خبراء اقتصاد يحذرون من تداعيات إعلان الحوثيين إصدار عملة معدنية جديدة فئة 50 ريال - بران برس
أعد التقرير لـ"بران برس" - عمار زعبل:
حذر خبراء اقتصاد ومراقبون، الأحد 13 يوليو/تموز 2025م، من تداعيات قيام فرع البنك المركزي في العاصمة صنعاء، الخاضع لسيطرة جماعة الحوثي المصنفة دوليًا في قوائم الإرهاب، صك عملة معدنية جديدة فئة 50 ريال، والتي قال إنها ستوضع للتداول في مناطق سيطرة الجماعة من اليوم الأحد.
وأمس السبت، أعلن فرع البنك المركزي في صنعاء، صك عملة معدنية جديدة فئة 50 ريالاً، في إطار ما قال إنه "لإيجاد حلول لمشكلة الأوراق النقدية التالفة، وتعزيز جودة النقد الوطني المتداول"، وتنفيذًا لما أَعلنه سابقًا عند طرح العملة المعدنية من فئة (100) ريال.
خبراء اقتصاد: هذه الخطوة ستعمّق الانقسام النقدي، وتكرّس ازدواج العملة الوطنية، وتمهد عملياً لانفصال اقتصادي ونقدي
وفي مارس/آذار 2024، أعلنت سلطات جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا، صك عملة معدنية جديدة فئة 100 ريال، لمواجهة مشكلة العملة التالفة، وهو ما اعتبره خبراء اقتصاد حينها “تصعيدا جديدا نحو مزيد من الانقسام النقدي وإذكاء الصراع في القطاع المصرفي اليمني”.
ورأى خبراء اقتصاد ومراقبون، أن هذه الخطوة "تصعيد حوثي جديد ضد الحكومة المعترف بها، وتنصلًا عن الاتفاق الاقتصادي الذي رعاه المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن العام الماضي، والذي قضي بخفض التصعيد في الجانب المصرفي".
رسالة سياسية وانقلاب
أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن الدكتور، مساعد القطيبي، يرى أن إصدار البنك المركزي في صنعاء نقوداً جديدة من فئة 50 ريالاً، “في ظاهره يراد به معالجة عاجلة لأزمة شح السيولة واستبدال الأوراق النقدية المهترئة من الفئات الصغيرة، لكن في جوهره يحمل رسالة سياسية مفادها أن صنعاء تمضي في إدارة سياستها النقدية بشكل منفصل ومستقل”.
وأضاف "القطيبي"، في تدوينة على “فيسبوك” رصدها "بران برس": "من المؤكد أن هذه الخطوة ستعمّق الانقسام النقدي، وتكرّس ازدواج العملة الوطنية، وتمهد عملياً لفصل اقتصادي ونقدي بين مناطق سيطرة الحوثيين شمالاً، ومناطق سيطرة الحكومة الشرعية جنوباً".
فارس النجار: ما جرى إعلان صريح عن تعميق الانقسام النقدي والمالي وتعريض ما تبقى من أي استقرار أو تفاهمات لحلحلة الأزمة الاقتصادية مجرد حبر على ورق
المحلل الاقتصادي، فارس النجار، قال في حديث لـ"بران برس"، إن هذه الخطوة الحوثية "ليست عبثية” ، مؤكداً أنها “خطوة ممنهجة، وتستكمل مشروع الجماعة الرامي إلى فرض واقع يفصل ما تبقى من وحدة العملة والمؤسسات النقدية”.
وأضاف: “من يعتقد أن قيام مليشيا بصك عملة معدنية جديدة مجرد قرار إداري لحل مشكلة تلف بعض فئات النقود لديهم فقط فهو واهم"، مؤكدًا أن “الأمور أبعد من ذلك، وأن ما جرى إعلان صريح عن تعميق الانقسام النقدي والمالي وتعريض ما تبقى من أي استقرار أو تفاهمات لحلحلة الأزمة الاقتصادية مجرد حبر على ورق”.
وأضح "النجار" أن “المبعوث الأممي الذي أصدر بياناً في 23 يوليو 2024 أكد فيه بوضوح إلغاء جميع القرارات والإجراءات المصرفية المتبادلة والامتناع مستقبلاً عن أي قرارات مماثلة، سينام كالعادة فهو لا يظهر إلا عندما تتخذ الحكومة الشرعية ومؤسساتها أي قرار لتضييق الخناق على المليشيا”.
