المغرب يدعو إلى إنشاء صندوق غذائي أفريقي لتعزيز السيادة الغذائية

تعكس دعوة المغرب إلى إنشاء صندوق غذائي أفريقي إدراكا متزايدا لأهمية الأمن الغذائي كشرط أساسي للاستقرار، وذلك بأن تسعى الآلية إلى تعبئة الموارد لتمويل مشاريع زراعية مشتركة والتقليل من الاستيراد.

وأكد وزير الزراعة المغربي أحمد البواري، خلال مشاركته في أشغال التقييم الثاني لقمة الأمم المتحدة حول الأنظمة الغذائية المنعقدة في أديس أبابا، أن “المملكة تحث على تفعيل هذه الآلية لتعزيز السيادة الغذائية للقارة وتحرير إمكاناتها، مع التزام المغرب الراسخ من أجل الأمن الغذائي المستدام، مستندا في ذلك إلى أجندة 2030، وأجندة 2063، فضلا عن مختلف الأطر والمبادرات متعددة الأطراف التي ترسم مستقبلا أكثر عدلا واستدامة ومرونة.”

وقال البواري “إننا نؤمن بأن تحول الأنظمة الغذائية يتجاوز الإستراتيجيات الوطنية، ويجب أن يكون عملا تشاركيا،” مشددا على “انخراط المغرب الفاعل في الأطر الإقليمية ومتعددة الأطراف، خصوصا على مستوى القارة الأفريقية، لصالح تقاسم الخبرات، وبناء الحلول المشتركة، وتعبئة التمويلات بشكل جماعي.”

وذكّر في هذا السياق بالتزام المغرب بتعاون جنوب – جنوب متضامن وفعال، وبدعم الزراعة الأفريقية من خلال المزيد من المرونة والاستدامة والشمول، وذلك عبر مبادرات ملكية من قبيل “مبادرة تكييف الفلاحة الأفريقية” و”مبادرة الاستدامة والاستقرار والأمن في أفريقيا”.

وقال محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، في تصريح لـ”العرب” إن المغرب يمثل صوت أفريقيا والمدافع عن مستقبلها وسيادتها في مختلف المجالات، خصوصا السيادة الغذائية من خلال صندوق غذائي أفريقي، وإن هذا التوجه ينسجم مع القناعات الجوهرية الملكية في نطاق التعاون جنوب – جنوب الذي يعتبر نهجا ثابتا في الرؤية المغربية من منطلق الالتزام والتضامن المغربي تجاه العمق الأفريقي.

وفي سياق مواجهة أفريقيا لتحدي انعدام الأمن الغذائي وضع المغرب، بالتعاون مع العديد من الدول الأفريقية، مشاريع إقليمية إستراتيجية كخط أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب، ووحدات إنتاج الأسمدة للمساهمة في الأمن الغذائي بالقارة، والتي ترسخ نموذجا رائدا ومبتكرا للتعاون جنوب – جنوب الذي يسعى إليه العاهل المغربي الملك محمد السادس من أجل نمو مستدام ومندمج.

وأبرز المسؤول المغربي في مداخلة، خلال مائدة مستديرة وزارية حول موضوع “تدبير الانتقال نحو أنظمة غذائية عادلة ومرنة ومستدامة وشاملة”، أن الضغوط العالمية على الموارد الطبيعية وفقدان التنوع البيولوجي وآثار التغير المناخي تتطلب تقديم استجابات منهجية، داعيا إلى تحول يعتمد على حوكمة شاملة، وزراعة تحترم البيئة، وعدالة اجتماعية واضحة، وتمويلات مسؤولة، وذلك يتطلب تثمين المعارف المحلية والابتكار، وضمان ولوج عادل إلى غذاء صحي، وتعبئة تمويلات مسؤولة.

