شهادة شخصية عن علي عبدالله صالح وخيانته للثورة والجمهورية

     
اليمن الاتحادي             عدد المشاهدات : 113 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
شهادة شخصية عن علي عبدالله صالح وخيانته للثورة والجمهورية

سماح الشغدري:

ما يلي ليس مقال رأي تقليدي، ولا تحليلاً سياسياً محايداً ولا محاولة للتوازن بين “الروايات”.

هذا النص شهادة شخصية صريحة، لا تزعم الحياد، بل تنحاز إلى الحقيقة كما عشتها أنا، من موقعي كمواطنة يمنية وناشطة شاركت في ثورة 2011، وكنت شاهدة على انهيار الدولة اليمنية لحظةً بلحظة: سياسيًا، وعسكرياً، وأخلاقياً.

إنها شهادة من داخل التجربة، التي عشتها ورأيتها.

ما سأرويه هنا لم يُكتب في تقارير، ولم يُنقل من وسائل الإعلام أو تحليلات النخب، بل هو تفريغ لذاكرة مثقلة بالخيانة، والانكسار، والخذلان الوطني.

خرجت في 2011 ضد نظام علي عبدالله صالح، الذي حكم اليمن بمبدأ “ما بدى بدينا عليه”. وكان خطابه، كرئيس لدولة عظيمة كاليمن، يجرحني كإنسانة، ويجعلني أشعر بالإهانة كيمنية. لماذا؟ لأنه ببساطة كان يتسوّل باسم اليمن، بشعبها وأرضها، في كل المحافل السياسية والدولية والإقليمية. سلّم أراضينا لدول الجوار دون أي مكسب وطني أو شعبي، واكتفى بثمن بخس يدخل جيوبه وجيوب المقربين منه وشلة السياسيين المحيطين به. ثم استمر في استجداء العالم باليمن واليمنيين، ولم يكن يخجل من قول هذا علنًا. قالها في أحد التجمعات المتلفزة ذات مرة: “طلبوا طلبوا، كلنا مطلبين”.

ومع ذلك، عندما قُتل على يد الحوثيين في 2 ديسمبر 2017، أصبت بصدمة كبيرة. أتذكر أنني جلست صامتة يومين كاملين دون أن أنطق بكلمة، وانعزلت في البيت أسبوعًا كاملًا، ورفضت تمامًا الحديث عن موته أو حتى الشماتة به حتى يومنا هذا. لماذا؟ ليس لأنه كان حامي الثورة أو الجمهورية. فهو من طعنها في خاصرتها وسلّمها لخصومها الحقيقيين – الحوثيين – الذين لا يعادون صالح فقط كخصم سياسي، بل يعادون اليمن كهوية وحضارة وثقافة وأرض.

لكن لأن صالح، رغم كل شيء، كان آخر شوكة في حلق الحوثيين. فرغم تحالفه الظاهري معهم، وفي الحقيقة هو كان كاره فوق مكروه، إلا أن وجوده كان لا يزال يُقيّدهم جزئيًا، هو وأنصاره.

وقد استغربت في 2017 كيف جمع هذا الجمع الغفير من الناس في ميدان السبعين ليستعرض شعبيته أمام الحوثيين، رغم علمه أن ظهره مكشوف، وأنه فقد الغطاء الإقليمي والدولي والقبلي والعسكري. لأنه قد سلّم بنفسه المعسكرات للحوثيين في 20 سبتمبر 2014، لتسقط صنعاء في أيدي أكبر عصابة سلالية مذهبية.

اليوم، ومع تداول فيديو وثائقي عنه، حاولت مشاهدته، لكني تقيّأت. لم أستطع تجاوز أول خمس دقائق. شعرت بألم في الرأس وتقيّأت فورًا. لماذا؟ لأنني تذكرت حصار صنعاء 47 يومًا بمدافع الحوثيين، وصالح يتفرّج ويضحك في مقيله، بينما يظهر في المقابلات التلفزيونية ساخرًا من هادي. وتذكرت كيف ظل قادته السياسيون والعسكريون والمدنيون يتفرجون بصمت. تذكرت صدمتي في صباح 21 سبتمبر 2014، حين استيقظت على خبر سقوط الوزارات والمعسكرات في يد الحوثيين، برعاية صالح من الداخل، بينما المجتمع الدولي والإقليمي يتفرّج من الخارج.

كل هذا لم أقرأه في تقارير، ولا سمعته من نشرات، بل عشته.

نعم، أنا ضد علي محسن، السياسي والعسكري، الذي عسكر ثورة 2011 وقضى عليها بحجة حمايتها. وقضى على سلميّتها بإدخال الدبابات إلى الساحة، وضرب النساء، وعزل المظاهر والمطالب المدنية، وكتم أصوات من اختلف معه أيديولوجيًا وسياسيًا.

لكن مشهد جنود الفرقة الأولى مدرع وهم يهربون بعد اقتحام معسكر الفرقة من قبل الحوثيين في شوارع الستين والسنينة وحي النهضة، في 21 سبتمبر 2014، لا يمكنني نسيانه. جنودٌ كانوا يخلعون ملابسهم العسكرية ويركضون بملابسهم الداخلية فقط، حتى لا يتعرّف عليهم الحوثيون ويقتلوهم.

