أفصح الجيش الإسرائيلي للمرة الأولى عن استخدام جماعة الحوثي، ذراع إيران في اليمن، صواريخ تحمل رؤوس حربية عنقودية متشظية، لقصف أهداف داخل إسرائيل.
الجيش الإسرائيلي قال يوم الجمعة إنه أجرى عدة محاولات لاعتراض صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه مطار بن غوريون، متحدثا عن تفكيك الصاروخ في الهواء، لكن وسائل إعلام إسرائيلية تحدثت عن فشل منظومات الدفاع الاعتراضية في تدمير الصاروخ وأن أجسام قد سقطت في مناطق إسرائيلية.
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، قال إن هذه هي المرة الأولى التي يطلق فيها الحوثيون صاروخا عنقوديا على إسرائيل، مبينا أن "الإخفاق في عملية الاعتراض يوم الجمعة الماضي يخضع للتحقيق ولا علاقة له بنوع الصاروخ الذي تم إطلاقه"، مبينا أن الصاروخ احتوى على رأس حربي يضم 22 قنبلة صغيرة ومسلحة.
هذه الذخائر الصاروخية الانشطارية المتطورة بعيدة المدى بدأ الحوثيون استخدامها ضد إسرائيل منذ سبتمبر الماضي.
الجماعة الحوثية تحدثت للمرة الأولى عن امتلاك صواريخ بعيدة المدى تحمل رؤوس متعددة في الأول من شهر يونيو المنصرم.
وقالت على لسان مصدر مسؤول في وزارة الدفاع والإنتاج الحربي الحوثية إن تلك الصواريخ "مصممة بعدة رؤوس حربية في حال اعتراضها تنقسم لتصيب أهدافا أكثر ما يجعل منظومات العدو الصهيوني بلا فائدة".
التصريح الحوثي تكرر على لسان رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشّاط بعد نحو أسبوع متحدثا أن ما وصفه بالرد على إسرائيل سيكون متعدد الاتجاهات، وإن ميزات الصواريخ لم يتم استخدامها، داعيا إلى إبتعاد السفارات في تل أبيب لمسافات كافية من المواقع المستهدفة.
صور اعتراض الجيش الاسرائيلي لصاروخ حوثي
في العاشر من يونيو الماضي أطلقت الدفاعات الجوية الإسرائيلية ستة صواريخ اعتراضية لمحاولة التصدي لصاروخ أطلقه الحوثيون بعد دوي صفارات الإنذار في تل أبيب ومحيط مدينة القدس وبعض مستوطنات الضفة الغربية. وتداولت الشاشات الفضائية مشاهد لذخائر متعددة في الأجواء، ما يشير إلى استخدام الحوثيين صواريخ عنقودية.
وتتعمّد الجماعة الحوثية عدم الإفصاح عن نوعية ومسمى هذا النوع من الصاروخ، مكتفية بالقول بأنه "صاروخ باليستي فرط صوتي" وبعضها تقول إنه من طراز "فلسطين 2"، وهو بالأساس نسخة متطابقة من صاروخ "فتّاح" الذي طوّره الحرس الثوري الإيراني.
يقول خبراء في هندسة الصواريخ عملوا سابقا في القدرات الصاروخية اليمنية تحدّثوا لـ"ديفانس لاين" طالبين عدم الإفصاح عن هويتها، إن الجماعة الحوثية تجري تجارب تشغيلية لصواريخ متعددة الرؤوس الحربية تمكنت الجماعة من تطويرها.
وبحسب الخبراء فأن الصاروخ الحوثي المستخدم هو صاروخ (موسودان بي إم 25-
) الذي يطلق عليه اسم (هواسونغ 10) وهو صاروخ باليستي متوسط المدى طوّرته كوريا الشمالية، وقد كانت هذه القدرات الصاروخية ضمن تسليح الجيش اليمني سابقا التي استحوذت عليها الجماعة الحوثية منذ سبتمبر 2014، واستطاعت تجنيب بعضها الهجمات الجوية للمقاتلات العربية خلال عمليات "عاصفة الحزم" التي قادتها السعودية والإمارات ضد الحوثيين في اليمن (26 مارس 2025- 2 أبريل 2022م) والهجمات الأمريكية والبريطانية، وكذلك الإسرائيلية، منذ منتصف يناير 2023.
