لم يعد مشهد غرق شوارع عدن عند كل موسم مطر استثنائيًا، بل أصبح ظاهرة متكررة تكشف هشاشة المشاريع الخدمية التي صُرفت عليها ملايين الدولارات خلال السنوات الماضية. الأمطار لم تكشف فقط عن غياب مصارف المياه وتدهور الطرق، بل سلطت الضوء على فساد مستشري في تنفيذ المشاريع، التي تحولت من أمل لإنقاذ المدينة إلى عبء إضافي يفاقم معاناة سكانها.
شهدت العاصمة السبت غرق عشرات الشوارع والأحياء السكنية بمياه الأمطار الغزيرة، ما أدى إلى شلل شبه كامل في الحركة المرورية وتضرر عدد من المنازل والمتاجر، خصوصًا في المناطق المنخفضة. وتحولت الطرق الرئيسية، وعلى رأسها الخط البحري الرابط بين عدة مديريات، إلى بحيرات مائية عميقة أعاقت حركة المركبات، ما تسبب بازدحام خانق عند مداخل المنصورة وخور مكسر.
أضاف السكان أن السيول جرفت الأتربة والحجارة إلى الطرقات، ما عزز الأضرار وعزل بعض المديريات عن بعضها وسط غياب تدخل عاجل من الجهات المعنية. وانتقد الأهالي المشاريع السابقة، معتبرين أن معظمها نفذت دون الالتزام بمعايير الجودة ودون شبكات تصريف فعّالة، ما يجعل المدينة "منكوبة" مع كل موجة أمطار، مسببة أضرارًا صحية واقتصادية جسيمة.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا وفيديوهات لغرق الشوارع، مرفقة بتعليقات ناقدة لسوء التنفيذ والفساد المستشري. ووصفت بعض التغريدات الوضع بـ"الكارثة المتجددة" و"اختبارًا فاضحًا لمشاريع الطرقات".
وردًا على ذلك، أصدر محافظ عدن، أحمد حامد لملس، توجيهات عاجلة للدفاع المدني وصندوقي النظافة والصرف الصحي للتدخل الفوري، وفتح الطرق وتصريف المياه ورفع المخلفات، مؤكدًا على رفع الجاهزية وتعزيز التنسيق بين الجهات الخدمية لضمان استجابة عاجلة.
لكن نشطاء المجتمع المدني أشاروا إلى أن هذه الإجراءات مؤقتة، ولا تغني عن ضرورة تبني حلول استراتيجية طويلة المدى، تشمل إنشاء شبكات تصريف مياه متكاملة، ومحاسبة المقاولين والجهات المنفذة السابقة، مؤكدين أن ما حدث في عدن ليس مجرد نتيجة لعاصفة مطرية، بل نتاج فساد مستمر وغياب رؤية حضرية واضحة، بينما يدفع المواطن ثمن الكوارث المتكررة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news