العطش في قرية “حبيب الهارش” بأبين: حين يتقاسم الإنسان والماعز قطرة الماء

     
صوت العاصمة             عدد المشاهدات : 106 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
العطش في قرية “حبيب الهارش” بأبين: حين يتقاسم الإنسان والماعز قطرة الماء

في أقصى الشرق من مديرية الوضيع بمحافظة أبين، تقبع قرية “حبيب الهارش“. كأنها في عزلة مقصودة يحيط بها صمت الطبيعة وغياب الدولة. على بُعد 25 كيلومترًا من مركز المديرية.. تتوارى خلف تضاريس قاسية وجبال شاهقة لا يصل إليها إلا من اعتاد مشقة الطريق. الوصول إليها ليس نزهة.. فكل من تطأ قدماه ترابها يدرك أن هذه الأرض لم تُزرع بعد لا بالخدمات ولا بالرعاية ولا حتى بالحد الأدنى من الحق في الحياة.

طريقها ترابي ضيّق، متعرّج، محفوف بالحفر والانحدارات. لا تمر فيه مركبات بسهولة ولا يعرف الإسفلت ملامحه. وحدهم سكان القرية يعرفون كيف يسلكونه سيرًا على الأقدام. وكيف يحفظون أسماء المنعطفات والحفر كما لو كانت معالمهم الأثرية. في هذا الطريق تتكسر الأمنيات وتضيع عربات الإغاثة، ويختفي أي وعد بالتنمية.

بين صيفٍ لاهب وقطرة مفقودة

ما يجعل الحياة في هذه القرية أكثر قسوة ليس فقط البُعد؛ بل الجفاف. المناخ ساحلي جاف تلسع الشمس أجساد الناس بحرارة قد تصل إلى 45 درجة في ذروة الصيف. بينما تذبل الأرض ولا تثمر السماء. الماء هنا هو الحاجة الأولى والأمل الأخير والمعركة اليومية التي يخوضها الكبار والصغار.

لا توجد شبكة مياه ولا خزان ولا بئر لا شيء يربط سكان القرية بمصدر ماء آمن. حين تمطر السماء تتجمع المياه في برك راكدة تختلط فيها الرواسب بالطين. يشرب منها الإنسان والكلب والماعز والحمير على حد سواء. لا فرق بين فم وفم آخر. الكل ينهل من ذات المستنقع. وحين يجف تنطلق أقدام الناس في رحلة مضنية نحو البرك البعيدة.

تقطع النساء والأطفال والرجال مسافة تزيد عن ساعتين سيرًا على الأقدام، فقط ليقوموا بملء أوعية بلاستيكية بما تيسّر من ماء. هذه الرحلة اليومية ليست مجرد عناء، بل استنزاف للجسد والوقت، وأحيانًا للكرامة بعضهم يعود بقطرة وبعضهم يعود خالي اليدين.

الماعز… شريك في البؤس

تعتمد القرية بشكل كبير على تربية الماعز وهي المهنة الوحيدة تقريبًا التي تمنحهم القليل من الدخل والكثير من الانشغال الماعز منتشر بكثافة بين الجبال، ويُربّى كأصل من أصول البقاء لكن هذه الثروة الصغيرة هي الأخرى تشرب تشارك السكان في ندرة الماء فتضاعف الحاجة وتزيد من الاستهلاك وبين الإنسان وحيوانه لا تجد قطرة الماء كثيرًا من الوقت لتستقر في وعاء.

الغياب الذي صار عادة

في قرية حبيب الهارش الغياب ليس حالة طارئة بل نمط حياة لا توجد نقطة صحية واحدة، لا طبيب لا كهرباء ولا شيء يساعد في إنقاذ مرضى الليل من يسقط مريضًا هنا فغالبًا ما يلتف حوله أهله بالدعاء ويتركونه بين أمل الشفاء أو انتظار الموت، الأطفال يتعلمون من الطبيعة، من حركة الشمس، ومن وجوه أمهاتهم حين تشتد الحرارة لا كتب ولا دفاتر ولا أحلام كبيرة الحياة تمشي على مهل والمستقبل مؤجل حتى إشعار آخر.

