يوظف الحوثي الجبال المطلة على الساحل لإعادة نشر أسلحته، في محاولة لفرض معادلة ردع جديدة تجاه القوى المناوئة له، ولإبقاء البحر الأحمر ورقة ضغط استراتيجية في مواجهة الداخل والخارج.

---

1. القتل والاغتيالات وإعادة التموضع

موجة اغتيالات طالت قيادات محلية بارزة، على رأسها الشيخ صالح حنتوس. لم تعد هذه الاغتيالات مجرد أعمال عنف فردية، بل باتت جزءًا من استراتيجية لتفكيك البنية الاجتماعية وإضعاف الحاضنة الشعبية للقوى الوطنية. في المقابل، يواصل الحوثي إعادة نشر أسلحته في الجبال المطلة على البحر الأحمر، ما يعكس سعيه لفرض معادلة ردع جديدة، ويزيد تعقيد أي جهود لتحرير الساحل.

---

2. السخط الشعبي: مؤشرات وأبعاد

يرتفع السخط الشعبي في الحديدة وتهامة بفعل تدهور الأوضاع المعيشية، وغياب الخدمات، والضرائب المرهقة، والقمع السياسي. هذه الحالة، إن لم تُستثمر سياسيًا، قد تتحول إلى احتجاجات عشوائية وفوضى، لكنها في المقابل تمثل خزانًا قويًا للضغط السياسي إذا ما توفرت قيادة سياسية فاعلة قادرة على تحويل الغضب الشعبي إلى مشروع منظم.

---

3. جهوزية قوات الساحل والمقاومة التهامية ودور طارق صالح

تلعب قوات الساحل الغربي والمقاومة التهامية دورًا حاسمًا في ضبط الأرض وحماية المدنيين، بالإضافة إلى قدراتها على منع تهريب الأسلحة والسيطرة على الممرات الاستراتيجية. وقد برز العميد طارق صالح كفاعل سياسي–عسكري يحاول إعادة ترتيب التحالفات الوطنية، وهو عامل رئيسي في تحديد موازين القوى المستقبلية في الساحل الغربي.

---

4. المنطقة العسكرية الخامسة: ركيزة شمال الساحل

إلى جانب قوات الساحل، تلعب المنطقة العسكرية الخامسة (ميدي وحرض) التابعة للشرعية دورًا مهمًا في الضغط على الحوثيين من الجهة الشمالية للساحل الغربي. ورغم ما واجهته هذه المنطقة من تحديات ميدانية وإمكانات محدودة، إلا أنها صمدت في مواجهة الحوثي، وتُعدّ مكملة للتحركات في الحديدة.

إن التنسيق العملياتي بين المنطقة الخامسة وقوات الساحل الغربي يمكن أن يشكل جبهة ممتدة من ميدي شمالًا حتى المخا جنوبًا، ما يفتح الباب أمام إعادة التوازن الميداني ويقوي فرص أي عملية تحرير مستقبلية للحديدة.

---

5. التكتل الوطني: قوة سياسية صاعدة

في ضوء السخط الشعبي والفراغ السياسي، يظهر التكتل الوطني كقوة صاعدة قادرة على تأطير الغضب الشعبي وتحويله إلى مشروع سياسي منظم. يساهم هذا التكتل في تغيير موازين القوى على الأرض، ويطرح بديلًا وطنيًا يوازن بين القوى التقليدية ويعيد الاعتبار للمجتمع، ما يخلق فرصة لتقليل الاعتماد على التدخلات الإقليمية والدولية.

---

6. أهمية المحافظات المطلة على الساحل: ريمة وحجة

تمثل محافظات ريمة وحجة، خاصة ريمة، امتدادًا استراتيجيًا للساحل الغربي، كونها تتحكم بممرات داخلية تؤثر على خطوط الإمداد والتحركات العسكرية. السيطرة على هذه المحافظات تتيح لأي قوة تهديد أو حماية الساحل الغربي وموانئه الحيوية، مما يجعلها نقطة محورية في أي خطة لتحرير الحديدة أو حماية الممرات البحرية.

---

7. تحرير الحديدة: بين المغامرة والحشد الشعبي

تحرير المدينة يظل هدفًا استراتيجيًا، لكنه محفوف بالمخاطر إذا لم يرافقه حشد شعبي ودعم سياسي. تعتمد أي خطة على دمج الجهود العسكرية مع التوافق السياسي المحلي والخارجي، لضمان نجاح العمليات وتقليل الخسائر، مع تأمين الحاضنة الشعبية التي تحدد مصداقية أي حركة تحرير.

---

8. الموقف الخليجي: البحر الأحمر كأولوية أمنية

يضع مجلس التعاون الخليجي البحر الأحمر في صدارة أولوياته الأمنية، داعيًا لحماية الملاحة والتجارة الدولية. ومع ذلك، فإن فعالية هذا الموقف مرتبطة بقدرة الدول الخليجية على مواءمة أدواتها مع القوى المحلية، لضمان أن أي تدخلات تدعم الاستقرار، لا أن تصبح سببًا في تصعيد إضافي للصراع.