أنا بنفسي أنقذت ثلاثة منهم وهربت بهم فوق سيارتي. كانوا هاربين بعد سقوط الفرقة. ولا أستطيع نسيان جثة أحد الجنود في الشارع، تأكلها الكلاب. وعندما حاولت مع صديقة إبعاد الكلاب عن الجثة، هددنا المسلحون وقالوا بوقاحة:

“اتركينه… كلب يأكل كلب”.

من كان سبب هذا المشهد؟ لا شك، وبدون أدنى تردد: علي عبدالله صالح. من خان الثورة، ومن خان الجمهورية.

وأنا ضد عنجهية حميد الأحمر، الملياردير البرجوازي المتغطرس، الذي تعفّنت خزائنه من أموال النفط. والده تقاسم الثروة مع صالح، وورّثها له ولإخوانه. وكان يقول: “أنا شيخ الرئيس”، فيرد صالح: “وأنا رئيس الشيخ”. علمًا أن شيخ الرئيس عبدالله بن حسين الأحمر وأولاده لم يبنوا حتى مدرسة واحدة في قراهم، ولا في أي منطقة في اليمن.

ومع ذلك، لا أنكر أن مشهد تفجير منازلهم يؤلمني حتى الآن، لأنه كان بداية لما أصبح لاحقًا قاعدة لانتهاك حرمات كل اليمنيين، بغض النظر عن انتماءاتهم أو ثرواتهم. كان ذلك المشهد الحجر الأول في مشروع الحوثيين لإسقاط مفهوم المواطن والمِلكية والخصوصية.

والمفارقة أن حميد الأحمر نفسه، في 2012، تغزّل بعبدالملك الحوثي علنًا، وقال إن صعدة – التي كانت أول محافظة احتلها الحوثي – “عادت إلى حضن الجمهورية”. بل أشاد في مقابلة تلفزيونية على قناة “سهيل” التي يملكها، بتصرف الحوثي الفردي الذي عيّن تاجر السلاح فارس مناع محافظًا لصعدة من خارج أي مؤسسة رسمية، ووصفه بـ”قرار شجاع”، واعتبر عبدالملك الحوثي “قائدًا مدنيًا شابًا”. يومها، تجاهل كل انتهاكات الحوثيين، وباركها ضمنيًا، وشارك في تلميع مشروعهم الذي دمّر اليمن لاحقًا.

نعم، أرفض ما يمثّله حزب الإصلاح من عسكرة للثورة وفرز سياسي للشباب على أساس الولاء. لكن مشهد اقتحام منازل قياداته، وتصوير غرف نومهم، ونشرها على مواقع التواصل، واعتقالهم بطريقة مهينة من قبل الحوثيين، يجعلني أشعر بغصة في القلب. لأن كل هذه المشاهد كانت كالمسامير التي تُدق في خاصرة الدولة والجمهورية.

فهل علي عبدالله صالح بطل؟

الحقيقة أن إجابة هذا السؤال لا تهمني. فقد مات بطريقة مهينة ومؤلمة. ما يهمني أنه مات دفاعًا عن رأسه، المطلوب من الحوثيين، لا دفاعًا عن الجمهورية، ولا عن الثورة التي خانها لينتقم من خصومه السياسيين الذين خرجوا ضده في 2011.

كان صالح يمتلك كاريزما قوية، وذكاء عاطفيًا واجتماعيًا لافتًا. لكنه لم يمت جمهوريًا، ولم يمت مناضلًا من أجل ثورة 26 سبتمبر التي باعها، وخانها، لينتقم لنفسه من شركائه في السلطة.

لذلك، فإن من دمّر البلد، وأدخل الحوثيين إلى صنعاء، وأسقط الدولة والثورة والجمهورية، لم يكن إلا حقد علي عبدالله صالح.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

اكاديمي الريال السعودي قد يصل إلى هذا الرقم نزولا …!

عناوين بوست | 1841 قراءة 

تحسن متواصل للريال.. أسعار صرف الريال اليمني مقابل السعودي والدولار في صنعاء وعدن ومأرب اليوم السبت 2 أغسطس 2025م

بران برس | 1626 قراءة 

بعد وصول الريال السعودي إلى 380 أمام الريال اليمني في عدن.. ما حقيقة الوديعة السعودية؟

عدن نيوز | 1245 قراءة 

خبير اقتصادي يطلق تحذير عاجل ويقول ان البنوك بدأت اللعبة بأسعار غير مسبوقة!

صوت العاصمة | 1010 قراءة 

عاجل:اخر مستجدات اسعار صرف العملات الان

كريتر سكاي | 796 قراءة 

اليوم : الريال اليمني يواصل الصعود السريع في عدن.. الدولار يتراجع بأكثر من 150 ريالًا خلال ساعات

يني يمن | 787 قراءة 

مجموعة هائل سعيد أنعم تكشف أسباب عدم تخفيض أسعار منتجاتها حتى الآن

تهامة 24 | 787 قراءة 

أسعار صرف الريال اليمني مساء السبت 2 أغسطس 2025

عدن تايم | 736 قراءة 

مفاجأة في السوق الآن: الريال اليمني ينتعش بقوة أمام الدولار والريال السعودي

مساحة نت | 732 قراءة 

عاجل:توضيح رسمي قبل قليل بشأن أسعار صرف العملات

كريتر سكاي | 721 قراءة