يقول الخبراء إن الحوثيين أخضعوا الذخائر الصاروخية الكورية لعمليات تطويرية وتعديلات يعمل عليها مهندسين وفنيين بإشراف خبراء من إيران وعراقيين ومن حزب الله، وخبراء صواريخ يمنيين سابقين وآخرين تم تدريبهم وتأهيلهم خارج اليمن بتنسيق مع فيلق القدس وحرس الثورة الإيراني.
ووجّهت الجماعة الحوثية وداعمتها إيران استثمارات هائلة لتطوير قنابل انشطارية ورؤوس حربية متعددة بمواد فتّاكة شديدة الانفجار، يتم تجريبها على صواريخ موسودان
BM 25
التي كانت ضمن مخزونات نظام صالح. ويشير الخبراء إلى أن تلك الصواريخ قد تم تطوير مدياتها سابقا، وكانت ينقصها الوقود فقط.
حول فرص تطوير الرؤوس الحربية لذخائر موسودان الكورية يقول الخبراء في حديثهم لمنصة "ديفانس لاين" إن هذه الصواريخ قادر على حمل 12 رأس حربي قادرة على الوصول إلى إسرائيل وتنشطر إلى 12 رأس متفجر. مشيرين إلى أن الجماعة الحوثية تعمل حاليا على تجريب المرحلة الأولى بتحميل تلك الصواريخ 6 رؤوس عنقودية.
ويقول الخبراء إن هذه التقنيات الحيوية كان يعمل عليها سابقا كوادر يمنية، وعددهم محدودا لا يتجاوز عدد 5 علماء تم تأهيلهم خارجيا خلال سنوات حكم صالح، بينهم 2 كانوا قد عينوا قادة في مجموعة ألوية الصواريخ منذ 2010، التي يقودها في الوقت الراهن الحوثي
عبد الحفيظ علي مهدي يحيى الهلالي
، وهو من صعدة برتبة لواء. وإلى جانب تلك الكوادر كان يعمل نحو 10 خبراء عراقيين، ومنذ ما بعد 2015 أسندت هذه المهام الحسّاسة لعناصر حوثية "جهادية" تثق الجماعة في ولائها، وقد تم تصفية بعض العلماء اليمنيين بعد قيام الجماعة بقتل الرئيس الأسبق علي صالح في ديسمبر 2017 واستكمال الجماعة السيطرة على التقنيات والمعرفة والأصول الصاروخية.
فيما تشير مصادر "ديفانس لاين" إلى أن ترسانة الجيش اليمني كانت تضم نحو 70 قطعة من صواريخ موسودان بي إم 25، استحوذ على معظمها الحوثيون الذين كانوا وحليفهم صالح سابقا قد هددوا باستخدام هذا النوع الصاروخي في سبتمبر 2015.
صواريخ موسودان بي إم 25 خلال استعراض بكوريا الشمالية
خصائص صاروخ موسودان بي إم 25 وهواسونغ
صاروخ "موسودان بي إم 25
" أو "هواسونغ 10" متوسط، طويل المدى (
IRBM
)، وقد صنعَته كوريا الشمالية وهو شبيه لصاروخ
R-27
السوفييتي (الناتو:
SS-N-6 'Serb
') الذي يُطلَق من الغوَّاصات. وقد تم الكشف عن "موسودان" لأول مرة في عرض عسكري في 10 أكتوبر 2010م خلال الاحتفال بالذكرى 65 لحزب العمال الكوري. وأجرت بيونغ يانغ تجاربه أواخر 2016.
وهذا السلاح من ضمن ترسانة حرس الثورة الإيراني. إذ تتحدث تقارير أن كوريا الشمالية باعت 18 مجموعة صواريخ موسودان إلى إيران عام 2005.
يعتمد الصاروخ على توجيه بالقصور الذاتي، ويتم تشغيله بالوقود السائل ولمرحلة واحدة. ويعمل بمحرك "
4D10
" الذي يستخدم وقود ثنائي ميثيل الهيدرازين غير المتماثل (
UDMH
) ورباعي أكسيد النيتروجين (
NTO
)، وهو وقود أكثر تطورًا مقارنة بالكيروسين المستخدم في صواريخ سكود وهواسونغ-7 (نودونغ) الكورية الشمالية.
