كيف غيرت تداعيات الحرب صورة مصر لدى السودانيين

     
العين الثالثة             عدد المشاهدات : 131 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
كيف غيرت تداعيات الحرب صورة مصر لدى السودانيين

أوجدت عودة الكثير من السودانيين الطوعية إلى بلدهم بعد قضاء ما يقرب من عامين ونصف العام في مصر نتائج إيجابية، أبرزها تصويب صورة مصر في أذهان شريحة من السودانيين تعرضت لحملات تشويه مستمرة قادها تنظيم الإخوان الذي حكم البلاد نحو ثلاثة عقود، وبعد انغماس سوادنيين في الحياة اليومية مع المصريين والتعايش معهم طيلة الفترة الماضية بدأت الانطباعات السلبية تتغير.

والتقطت الحكومة المصرية الخيط لتحقيق أهداف إستراتيجية، حيث نظمت رحلات مجانية للذين يريدون العودة إلى السودان، وخصصت رحلة قطار أسبوعية تنطلق من القاهرة حتى أسوان في جنوب مصر، ومنها إلى الأراضي السودانية.

وارتدى سودانيون أقمصة كُتبت عليها عبارة “شكرا مصر”، ورفع آخرون لافتات تتضمن العبارة ذاتها، وسلطت الحكومة المصرية الضوء على عمليات العودة التي تنظمها بالتنسيق مع السفارة السودانية في القاهرة وعدد من المبادرات الأهلية السودانية التي تتولى مسألة تنظيم العودة وتحديد مواعيد السفر.

واهتمت وسائل إعلام محلية في مصر بكلمات الترحيب التي عبر عنها سودانيون، في محاولة لخلق صورة مغايرة لما كان يثار في فترات سابقة بشأن بعض الاتهامات العنصرية التي كانت تتصاعد وتخفت، حسب مقتضيات الحالة السياسية بين البلدين.

وشكلت أزمة مثلث حلايب وشلاتين الحدودي ومحاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك والموقف السوداني من سد النهضة الإثيوبي قبل التنسيق مع مصر، وكذلك بعض الإجراءات ضد سودانيين في مصر أثناء فترة حكم الرئيس السابق عمر البشير، دافعا إلى نشوب مناوشات بدت واضحة على منصات التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام.

وعزز ذلك فرضية ثقافية عملت على ترسيخها بعض الأفلام المصرية القديمة التي أظهرت السوداني في مرتبة متدنية، وفي المقابل كانت هناك خطابات موازية في السودان تعمل على استدعاء التاريخ القديم حول امتلاك السودان لمصر.

وجدت مصر في اندلاع الحرب خطرا يستوجب سد منافذ عديدة، قد توقد نيران فتنة بين البلدين، في ظل تحفز بعض القوى المدنية ضد الجيش السوداني الذي منع استمرارها في السلطة، وفقا للوثيقة الدستورية خلال المرحلة الانتقالية.

وقال الخبير المصري في الشؤون الأفريقية رامي زهدي إن إيجابية الحرب الوحيدة تمثلت في أن مشاعر الكراهية التي لعبت قوى معادية (الحركة الإسلامية في السودان) على تغذيتها بين الشعبين، تراجعت بشكل ملحوظ، خاصة أنه كانت هناك شعارات تلقى رواجا في السودان الذي تزايدت فيه النعرات القبلية والإثنية، ولعب الاحتواء الشعبي للسودانيين في القاهرة دورا مهما، بسبب تلقائية المواطنين في مصر.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن تعاطف المصريين كان إنسانيا وليس سياسيا، بما انعكس على مشاعر السودانيين العائدين، الذين شعروا بأن المصريين قريبون منهم، وجاء التقدير الرسمي متطابقا مع مواقف مصر الشعبية.

وكشف المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية في أبريل الماضي أن مصر لها تأثير قوي في السودان. ولفت تقرير آخر نشره معهد واشنطن إلى ما وُصف بـ”معضلة القاهرة في التعامل مع الحرب السودانية”، مشيرا إلى أن مصر وجدت نفسها في وضع معقد، حيث ترتبط تاريخيّا وجغرافيا بالسودان، ما يجعل استقراره حيويّا لمصالحها، لكنها أمام خيارات صعبة بين الحياد ودعم طرف على حساب الآخر.

وقالت أماني الطويل، مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، بعد مرور أكثر من عامين على توافد السودانيين يمكن القول إن العلاقات بين البلدين اجتازت تحديا كبيرا تكوّن خلال سلطتي البشير وحسن الترابي ثم فترة حكم البشير منفردا تجاه مصر، فالسياسات الرسمية أصابت عمق العلاقات الشعبية، وتم استخدام ذلك في عمليات ابتزاز قام بها نظام البشير على مستوى العلاقات الثنائية والإقليمية، وساهم في تكوين هذا التحدي الأداء الاستخباري لعدد من الدول ضد مصر، وأخذ في التصاعد بعد الثورة الشعبية في السودان عام 2018.

