يفتح
إعلان جماعة الحوثي مقتل رئيس حكومتها أحمد الرهوي، ووزراء آخرين في غارة لإسرائيل على العاصمة صنعاء الخميس الماضي بابا جديدا في سياق التطورات العسكرية بين الجماعة وإسرائيل.
يعد هذا الاستهداف أول عملية ناجحة لإسرائيل في اغتيال شخصيات رفيعة داخل الهيكل الحكومي لجماعة الحوثي، ويشير إلى تحول في الحرب التي تشنها تل أبيب على الجماعة منذ نحو عامين، والتي من الواضح أنها تحولا نوعيا، وانتقلت من استهداف البنية التحتية للحوثيين، إلى استهداف القيادات بشكل مباشر.
وهذا التحول يعني أن إسرائيل باتت تملك المعلومة على الأرض في مناطق الحوثيين، بعد تأكيدها سابقا بعدم قدرتها على استهداف قيادات الجماعة نظرا لغياب المعلومات الميدانية، التي ترصد التحركات، وتتيح لها تنفيذ عمليات دقيقة، وهو ما ظهر خلال شنها غارات سابقة لاستهداف قيادات عسكرية، وباءت بالفشل، ومن ذلك إعلانها مقتل رئيس الأركان في جماعة الحوثي عبدالكريم الغماري الشهر الماضي.
وأعلنت الجماعة عن هذه العملية بعد مضي أكثر من 24 ساعة على وقوعها، ما يشير إلى حالة التكتم التي تفرضها، على مثل هذه الأخبار، وحجم الضربة التي تلقتها، ودفعتها لترتيب نفسها، وتقديم الرواية في وقت لاحق.
وتحفظت الجماعة عن ذكر باقي أسماء الشخصيات المستهدفة، واكتفت بالحديث عن رئيس الحكومة فقط، لكن تقارير صحفية، ومنشورات لأقارب وزراء في الحكومة تحدثت عن مقتل بعضهم، ومنهم جمال عامر وزير الخارجية في حكومة الحوثيين.
وتعد هذه الضربة موجعة للحوثيين، من حيث عدد المستهدفين، وتوقيتها، واستهدفت قيادات حكومية تمثل واجهتهم في إدارة المناطق الخاضعة لسيطرتهم، ومضى على تعيينهم عام فقط، ولن تكون ذات تأثر في الشق العسكري، على عمليات الجماعة، في استهداف إسرائيل، أو العمليات البحرية التي ينفذونها، وذلك أن الجماعة تعمل عسكريا بشكل مستقل ومفصول عن المسار الحكومي المدني.
وبدا واضحا أثر الضربة من تعبير رئيس المجلس السياسي الأعلى في الجماعة مهدي المشاط، في الخطاب الذي القاه عقب إعلان مقتل رئيس الحكومة، والذي وصف العملية بأنها آلمتهم، واعتبرها ضربة حظ لإسرائيل، وتوعد بالثأر، عبر القوات المسلحة التابعة لهم، واتضح مدى قوة هذه الضربة في حديث المشاط أيضا، وإشارته إلى أن الوزارات الحكومية ستستمر في تقديم خدماتها، ما يعني وجود عدد كبير من الوزراء سقطوا في تلك العملية.
وتطابق هذه العملية بالنسبة لإسرائيل ذات النهج الذي سارت عليه في استهداف حزب الله في لبنان، وقيادات النظام في إيران، وقيادات حركة حماس، وذلك من خلال تركيزها على القيادات المؤثرة، لإحداث خلل تنظيمي، وإرباك داخلي لدى الجماعات التي تستهدفها.
ويمهد نجاح عملية الاستهداف للقيادات في صنعاء الباب أمام إسرائيل لتنفيذ عمليات مماثلة مستقبلا، بعد امتلاكها لمعلومات ميدانية وصلت إلى أعلى مستوى داخل الجماعة، وتحديدا في جناحها الحكومي، وهو ما سيغريها أكثر للمضي في عمليات الاستهداف.
بالنسبة للرد من قبل الحوثيين، فقد كشفت الجماعة موقفها العام، من خلال تعهدها بالانتقام والثأر، واستمرار عملياتهم الهجومية على إسرائيل عبر القوات المسلحة التي تتبعها، وهذا يشير إلى أن الجماعة ستواصل إطلاق صواريخها، ما يعني استمرار حالة الحرب بين الطرفين.
على الصعيد الداخلي تمثل هذه الضربة اختبارا جديدا للتحالف بين حزب المؤتمر الشعبي العام وجماعة الحوثي في صنعاء، والتي تعد الحكومة وتقاسم حقائبها أحد مخرجات ذلك التحالف، إذ ينتمي رئيسها لحزب المؤتمر مع أعضاء آخرين، بينما يتبع الباقون لجماعة الحوثي، وعقب عملية الاغتيال عينت الجماعة أحد محمد مفتاح وهو أحد القيادات المحسوبة عليها كقائم بالأعمال، ويعمل نائبا لرئيس الحكومة، ولم يتم تعيين شخصية من حزب المؤتمر تخلف رئيس الحكومة المحسوب على الحزب.
ولا يُعلم أن كان هذا التعيين مؤقتا، وسيتم إسناد رئاسة الحكومة من جديد لحزب المؤتمر، أم أن الجماعة ستطبق سيطرتها بالكامل على الحكومة، خصوصا مع الأزمة التي اندلعت مؤخرا بين الطرفين، عقب اختطاف الجماعة لقيادات في الحزب داخل صنعاء، وضغوطها لإقالة أحمد علي عبدالله صالح، من قيادة الحزب.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news