المعتقلون في سجون الحوثي .. أعمار تُهدر وعدالة مُغيّبة
قبل 4 دقيقة
خلف قضبان السجون والمعتقلات، سواء كانت ظاهرة للعيان أو سرية لا يعلم بها أحد، يُقمع آلاف المواطنين الأبرياء، وتُسلب حرياتهم دون جرم أو ذنب. إنهم ضحايا آلة القمع الحوثية التي جعلت من الاعتقال التعسفي أداةً لبسط النفوذ وبث الرعب، وأداة للابتزاز السياسي والمادي، وإسكات كل صوت حر يطالب بالعدالة والحرية والكرامة
.
يعاني هؤلاء المعتقلون من ظروف اعتقال مأساوية، إذ يقضي كثير منهم سنواتٍ طويلة في السجون دون محاكمة، ودون توجيه أي تهم رسمية، ودون اتخاذ أي إجراءات قانونية تضمن لهم الحد الأدنى من حقوقهم. بل إنّ بعضهم قضى أكثر من تسع، أو ثمانٍ، أو سبع، أو ست، أو حتى ثلاث سنوات وسنتين رهن الاعتقال، دون أن تتحرّك ملفاتهم، أو تُحال قضاياهم إلى الجهات القضائية المختصة، أو يُسمح لأسرهم بالاستفسار عن أسباب اعتقالهم.
والمؤلم في الأمر أن هذه الانتهاكات لم تقتصر على أفراد محددين، بل أصبحت سياسة ممنهجة تمارسها مليشيات الحوثي ضد كل من ترى فيه تهديداً لأي جانب من جوانب سلطتها الإجرامية. تُعتقل الأصوات الحرة، والمثقفون، والإعلاميون، والناشطون، والتربويون، ورجال الدين، ورجال القبائل، وحتى المواطنون البسطاء، لأسباب تتراوح بين تصفية حسابات، أو استخدامهم ككبش فداء لتحقيق أهداف طائفية، أو بهدف الحصول على مكاسب مادية من خلال الابتزاز والضغط على مؤسساتهم أو محلاتهم أو أسرهم.
إن المأساة لا تكمن فقط في حرمان هؤلاء الأبرياء من حريتهم، بل في الانعكاسات الكارثية على حياتهم وأسرهم ومستقبلهم. فكل سنة يقضونها في ظلمة الزنازين هي سنة من أعمارهم تُسرق ظلماً، وتترك ندوباً نفسية واجتماعية لا تُمحى. وكل لحظة تمر عليهم في ظل هذا الظلم هي طعنة في وجه العدالة، وإهانة لكل القيم الإنسانية والدينية والوطنية.
فإلى متى سيستمر هذا القمع؟ ومتى ستدرك هذه المليشيات أن هذه الممارسات الهمجية تخالف صريح تعاليم الإسلام، وتتنافى مع المبادئ والقيم الإنسانية، والأخلاقيات الوطنية والقبلية التي يعتز بها الشعب اليمني؟!.
إن ما ترتكبه مليشيات الحوثي من اعتقالات تعسفية دون محاكمات، ومن تغييب متعمد لآلاف المعتقلين، هو جريمة لن تُنسى، ولن تسقط بالتقادم. إنها لعنة في تاريخ هذه الجماعة، ودليل قاطع على بشاعة ما ترتكبه من انتهاكات ضد اليمنيين. وسيبقى المعتقلون رمزاً للحرية، وسيبقى صمودهم وصرخاتهم المكلومة شاهداً على ظلمٍ لن يدوم، وعلى نضالٍ وطني لا ينكسر.
وفي نهاية المطاف، فإن الشعب الذي ذاق مرارة الاستبداد لن يتخلى عن حقه في العدالة والحرية، ولن ينسى أبناءه المعتقلين في غياهب السجون، مهما طال الزمان.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news