وأوضحت في تصريح لـ”العرب” أن متغير الحرب ولجوء السودانيين إلى مصر بكثافة وسرعة، وطبيعة استقبال المكلومين من الصراع من قبل مواطنين مصريين وعلى مستوى المسؤولين، هزم الكثير من الأساطير في الذهنية السودانية حول مصر، فالحكومة عملت على رعاية السودانيين وتمتعهم بالخدمات الصحية والتعليمية المجانية المتاحة مع الالتزام بعدم اختراق القوانين، كما تعايش السودانيون وسط المصريين ولم يتم الزج بهم في معسكرات لجوء أسوة بما حدث لهم في دول أخرى.

واعتبرت الطويل أن الحفاظ على هذا المكسب يتطلب إعادة هندسة العلاقات المصرية – السودانية بعد الحرب، وفي حالة قدرة الدولة على استعادة عافيتها يجب أن يكون هناك توازن مصالح وتعاون اقتصادي يكسب فيه الجميع، مع أهمية تدشين حوارات غير رسمية على مستوى الأحزاب ومراكز الفكر والمجتمع المدني وتفاعل ثقافي، وجميعها خطوات تساهم في ضبط العلاقات وفقا لمحددات صلبة.

وأكد القيادي في التيار الوطني السوداني نورالدين صلاح الدين أن نظرة السودانيين إلى مصر غير مرتبطة بشكل العلاقات التي تجمع بين المؤسسات الرسمية على اختلاف الأنظمة، ورغم أن العلاقات وصلت إلى شبه قطيعة أثناء فترة حكم البشير ومبارك، ظلت قائمة على المستوى الشعبي باستثناء بعض الأصوات الشاذة التي لم تتمكن من قطع مسارات الروابط الاجتماعية والثقافية.

وذكر لـ”العرب” أن المصالح الاقتصادية بين البلدين كانت أكبر من الخلافات بينهما، وإن كان التذبذب سائدا حسب الوضع السياسي في فترات زمنية متباينة.

وشدد على أن القاهرة قامت بدور مهم على المستويين السياسي والإنساني منذ اندلاع الحرب، واستقبلت الملايين من السودانيين، وفاق عددهم كثيرا ما تذكره الأرقام الرسمية المقدرة بمليون ونصف مليون سوداني، في وقت تعاني فيه مصر من تحديات اقتصادية وأمنية كبيرة، وتحملت السودانيين كضيوف كرام، وهي حقيقة لا يمكن إنكارها أو تجاوزها.

ولفت إلى أن الموقف الرسمي المصري تجاه السودان ينظر إلى قطاع واسع من السودانيين بالمزيد من الامتنان، مع أن حملات التشويه استمرت من بعض الفاعلين السياسيين، لكن لا أحد يختلف في أهمية دعم وحدة السودان واستقراره، وكانت تحركات مصر داعمة لإنهاء الحرب والوصول إلى سلام مستدام.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

ترامب ينتقم لعيدروس الزبيدي! .. حادثة تهز العالم

المشهد اليمني | 552 قراءة 

عمدة نيويورك يستفز اليمنيين ويثير غضبهم بهذه العبارة

المشهد اليمني | 517 قراءة 

محمد بن زايد ورئيس الوزراء البريطاني يؤكدان أهمية حل الدولتين

عدن تايم | 378 قراءة 

كشوفات بأسماء الموظفين العاملين في القطاع المدني المزدوجة مع القطاع العسكري

عدن تايم | 295 قراءة 

تغطية خاصة | سلطات تعز تؤبّن “افتهان المشهري”.. وأسرتها تؤكد لـ“بران برس” رفضها تسييس القضية

بران برس | 277 قراءة 

الملك سلمان يدعو جميع المواطنين والمقيمين في السعودية لأمر هام الخميس المقبل

نافذة اليمن | 258 قراءة 

اليمن: العليمي يوجه بإعادة انتشار قوات الجيش في الساحل الغربي بعد احتكاكات محدودة

يمن فيوتشر | 249 قراءة 

اعلان امريكي بشأن مصير اليمن!

نيوز لاين | 235 قراءة 

خطف ناشطة على تيك توك وإعدامها علانية على يد مسلحين

الوطن العدنية | 220 قراءة 

محافظ المهرة يعلن موقفه الرسمي من قرارات مجلس القيادة الرئاسي والحكومة بشأن الإصلاحات الاقتصادية

مراقبون برس | 214 قراءة