وبرأي بأنه “لا حلّ لوقف هذا العبث وإلغاء الانقسام النقدي والمالي والجمركي، واستعادة الثقة بالعملة وإنهاء فوضى السوق إلا بزوال هذه الجماعة وعودة المؤسسات للقيام بدورها الوطني الكامل”، مضيفاً “لا يمكن أن تعيش بلد بمركزين نقديين وماليين منفصلين، ولا خلاص من ذلك إلا بزوال المليشيات الحوثية”.
خطوة نحو اللاعودة
من جانبه، أشار الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي، وفيق صالح، إلى أن هذه الخطوة الحوثية “ستعمل على تكريس الانفصال النقدي، وتمضي بطريق اللاعودة نحو تجزئة المؤسسات النقدية والمالية وتشطير العملة الوطنية”.
وتوقع صالح، في حديثه لـ“برّان برس”، أن هذه الخطوة “ستثير ردود فعل من قبل الحكومة الشرعية، كونها تمس سيادية العملة الوطنية، وتتجاوز صلاحيات البنك المركزي اليمني المعترف به دولياً”.
وفيق صالح: هذه الخطوة الحوثية ستعمل على تكريس الانفصال النقدي، وتمضي بطريق اللاعودة نحو تجزئة المؤسسات النقدية والمالية وتشطير العملة الوطنية
وأشار إلى أن ما جرى “يتجاوز صلاحيات البنك المركزي اليمني في عدن وتمس سيادية العملة الوطنية، وربما يكون هناك إجراءات ورود فعل من قبل السلطات النقدية الشرعية للرد على هذه الممارسات”.
من جانبها، قالت المحامية والحقوقية هدى الصراري، في تدوينة على “فيسبوك”، إن “سك عملات من قبل الحوثيين، حتى وإن كانت معدنية أو من فئات صغيرة، ليست مجرد خطوة اقتصادية عابرة، بل هو تصعيد خطير يحمل أبعاداً سياسية واقتصادية عميقة".
ومن الناحية الاقتصادية، قالت إن “صك العملة بدون غطاء قانوني ومن خارج البنك المركزي المعترف به، معناه زيادة الانقسام النقدي، وارتفاع التضخم، وخلق فوضى أكبر في السوق، وزيادة معاناة الناس مع غلاء الأسعار وانعدام الثقة بالريال اليمني نفسه”.
وسياسيًا، قالت الصراري، إن القصة أوضح، وهي أن “الحوثي يكرّس فكرة أنه كيان مستقل بإدارته ونظامه المالي، في تحدٍّ مباشر للدولة ومؤسساتها، وضرب لكل جهود الحل السياسي وإعادة توحيد المؤسسات".
هدى الصراري: هذه الخطوة ليست بسيطة، ولا بد من قرأتها بوعي؛ لأنها تمضي بالبلد نحو مزيد من الانقسام الكامل، اقتصاديًا وسياسيًا وربما للاعودة
وأكدت المحامية الصراري، أن “هذه الخطوة ليست بسيطة، ولا بد من قرأتها بوعي؛ لأنها تمضي بالبلد نحو مزيد من الانقسام الكامل، اقتصاديًا وسياسيًا وربما للاعودة”.
تأتي الخطو الحوثية في ظل ظرف اقتصادي معقد تمرّ به البلاد، وجمود في مسار السلام رغم تحركات المبعوث الأممي الأخيرة التي بدت باهتة، وزادت من توقعات استئناف الحرب.
وفي 22 يوليو 2024، أعلن المبعوث الأممي لليمن هانز غروندبرغ، عن اتفاق الأطراف اليمنية على “تفاهمات لخفض التصعيد في القطاع المصرفي وقطاع الطيران”. وذكر بيان مكتب المبعوث الأممي حينها أن اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي نص على “إلغاء جميع القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من كلا الطرفين، والامتناع مستقبلاً عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة ضد البنوك”.
صك عملة جديدة
الانقسام النقدي
تزوير العملة
الحرب الاقتصادية
50 ريال
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news