---

9. الصمت الأمريكي النسبي والتحرك الروسي–الصيني

رغم أن الولايات المتحدة خاضت مواجهات محدودة مع الحوثيين لحماية الملاحة، فقد تبنى جزء من الموقف سياسة الصمت السياسي النسبي، تاركة المجال لتوسع النفوذ الروسي–الصيني في البحر الأحمر. هذا الانسحاب السياسي الجزئي منح إيران هامش تحرك أكبر، خاصة في دعم الحوثي والتموضع في الممرات البحرية الحيوية.

---

10. إيران: الاستماتة لتعويض الخسائر والحفاظ على النفوذ

تستميت إيران لتعويض الخسائر بعد الضربات الأمريكية والإسرائيلية، والحفاظ على موقعها في البحر الأحمر، مستثمرة الحوثي كورقة استراتيجية. تسعى لإعادة فرض النفوذ عبر الدعم العسكري والخبراء، في محاولة لتعويض أي ضعف في مشروعها النووي، والحفاظ على موطئ قدم استراتيجي يربط اليمن مباشرة بمصالحها الإقليمية.

---

11. القصف الإسرائيلي وتقاطعاته مع الحوثي

الضربات الإسرائيلية على إيران وحلفائها أعادت ترتيب التوازنات، حيث بدا الحوثي وكأنه يتماشى أحيانًا مع هذه الضربات عبر بعض تحركاته الميدانية. هذا التناقض يعكس الصعوبة التي يواجهها في الموازنة بين الداخل اليمني وخطاب المقاومة الإقليمي، مع استمرار السعي لإعادة التموضع العسكري والسياسي في البحر الأحمر.

---

الخاتمة: مفترق طرق استراتيجي

الحديدة والساحل الممتد عبر تهامة ريمة وحجة وتعز أمام مفترق طرق حاسم:

إما أن يبقى الوضع تحت سيطرة القوى المتصارعة وإعادة التموضع الحوثي–الإيراني، مع تفاقم السخط الشعبي والفوضى.

أو أن يتحول السخط الشعبي إلى قوة منظمة عبر التكتل الوطني والقوى التهامية، لتصبح تهامة محورًا استراتيجيًا في إعادة ترتيب التوازنات المحلية والإقليمية، وحماية البحر الأحمر كممر حيوي دوليًا.

---

التوصيات:

1. تفعيل دور التكتل الوطني لتحويل السخط الشعبي إلى مشروع سياسي منظم وقوي.

2. تعزيز التنسيق بين المقاومة التهامية وقوات الساحل لضمان السيطرة الميدانية وحماية المدنيين.

3. دمج المنطقة العسكرية الخامسة مع قوات الساحل الغربي في خطة موحدة لتحرير الحديدة.

4. دمج جهود التحرير العسكري مع الدعم السياسي المحلي لتجنب المخاطر الإنسانية والفوضى.

5. مواءمة الموقف الخليجي مع القوى الوطنية على الأرض لتعزيز الاستقرار في الساحل الغربي والحديدة.

6. رصد تحركات إيران والحوثي واستثمار الفراغ الدولي لمنع توسيع النفوذ الإيراني في البحر الأحمر.

7. الاهتمام بالمحافظات الساحلية الاستراتيجية (ريمة وحجة) كخط دفاع أول لحماية الممرات البحرية والموانئ الحيوية.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

الزبيدي رئيسا للجمهورية اليمنية المعترف بها دوليا

مراقبون برس | 522 قراءة 

حزمة قرارات رئاسية بتغييرات وزارية وعسكرية في اليمن

مراقبون برس | 472 قراءة 

إحباط عملية تهريب في مطار عدن: ضبط طرد يحتوي على مفاجأة ضخمة والقبض على شخصين

نيوز لاين | 374 قراءة 

”من أجل سلامته وكرامته… مواطن في إب يضطر لبيع عمارة فاخرة هربًا من جاره وبرج اتصالات!”

المشهد اليمني | 369 قراءة 

محافظة يمنية مهملة تغرق بالنفط ولم يتم التنقيب فيها وتم اكتشافه قبل أكثر من مائة عام .. تفاصيل

يمن فويس | 368 قراءة 

طارق صالح يطلق هذا التحذير الهام بعد حراك سياسي مع السفراء !

يمن فويس | 312 قراءة 

مأساة في صعدة.. شاب يف جّر نفسه بجوار قبر حبيبته بعد أن رفض أهلها تزويجه بها

كريتر سكاي | 311 قراءة 

هؤلاء المسؤوليين يقهرون ملايين اليمنيين بعمل خسيس وصادم

نيوز لاين | 286 قراءة 

موعد مباراة العراق ضد الإمارات في مواجهة مصيرية لملحق كأس العالم 2026

عدن نيوز | 244 قراءة 

ترامب يفاجئ إسرائيل: المهمة لم تُنجز بعد وحماس أبلغتنا هذا الأمر!

موقع الأول | 236 قراءة