بين الإرث التاريخي والخبرة الاقتصادية.. ميلاد رجل دولة
في زمن كانت فيه البلاد على شفا هاوية اقتصادية وسياسية، تعصف بها الأزمات من كل اتجاه، بزغ اسم رئيس الوزراء سالم صالح بن بريك كأحد الاستثناءات القليلة التي تعيد إلى النفوس شيئاً من الأمل المفقود.
فمنذ تكليفه بقيادة الحكومة لم تمضِ ثلاثة أشهر حتى بدأت بوادر التحول تلوح في الأفق: إجراءات اقتصادية ومالية جادة، محاولات لإنعاش العملة الوطنية، تحسين الخدمات، ومكافحة الفساد الذي أنهك مؤسسات الدولة.
هذه التوجهات لم تأتِ بمعزل عن الواقع، بل عكست إرادة سياسية قوية وإدارة واعية لأدوات المرحلة. ولعل اللافت أن الشارع الشعبي تفاعل معها بقدر كبير من الثقة، كما حظيت بدعم دولي غير مسبوق، وكأن الرجل جاء في اللحظة المناسبة ليكون "رجل المرحلة" بحق.
برنامج إصلاح يعيد الثقة
يدرك بن بريك أن الإصلاح الاقتصادي ليس شعاراً بل مسؤولية تاريخية، لذلك شرع في إعادة ترتيب البيت الداخلي للدولة، واضعاً أولوية لاستقرار العملة وتعزيز الإيرادات، جنباً إلى جنب مع تحسين معيشة المواطن، وإرساء قواعد الشفافية في المؤسسات العامة.
وقد انعكست هذه الخطوات على صورة الحكومة في الداخل والخارج، فباتت أكثر قدرة على التفاوض مع شركاء التنمية والمانحين، وأكثر قرباً من هموم الشارع الذي أنهكته الأزمات.
سيرة مهنية وخبرة اقتصادية
ينحدر سالم صالح بن بريك من أسرة حضرمية ذات جذور يافعية من وادي ذي ناخب، وهي أسرة ذات إرث تاريخي عريق، إذ سبق أن تولى بعض من رموزها الإمارة في حضرموت وحكموا مدينة الشحر في مراحل مختلفة. ومن هذا المخزون التاريخي يستمد الرجل صلابته في مواجهة التحديات.
أما على الصعيد العلمي والعملي، فقد تلقى تعليمه الجامعي وبرز كأحد الكفاءات الوطنية في الإدارة المالية للدولة. شغل مناصب قيادية أبرزها وزير المالية، حيث قاد ملفات حساسة تتعلق بالإيرادات العامة والسياسات المالية، كما عمل على تحسين آليات الرقابة وترشيد الإنفاق. هذه التجربة منحته رؤية عميقة لمكامن الخلل وأدوات الإصلاح، وهي ما جعله مؤهلاً اليوم لقيادة الحكومة في أصعب المراحل.
الأمل في غد أفضل
اليوم، وبعد خطوات أولى تبشر بتحولات واعدة، تبدو الحاجة ملحة إلى تسريع تشكيل حكومة كفاءات وطنية تعمل بروح الفريق الواحد تحت قيادته، لتترجم تلك الإصلاحات إلى إنجازات ملموسة. فالمعركة مع الفساد والاقتصاد المنهك لا يحتملان مزيداً من التباطؤ أو الانقسامات.
وفي ختام المشهد، يمكن القول إن سالم صالح بن بريك لم يكن مجرد خيار سياسي عابر، بل تجسيد لمعنى "رجل الدولة" في ظرف استثنائي. لقد أعاد إلى النفوس الأمل، ورسم ملامح مشروع وطني يعيد للدولة اعتبارها ويمنح للمواطن حقه في حياة كريمة.
الأحد 2025/8/24م
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news