العطش في قرية “حبيب الهارش” بأبين: حين يتقاسم الإنسان والماعز قطرة الماء

     
صوت العاصمة             عدد المشاهدات : 134 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
العطش في قرية “حبيب الهارش” بأبين: حين يتقاسم الإنسان والماعز قطرة الماء

في أقصى الشرق من مديرية الوضيع بمحافظة أبين، تقبع قرية “حبيب الهارش“. كأنها في عزلة مقصودة يحيط بها صمت الطبيعة وغياب الدولة. على بُعد 25 كيلومترًا من مركز المديرية.. تتوارى خلف تضاريس قاسية وجبال شاهقة لا يصل إليها إلا من اعتاد مشقة الطريق. الوصول إليها ليس نزهة.. فكل من تطأ قدماه ترابها يدرك أن هذه الأرض لم تُزرع بعد لا بالخدمات ولا بالرعاية ولا حتى بالحد الأدنى من الحق في الحياة.

طريقها ترابي ضيّق، متعرّج، محفوف بالحفر والانحدارات. لا تمر فيه مركبات بسهولة ولا يعرف الإسفلت ملامحه. وحدهم سكان القرية يعرفون كيف يسلكونه سيرًا على الأقدام. وكيف يحفظون أسماء المنعطفات والحفر كما لو كانت معالمهم الأثرية. في هذا الطريق تتكسر الأمنيات وتضيع عربات الإغاثة، ويختفي أي وعد بالتنمية.

بين صيفٍ لاهب وقطرة مفقودة

ما يجعل الحياة في هذه القرية أكثر قسوة ليس فقط البُعد؛ بل الجفاف. المناخ ساحلي جاف تلسع الشمس أجساد الناس بحرارة قد تصل إلى 45 درجة في ذروة الصيف. بينما تذبل الأرض ولا تثمر السماء. الماء هنا هو الحاجة الأولى والأمل الأخير والمعركة اليومية التي يخوضها الكبار والصغار.

لا توجد شبكة مياه ولا خزان ولا بئر لا شيء يربط سكان القرية بمصدر ماء آمن. حين تمطر السماء تتجمع المياه في برك راكدة تختلط فيها الرواسب بالطين. يشرب منها الإنسان والكلب والماعز والحمير على حد سواء. لا فرق بين فم وفم آخر. الكل ينهل من ذات المستنقع. وحين يجف تنطلق أقدام الناس في رحلة مضنية نحو البرك البعيدة.

تقطع النساء والأطفال والرجال مسافة تزيد عن ساعتين سيرًا على الأقدام، فقط ليقوموا بملء أوعية بلاستيكية بما تيسّر من ماء. هذه الرحلة اليومية ليست مجرد عناء، بل استنزاف للجسد والوقت، وأحيانًا للكرامة بعضهم يعود بقطرة وبعضهم يعود خالي اليدين.

الماعز… شريك في البؤس

تعتمد القرية بشكل كبير على تربية الماعز وهي المهنة الوحيدة تقريبًا التي تمنحهم القليل من الدخل والكثير من الانشغال الماعز منتشر بكثافة بين الجبال، ويُربّى كأصل من أصول البقاء لكن هذه الثروة الصغيرة هي الأخرى تشرب تشارك السكان في ندرة الماء فتضاعف الحاجة وتزيد من الاستهلاك وبين الإنسان وحيوانه لا تجد قطرة الماء كثيرًا من الوقت لتستقر في وعاء.

الغياب الذي صار عادة

في قرية حبيب الهارش الغياب ليس حالة طارئة بل نمط حياة لا توجد نقطة صحية واحدة، لا طبيب لا كهرباء ولا شيء يساعد في إنقاذ مرضى الليل من يسقط مريضًا هنا فغالبًا ما يلتف حوله أهله بالدعاء ويتركونه بين أمل الشفاء أو انتظار الموت، الأطفال يتعلمون من الطبيعة، من حركة الشمس، ومن وجوه أمهاتهم حين تشتد الحرارة لا كتب ولا دفاتر ولا أحلام كبيرة الحياة تمشي على مهل والمستقبل مؤجل حتى إشعار آخر.

