في تطور مفصلي قد يغير معادلات النفوذ جنوب اليمن، وافق المجلس الانتقالي الجنوبي، للمرة الأولى، على تفكيك فصائله المسلحة ودمجها في وزارة الدفاع التابعة لحكومة عدن، في خطوة جاءت تحت إشراف مباشر من السعودية ووسط ترتيبات لتعيين صغير بن عزيز وزيرًا جديدًا للدفاع، خلفًا للجنوبي محسن الداعري.
جاء ذلك خلال اجتماع مغلق عقده عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي، مع كل من رئيس هيئة الأركان صغير بن عزيز، وقائد القوات السعودية في عدن، بحسب مصادر مطلعة داخل المجلس.
الاجتماع تمخض عن تسليم ملف "إعادة هيكلة" فصائل الانتقالي إلى بن عزيز، في ما يشبه تفويضًا رسميًا لإدماج القوات الجنوبية ضمن هيكل وزارة الدفاع.
في الاجتماع، حاول الزبيدي التخفيف من وقع القرار على أنصاره بتبريره بأنه يأتي في إطار "إعادة الترتيب العسكري لمواجهة الحوثيين"، إلا أن التوقيت وسياق التطورات يشيران إلى ما هو أعمق من مجرد ترتيبات أمنية.
فالاتفاق جاء في وقت تتصاعد فيه الترتيبات لتعيين بن عزيز، المحسوب على التحالف، وزيرًا للدفاع في الحكومة، ما يعني إعادة رسم خريطة القوة والنفوذ داخل المؤسسة العسكرية.
القرار المفاجئ يطرح تساؤلات حول ما إذا كان المجلس الانتقالي قد خضع لضغوط سعودية شديدة، أم أنه نال مقابلًا سياسياً أو عسكريًا ضمن تسوية إقليمية شاملة تُعيد ضبط إيقاع السلطة جنوب اليمن.
مصادر قريبة من دوائر صنع القرار في عدن لم تستبعد أن يكون الزبيدي قد قبل الصفقة مقابل ضمانات باستمرار وجوده السياسي والعسكري في قيادة المرحلة القادمة، خاصة مع فشل خيار الانفصال الذي ظل المجلس يرفعه كأهم شعاراته.
الموافقة على دمج الفصائل في الجيش الحكومي تمثل تخلٍّ صريحًا عن مشروع "الجيش الجنوبي المستقل"، وتُنذر بتآكل مشروع الانفصال من داخله، بعدما ظل المجلس يعتبر الاحتفاظ بقواته المسلحة خطًا أحمر لا يقبل المساومة.
كما أن الخطوة تمثل كسرًا لحاجز الرفض الذي تمسك به الانتقالي منذ تأسيسه في 2017، حيث ظل ملف دمج القوات واحدًا من أعقد ملفات الخلاف داخل المعسكر الحكومي، خصوصًا مع حزب الإصلاح ومكونات أخرى جنوبية.
ما وراء تعيين بن عزيز؟:
تسليم ملف التفكيك العسكري إلى صغير بن عزيز قد لا يكون مجرد مسألة تقنية، بل إشارة إلى إعادة تدوير رجال التحالف في مفاصل القرار العسكري، بما يعكس تصاعد تأثير الرياض في إدارة المشهد، وتقليص نفوذ القوى المحلية.
ويبدو أن السعودية تسعى إلى بناء جيش موحد وموثوق يخضع لسلطة مركزية، بعد سنوات من فوضى التشكيلات المسلحة المتعددة الولاء جنوبًا، والتي كانت تدار غالبًا من خارج إطار الدولة.
خلاصة:
قرار الانتقالي تفكيك فصائله العسكرية لصالح وزارة الدفاع، وبإشراف سعودي، يكشف عن تحول جذري في بنية القوة جنوب اليمن، ويؤشر على مرحلة جديدة قد تطوي صفحة "استعادة الدولة الجنوبية" لصالح ترتيبات أكثر توافقية مع التحالف.
لكنّ السؤال الذي سيبقى معلقًا هو: ماذا تبقّى من مشروع الانتقالي بعد تسليم سلاحه؟
الوسوم
الانتقالي
الزبيدي
السعودية
اليمن
بن عزيز
صنعاء
عدن
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news