بشرى العامري:
تلقيت ردود كثيرة حول وضع وزارة الخارجية ومعاناة البعثات الدبلوماسية. وهالني سوء الفهم لدى كثير من الناس.
لن أخاطب أصحاب سوء النية ومتنطعي الظهور الإعلامي، أولئك لهم مآرب أخرى وسوء نية مبيتة.
حيث لا يخفى على أحد توجهاتهم الواضحة لضرب مؤسسات الدولة الشرعية وفي مقدمتها المؤسسة الدبلوماسية. نرى هؤلاء ينكرون توجهات إصلاح الوزارة ونجاحها في ترسيخ العمل من عدن، وتقليص عدد المبتعثين إلى حدود 60% من إجمالي العدد السابق.
ما لا يعرفه الكثيرون أن عدد أعضاء البعثات لم يعد كما كان في فوضوية أعوام 2016 و2018. بعض البعثات ليس فيها غير السفير وشخص أو شخصين. لكن من يقنع الذين في نفوسهم مرض، فلنترك هؤلاء لمرضهم ولتمضي الخارجية في تثبيت دعائم العمل الدبلوماسي بشكل صحيح.
والآن أعود إلى سوء الفهم عند البعض من العامة بل وحتى بعض الإعلاميين والسياسيين، في نقاش هادئ:
القول بان الضائقة المالية توجب إغلاق السفارات أو الحد منها، وذهاب البعض في لحظة غضب وانفعال للقول: لنغلق السفارات حيث لا فائدة منها، ولا ضرورة للتواجد الدبلوماسي لأنه في دول لا جاليات يمنية كبيرة فيها!!
هذا مفهوم يجب تصحيحه، حضور اليمن الدبلوماسي مهم لأنه يثبت وجود الدولة اليمنية وشرعيتها الدولية. وعماد قوة الشرعية هو الاعتراف الدولي والمركز القانوني الدولي المعترف به بين الدول والمحافل الدولية.
ومليشيات الحوثي تقاتل لأجل سحب هذا الاعتراف الدولي عن الشرعية أو تريد تقاسمه لتعيث فسادًا، لذا فإن أهم خلية حوثية ضد الشرعية ليست في الجبهة العسكرية فقط، بل هي الخلية الناعمة التي تعمل على ضرب سمعة الشرعية، ولا تمل من توجيه معاول الهدم عبر نشر كل الإحباط والتفاعل مع تذمر الشعب من سوء الحال وسوء الإدارة وجعله مقدمة لكل أمر وتطالب بحل مؤسسات الدولة الشرعية وضربها بتهم أنها فاسدة وفاشلة،. ومعظم هذه الأصوات للأسف استطاعت في غفلة أن تكون قريبة من أصحاب القرار، تدّعي نصرة هذا الوزير أو ذاك القائد ضد بقية أذرع الشرعية، وتعمل ليل نهار على تدمير الثقة ونشر الفوضى، وصرنا نرى بعضها في أوساط الشرعية للأسف بالقاهرة والرياض وغيرها.
نحن اليوم بحاجة للحضور الدبلوماسي اليمني في كل محفل دولي باسم الجمهورية اليمنية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي، ووزارة الخارجية اليمنية، وبحاجة إلى عودة مجلس النواب مثل حاجتنا لتوحيد القرار العسكري.
اليمن لديها فقط 53 بعثة على مستوى العالم، بينما يمكن معرفة كم لدى الدول الأخرى لتعرفوا الفرق وكم نحن بحاجة لحضور أقوى. مثلا لبنان لديه تمثيل يوازي ضعف هذا الرقم، وادخلوا ابحثوا عن مستوى الحضور الدولي للدول وأهميته.
في زمن الحروب والنزاعات، الدول الشرعية تضاعف من حضورها الدولي لتكسب الاعتراف أكثر من أيام السلم، ولو بتمثيل مصغر من شخص واحد محنك ومقتدر، كونه سيكون رمزًا لدولة.
وفي زمن الحرب والنزاعات يمكن اختصار الحكومة لحكومة طوارئ لا تزيد عن عشر حقائب مجمعة لتوفير النفقات وسرعة اتخاذ القرار، لكنها تحرص على فتح عشرين بعثة دبلوماسية جديدة ولو من شخص أو شخصين.
النقطة الثانية هي في خلط البعض بين الخدمات القنصلية والعمل الدبلوماسي السياسي، نحتاج الى خدمات قنصلية سريعة وراقية وتراعي ظروف الناس الذين شردتهم الحرب، وذلك حيث التجمعات اليمنية الواسعة، ليس لاستغلال الناس ولكن لخدمتهم، لتثبيت الهوية وتقديم العون القانوني وحتى الاجتماعي والنفسي. مثلا يمكن أن يكون في بلد مثل السعودية أربع قنصليات يمنية تقوم بخدمة أكبر جالية يمنية في الخارج، تتوزع القنصليات حسب جهات المملكة العربية السعودية الواسعة وتسهّل على الناس الخدمة والمتابعة. ومثل مصر وتركيا، وحاليا شمال أوروبا.
هذا هو منطق النقاش الذي يخدم الوطن والناس ويصلح الخلل.
وبطبيعة الحال الرقابة والتقييم مطلوبان دائما, أما النقاش العدمي الذي يطالب بهدم المعبد فيجب أن يتوقف لأنه يساعد التمرد الحوثي على تدمير الوطن لا أكثر.
ا
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news