حين تتأمل الوجوه في القرية تجدها هادئة بشكل محزن فيها رضا قاسٍ يشبه الاستسلام أكثر مما يشبه القناعة الكهول يروون حكاياتهم بلغة خافتة، والنساء يحملن أعباء القرية على ظهورهن والأطفال يلعبون قرب البرك الملوثة لا يعرفون بعد أن ما يشربونه اليوم قد يُمرضهم غدًا لكن رغم ذلك لا أحد يرفع صوته لا احتجاجات، لا مظاهرات، فقط انتظار صامت وعيون تتبع المارّة وكأن “الشكوى” صارت ترفًا أو عادة فُقدت مع الأيام.

أبعد من مجرد معاناة

ما يجري في قرية حبيب الهارش ليس مجرد انعدام للخدمات بل هو غياب كامل للعدالة أن تعيش في القرن الحادي والعشرين دون ماء دون طريق، دون طبيب، فتلك ليست مصادفة إنها نتيجة لسياسات تُقصي الأطراف وتتجاهل الريف وتبني مجد الدولة فوق وجع الفقراء

هذه القرية لا تطلب أكثر من الحياة فقط أن تصل إليها قطرة ماء نظيفة أن يُعبّد طريقها أن يُنصب خزان، كل ما في الأمر أن يعيش الناس هنا كما يعيش غيرهم دون أن يضطروا لاقتسام ماء المستنقعات مع الحمير.

ومضات أمل لحل أزمة المياه في قرى أبين

رغم كل شيء، لا تزال هناك نساء يبتسمن وأطفال يركضون ورجال يقاتلون الحياة يومًا بيوم في تلك القلوب المبللة بالغبار لا تزال تنبض الرغبة في البقاء كل ما ينقصهم هو يد تمتد وعين ترى.

أزمة المياه في قرى أبين تتفاقم

يومًا بعد يوم.. تتفاقم أزمة المياه في قرى أبين، وسط غياب مشاريع البنية التحتية وعجز السلطات المحلية عن توفير حلول مستدامة. ففي قرى نائية مثل “حبيب الهارش”، يتحوّل الحصول على الماء إلى تحدٍ يومي يرهق الأهالي، الذين يقطعون مسافات طويلة سيرًا على الأقدام للوصول إلى برك راكدة أو مصادر غير آمنة. وتكشف أزمة المياه في قرى أبين عن واقعٍ تنموي هش، حيث يُترك السكان لمصيرهم في مواجهة الجفاف، دون تدخل فعّال من الجهات المعنية، ما يجعل هذه القضية واحدة من أبرز التحديات الإنسانية في المحافظة.

إن ما تحتاجه حبيب الهارش ليس معجزة، بل فقط لفتة إنسانية من جهة مسؤولة أو منظمة تنموية تؤمن أن العدالة تبدأ من أطراف الخريطة

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

رحيل مؤلم لمغترب يمني أثناء توصيل الطلبات في الرياض ..الاسم والصورة

نيوز لاين | 693 قراءة 

ثاني أبرز شخصية بعد عبدالملك الحوثي.. الحوثيون يعترفون بمقتل محمد عبدالكريم الغماري

عدن نيوز | 644 قراءة 

موقع عبري: إسرائيل تعتزم شن هجمة كبرى على الحوثيين وهذا سبب تأجيلها

المشهد اليمني | 448 قراءة 

لأول مرة.. صنعاء ترفض نهج الحوثيين بموكب غير مسبوق

عدن تايم | 426 قراءة 

مواطنون يشتبهون في بائعَي ‘‘حلوى’’ في أحد أسواق الغيضة.. وعند تفتيشهما كانت المفاجأة الصادمة

المشهد اليمني | 410 قراءة 

تصرف غير متوقع من طيار مصري خلال وصول طائرة ترامب إلى أجواء شرم الشيخ (فيديو)

المشهد اليمني | 362 قراءة 

يصل سعرها عالميا إلى 1000 دولار للكيلو: مزارعون يمنيون يحتفلون بنجاح زراعة فاكهة المانجو النادرة "بيض الشمس" في تهامة!

نيوز لاين | 323 قراءة 

وفاة العالم النووي الإسرائيلي أهارون مزراحي متأثرًا بجراحه

العاصفة نيوز | 322 قراءة 

شاهد صورة اللواء عيدروس الزبيدي اثناء زيارة والدة القيادي صلاح الشنفرة

يمن فويس | 304 قراءة 

مليشيا الحوثي تعلن مقتل رئيس أركانها محمد الغماري بغارات جوية

تهامة 24 | 299 قراءة