حين تتأمل الوجوه في القرية تجدها هادئة بشكل محزن فيها رضا قاسٍ يشبه الاستسلام أكثر مما يشبه القناعة الكهول يروون حكاياتهم بلغة خافتة، والنساء يحملن أعباء القرية على ظهورهن والأطفال يلعبون قرب البرك الملوثة لا يعرفون بعد أن ما يشربونه اليوم قد يُمرضهم غدًا لكن رغم ذلك لا أحد يرفع صوته لا احتجاجات، لا مظاهرات، فقط انتظار صامت وعيون تتبع المارّة وكأن “الشكوى” صارت ترفًا أو عادة فُقدت مع الأيام.

أبعد من مجرد معاناة

ما يجري في قرية حبيب الهارش ليس مجرد انعدام للخدمات بل هو غياب كامل للعدالة أن تعيش في القرن الحادي والعشرين دون ماء دون طريق، دون طبيب، فتلك ليست مصادفة إنها نتيجة لسياسات تُقصي الأطراف وتتجاهل الريف وتبني مجد الدولة فوق وجع الفقراء

هذه القرية لا تطلب أكثر من الحياة فقط أن تصل إليها قطرة ماء نظيفة أن يُعبّد طريقها أن يُنصب خزان، كل ما في الأمر أن يعيش الناس هنا كما يعيش غيرهم دون أن يضطروا لاقتسام ماء المستنقعات مع الحمير.

ومضات أمل لحل أزمة المياه في قرى أبين

رغم كل شيء، لا تزال هناك نساء يبتسمن وأطفال يركضون ورجال يقاتلون الحياة يومًا بيوم في تلك القلوب المبللة بالغبار لا تزال تنبض الرغبة في البقاء كل ما ينقصهم هو يد تمتد وعين ترى.

أزمة المياه في قرى أبين تتفاقم

يومًا بعد يوم.. تتفاقم أزمة المياه في قرى أبين، وسط غياب مشاريع البنية التحتية وعجز السلطات المحلية عن توفير حلول مستدامة. ففي قرى نائية مثل “حبيب الهارش”، يتحوّل الحصول على الماء إلى تحدٍ يومي يرهق الأهالي، الذين يقطعون مسافات طويلة سيرًا على الأقدام للوصول إلى برك راكدة أو مصادر غير آمنة. وتكشف أزمة المياه في قرى أبين عن واقعٍ تنموي هش، حيث يُترك السكان لمصيرهم في مواجهة الجفاف، دون تدخل فعّال من الجهات المعنية، ما يجعل هذه القضية واحدة من أبرز التحديات الإنسانية في المحافظة.

إن ما تحتاجه حبيب الهارش ليس معجزة، بل فقط لفتة إنسانية من جهة مسؤولة أو منظمة تنموية تؤمن أن العدالة تبدأ من أطراف الخريطة


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

لن تصدق السبب...الرياض تطلب من رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي اليمني العودة فورا الى السعودية

جهينة يمن | 777 قراءة 

عاجل: اول توجيهات غريبة من صنعاء عقب غارات جوية إسرائيلية(تعرف عليها)

جهينة يمن | 743 قراءة 

بعد سنوات من الصمت.. الكشف عن سبب طرد المذيعة الجنوبية (مايسة ردمان)

موقع الأول | 598 قراءة 

عاجل: انشقاق كبير.. قادماً من صنعاء وصول قيادي بارز الى مأرب ويعلن انضمامه للشرعية بعد سنوات مع الح،وثيين

جهينة يمن | 588 قراءة 

ملشيا الحوثي تشيع " 6 " من كبار قيادتها البارزة بسرية وتكتم شديد بينهم أقارب زعيم الجماعة " أسماء "

وطن نيوز | 532 قراءة 

عيدروس الزبيدي يهدد بإعلان حالة الطوارئ جنوب اليمن إذا عرقلت قراراته غير الدستورية

عدن نيوز | 516 قراءة 

بتعليق وقح وصادم...الحوثيين يستفزون قطر بعد الهجوم الإسرائيلي

جهينة يمن | 514 قراءة 

انكشاف مصير يحيى سريع (اعلان)

العربي نيوز | 409 قراءة 

شركة طيران تعلن عن اولى رحلاتها من مطار عدن الى هذه الدولة غدا

جهينة يمن | 336 قراءة 

تحركات رسمية حاسمة: إحالة مسؤولين للتحقيق في قضايا متعلقة باليمن

المرصد برس | 329 قراءة