حذّر السفير اليمني في لندن، الدكتور ياسين سعيد نعمان، من أن انشغال الأطراف اليمنية والإقليمية بالصراعات الجانبية والمعارك الصغيرة قد أفقد الجميع القدرة على التفكير الاستراتيجي، وحرَمهم من الوقت والذهن والطاقة اللازمة لخوض "المعركة الكبرى" التي تحدد مستقبل اليمن.
وفي تصريحات لافتة، قال نعمان: "المعارك الصغيرة لم تترك وقتًا ولا عقلًا ولا قدرةً للمعركة الكبرى"، مؤكدًا أن التركيز على الصراعات التكتيكية والتنافسات الحزبية والإقليمية جعل الأطراف الفاعلة في المشهد اليمني تغيب عن الصورة الشاملة، وتُفقد البوصلة الوطنية.
وأشار السفير إلى أن اليمنيين، على اختلاف توجهاتهم، "نصبوا خيامهم على مشارف لحظة تاريخية امتدت لسنين"، مضيفًا أن هذه الخيام بُنيت فوق "تلال من الأمل" في بداية المسار، ثم تحولت تدريجيًا إلى "ركام من الخيبة والحيرة"، مع تراكم الإخفاقات وتمدد الأزمة.
وأوضح نعمان أن اليمن عالق اليوم في "وصلة من فعلٍ شكله غبار الزمن"، حيث اختلط الحابل بالنابل، وتمييع الأهداف الوطنية الكبرى وسط صراعات يومية وحسابات ضيقة، ما أدى إلى تآكل الثقة، وتبدد الزخم الثوري، وضياع فرص التحول الحقيقي.
وأكد أن "ما نعيشه اليوم ليس مجرد أزمة سياسية أو عسكرية، بل أزمة وجود ووعي، تمسّ هوية الأمة ومستقبلها"، داعيًا إلى وقفة تأمل جماعية، قبل أن تفوت الفرصة.
وقال: "لم يعد هناك من خيار سوى التوقف لحظةً لتدبر الأمر، قبل فوات الأوان"، مشددًا على ضرورة إعادة بناء المشروع الوطني على أسس جديدة، تراعي الدروس المستفادة، وتستعيد الأمل من خلال رؤية شاملة وشاملة تُخرج اليمن من دوامة التكرار والجمود.
وأضاف نعمان أن "اللحظة التاريخية لا تأتي كل يوم، والتأخر في اغتنامها قد يكلّف أجيالًا كاملة ثمنًا باهظًا"، داعيًا جميع القوى السياسية والمجتمعية إلى التحرر من منطق الصغائر، والانخراط في حوار وطني جاد يضع مصلحة اليمن فوق كل اعتبار.
تُعدّ تصريحات السفير نعمان واحدة من أبرز التحذيرات الفكرية والسياسية التي تُطرح في الساحة اليمنية مؤخرًا، وتُعيد طرح السؤال الجوهري: هل لا يزال بالإمكان استعادة الزمام، أم أن اليمن قد تجاوز نقطة اللاعودة؟
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news