وأشار الوزير إلى أن المغرب شرع في هذا التحول من خلال إستراتيجية “الجيل الأخضر 2020 – 2030″، التي تثمن الزراعة المستدامة والرأسمال البشري، موضحا أن المملكة وضعت آلية حوكمة قطاعية مندمجة، وعززت مرونة الموارد المائية من خلال تحلية المياه وترشيد الري، كما اعتمدت خارطة طريق وطنية لتحويل الأنظمة الغذائية، علاوة على تنفيذ برامج للحماية الاجتماعية لضمان الولوج إلى غذاء صحي.

المغرب دعم الزراعة الأفريقية عبر مبادرات ملكية من قبيل "مبادرة تكييف الفلاحة الأفريقية" و"مبادرة الاستدامة والاستقرار والأمن في أفريقيا"

وسيمكن هذا الحدث، الذي يستند إلى ديناميكية قمة الأنظمة الغذائية لسنة 2021، من استعراض التقدم المحرز عالميا في مجال تحويل الأنظمة الغذائية، وتعزيز وتعبئة الاستثمارات لتسريع وتيرة العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة في أفق سنة 2030.

ويرى المسؤولون المغاربة أن المملكة المغربية كانت ولا تزال مقتنعة بأن التحديات الراهنة والمستقبلية التي تواجه شعوب الجنوب تستدعي تبني مقاربة تقوم على مبدأ التنمية المشتركة، وتأخذ بعين الاعتبار حاجيات وخصوصيات كل بلد وتعمل على تثمين مجهوداته الوطنية في إطار مقاربة تشاركية على مستوى المنطقة أو الإقليم.

ولضمان أمنها الغذائي تحتاج أفريقيا إلى إنتاج الأسمدة الخاصة بها، لذلك قامت مجموعة المكتب الشريف للفوسفات بتطبيق إستراتيجيتها متعددة الأبعاد، وقررت إنتاج الأسمدة في أفريقيا، وتخصيص كمية هامة من هذه الأسمدة لبلدان القارة، ويتم تصنيع 65 في المئة من الأسمدة المستخدمة في أفريقيا داخل القارة.

وفي السياق ذاته أكد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الاتحاد الأفريقي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا محمد عروشي، خلال أشغال الدورة العادية الـ47 للمجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي بعاصمة غينيا الاستوائية يومي 10 و11 يوليو الجاري، الرؤية الملكية المستنيرة للعمل الأفريقي المشترك التي ترتقي بالتعاون جنوب – جنوب كرافعة مركزية لتنمية أفريقيا وتنفيذ أجندة 2063 للاتحاد الأفريقي.

ومن جهته أكد محمد غيات، نائب رئيس مجلس النواب، أثناء مشاركته في ندوة دولية بجمهورية أوغندا، في مايو الماضي، أن المغرب حريص على تقاسم خبرته في ما يتعلق بحماية السيادة الغذائية بروح من التضامن والتعاون جنوب – جنوب، مشددا على أن السيادة الغذائية اليوم ضرورة إستراتيجية من أجل التنمية المستدامة وتحقيق الاستقلال الذاتي لبلدان أفريقيا، وأن المغرب يُجدد التزامه بتعميق الشراكات التقنية والعلمية والاقتصادية مع كافة الدول الأفريقية في هذا المجال الإستراتيجي، مضيفا أن “المبادرة الملكية للأمن الغذائي، وبرامج التكوين الزراعي التي استفاد منها آلاف الطلبة الأفارقة، ومشاريع الاستثمار المشترك، تجسد هذا الالتزام الثابت، كون السيادة الغذائية لا تنفصل عن الحفاظ على قيمنا الثقافية.”

وحسب المشاركين في أشغال التقييم الثاني لقمة الأمم المتحدة حول الأنظمة الغذائية، تمثل الأنظمة الغذائية رافعة محورية لتنفيذ أجندة التنمية المستدامة، غير أن التحديات الجيوسياسية والنزاعات المستمرة وأزمة المناخ أعاقت وتيرة التقدم، ويأتي انعقاد هذا التقييم الثاني لمواجهة هذه التحديات، من خلال تعزيز الالتزامات السابقة، ومواءمة الأولويات العالمية، وتسريع وتيرة تنفيذ الحلول العملية.