ويُرجح أن مداه يتراوح بين 2,500 و4,000 كيلومتر، مع قدرة حمل تتراوح بين 500 و1,200 كيلوغرام. طول الصاروخ 12 متر، بقطر 1.5 – 2.0 متر. ويصل وزن الاطلاق إلى 26 كجم. قادر على حمل رأس حربي عالي التفجير أو نووي. يعتمد طريقة الإطلاق من قاعدة متحركة على الطرق أو من الأرض.
ترسانة الجيش اليمني كانت تضم عشرات القطع من نسخ أخرى من صواريخ "هواسونغ" الكورية الشمالية.
بينها صاروخ "هواسونغ-5" وهو صاروخ باليستي تكتيكي، قصير المدى. يصل مداه إلى 300 كم. مشتق من صواريخ آر-17 إلبروس الروسية.
تستخدمه إيران وكوبا واليمن. وقد أنتجته إيران تحت إسم "شهاب 1".
كذلك صاروخ "هواسونغ-6". باليستي تكتيكي قصير المدى. يعمل بالوقود السائل. ويصل مداه إلى 700 كيلومتر.
تصميمه مشتق من الصاروخ هواسونغ-5، الذي هو نفسه مشتق من الصاروخ السوفيتي آر-17 إلبروس
. ويطلق عليه في تقارير الناتو اسم "سكود".
يتم إطلاقه عبر منصات الإطلاق المتحركة ماز-543 (
MAZ-543
)، وقاذفات صواريخ متنقلة.
تستخدمه كوبا وسوريا. وكذلك إيران أنتجت منه نسخة باسم "شهاب 2" بمساعدة صينية.
مجهود تطوير الصواريخ
مجهودات إيران لتطوير القدرات الصاروخية الحوثية لم تتوقف منذ نحو عقد ونصف، لكن استثمارات الحرس الثوري في الحوثية تضاعفت خلال السنوات الأخيرة مع نقل إيران أجزاء حيوية من التقنيات والمعرفة للتصنيع الحربي إلى جماعة الحوثي التي تتلقى الدعم والأصول من إيران ووجهات خارجية وسيطة.
وخلال السنوات الماضية كشفت الجماعة الحوثية عن استخدام صواريخ باليستية متوسطة وبعيدة الأمد تتشابه مع صواريخ "هواسونغ"، بينها طرازات مختلفة من صواريخ تطلق عليها الجماعة "بركان، 1، 2، 3، إتش". وقطع أخرى بينها: "طوفان" وآخر باسم "فلق".
وكانت مصادر دفاعية واستخبارية أفادت لـ "ديفانس لاين" في وقت سابق أن
الحوثيون استولوا على مجموعة من قنابل "النابالم" الحارقة
، بعد قتلهم الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، مطلع ديسمبر 2017، الذي كان يحتفظ بتلك الذخائر المتطورة في مخابئ خاصة.
ويؤكد ضباط وخبراء تحدّثوا سابقا إلى «ديفانس لاين» أن الجماعة الحوثية كثّفت جهودها لتطوير ورش ومعامل لصيانة وتصنيع ذخائر صاروخية، إلى جانب إجراء تعديلات للرؤوس الحربية القديمة في مجمّعات محصّنة يعمل فيها خبراء ومستشارين إيرانيين، وآخرين من دول عربية، فضلاً عن كوادر يمنية مدربة داخلياً وخارجياً.
فيما كانت مصادر دفاعية وأمنية كشفت لمنصة «ديفانس لاين»
قيام إيران بتزويد جماعة الحوثيين بمواد خطرة وأساسية تُستخدم في تصنيع الصواريخ
الباليستية وتحضير الوقود الصلب، في ظل تقارير استخبارية تؤكد حيازة الجماعة، المصنفة كمنظمة إرهابية، لأسلحة كيميائية ومواد مشعة ومعدات حيوية تدخل في التصنيع العسكري.
ووفقاً للمصادر فقد حصل الحوثيون على غلاّيات ومعدات أساسية تستخدم في تحضير المواد الداخلة في صناعة وقود الصواريخ وصهر المواد الكيميائية الحساسة، بعضها وصلت من إيران مباشرة أو عبر وسطاء.
وقبل أيام قال وزير الدفاع الإيراني، عزيز نصير زاده، إن بلاده أنشأت مصانع لإنتاج الأسلحة في بعض الدول، لكنها لا تكشف عن تلك الدول في الوقت الراهن.
ونقلت وكالة "إيران إنترناشيونال" عن زاده قوله إن إيران أسّست بنية تحتية للصناعة الدفاعية ومصانع تسليح في بعض الدول.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news