أزاح توقيف القيادي القبلي محمد أحمد علي الزايدي الستار عن شبكة تهريب حوثية معقدة تمتد عبر حدود اليمن الشرقية، وتعمل تحت غطاء قبلي واستخباراتي.
وقد أُلقي القبض عليه من قبل الأجهزة الأمنية في محافظة المهرة أثناء محاولته مغادرة البلاد عبر منفذ صرفيت الحدودي مع سلطنة عمان مساء الثلاثاء الماضي، في خطوة أثارت ردود فعل متباينة، لاسيما من شخصيات محسوبة على الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، والتي طالبت بالإفراج عنه نافية صلته بجماعة الحوثي.
وفي بيان رسمي، أكدت السلطات المحلية بمحافظة المهرة أن الزايدي موقوف لكونه مُدرجاً في قائمة المطلوبين أمنياً. وكشفت وثيقة رسمية أنه كان يحمل جواز سفر دبلوماسي صادر من جماعة الحوثيين غير المعترف بها، برقم (00023412)، ويُظهر الجواز تاريخ إصدار في 29 أغسطس 2022، ويُعرّف الزايدي كضابط في القوات المسلحة.
ورغم نفي قيادات قبلية لانخراطه في صفوف المليشيا، بحجة أنه كان خارج اليمن لسنوات طويلة ولم يعد إلا مؤخراً، حصلت منصة “ديفانس لاين” على وثيقة صادرة عن رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين بتاريخ 11 يوليو 2018، تقضي بمنح الزايدي درجة “وزير”.
محمد الزايدي، البالغ من العمر 56 عامًا، من مواليد صرواح بمحافظة مأرب، يُعد من أبرز مشائخ قبيلة جهم، وله نفوذ واسع في مناطق خولان الطيال. وتشير مصادر استخباراتية إلى أنه وصل إلى محافظة المهرة عبر طرق تهريب صحراوية تمر بمحافظتي الجوف وحضرموت، وصولًا إلى منطقة شحن.
شبكة تهريب حوثية تحت إدارة استخباراتية
كشفت التحقيقات أن عملية تنقل الزايدي تمت عبر شبكة تهريب يديرها جهاز أمني سري تابع لجماعة الحوثي، بقيادة عباد صالح عباد الزايدي، المعيّن كقائم بأعمال وكيل جهاز الأمن والمخابرات لشؤون المحافظات الشرقية والجنوبية.
يحمل عباد الجنسية العُمانية ويتنقل باستخدام هويات مزورة بين اليمن وسلطنة عمان، ويعمل بالتنسيق مع محطة استخبارات حوثية في مسقط يقودها هلال يحيى النفيش، تحت غطاء المكتب الحوثي في عمان، الذي يديره المتحدث الرسمي باسم الجماعة، عبدالسلام فليته (محمد عبدالسلام).
وبحسب معلومات استخباراتية، فإن مكتب عباد الزايدي في صنعاء مسؤول عن تخطيط وتنفيذ عمليات تهريب وتخريب وتسهيلات لوجستية، تشمل تزوير جوازات ووثائق تُستخدم من قبل عناصر حوثيين وأجانب. ويتم تنفيذ هذه العمليات عبر شخص يُدعى (م. المُرتضى) من محافظة صعدة.
وضبطت الجهات الأمنية بحوزة الشيخ الزايدي جوازات سفر منتهية، وبطاقات تعريف شخصية وعسكرية، ووردت أسماء اثنين من أبنائه، هما علي وذياب، ضمن المضبوطات.
ويُعتقد أن ذياب، الذي يُقيم غالباً في سلطنة عمان ويحمل جنسيتها، يعمل ضمن شبكة التهريب الحوثية، إلى جانب عناصر أخرى من آل الزايدي الناشطة في المهرة.
كما تُشير الوثائق إلى أن الحوثيين عيّنوا نجله الآخر، بدر محمد أحمد الزايدي، مديراً عاماً لمديرية مزهر بمحافظة ريمة في يونيو 2019، ثم مديراً لمديرية الجبين لاحقًا.
نشاطات علنية وتورط مباشر مع الحوثيين
على خلاف ما يدّعيه أنصاره، تؤكد وثائق ومشاهدات أن الزايدي ظهر علنًا في عدد من الفعاليات الحوثية المسلحة. ففي 31 ديسمبر 2024، شارك في فعالية قبلية بمنطقة صرواح أعلن خلالها “النفير العام”، متحدثاً أمام حشود مسلحة ومجدداً الولاء لزعيم الجماعة الذي وصفه بـ”السيد القائد العظيم”.
كما أشرف في 25 يناير 2025 على فعالية أخرى لقبائل خولان الطيال، أعلن فيها التعبئة العامة، وتحدث عن الجاهزية للقتال ضد الحكومة الشرعية، مترحماً على مؤسس الجماعة ومجدداً البيعة.
وسبق أن مثّل الزايدي مليشيا الحوثي في مؤتمر نظمه مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن (DCAF) في سويسرا خلال فبراير 2024، حيث عبّر عن مواقف متطابقة مع رؤى الحوثيين، وفق شهادات مشاركين في المؤتمر.
وفي مقابلة بثتها قناة “المسيرة” التابعة للمليشيا بتاريخ 31 يناير 2025، أكد الزايدي دعمه الكامل للحوثيين، وهاجم من وصفهم بـ”أنصار الشرعية”، وقال إنهم سيُعاملون “كما تُعامل أمريكا واليهود”، مشددًا على أهمية النكف القبلي كتمهيد لمعركة قادمة، مشيراً إلى أن مشروع “المسيرة القرآنية” تعطّل بسبب وقوف اليمنيين ضده.
محاولة هروب وكمين مسلح
تقول مصادر أمنية إن الزايدي حاول أولًا مغادرة البلاد عبر منفذ شحن الحدودي مع عمان، ولما باءت محاولته بالفشل، لجأ إلى منفذ صرفيت حيث تم توقيفه.
وعقب توقيفه، تعرضت قوات عسكرية متجهة لتعزيز الأمن في المنفذ لكمين مسلح نُفذ من قِبل عناصر يُعتقد أنهم مرتبطون به، وأسفر الهجوم عن مقتل العميد عبدالله محمد هادي زايد، قائد كتيبة دبابات في اللواء 137، وإصابة عقيد ومساعد بجروح بالغة.
في الأثناء، دعا مقربون من الزايدي أنصاره إلى عدم تداول الخبر أو التفاعل معه إعلاميًا، بحجة أن النشر قد يضر بمجرى القضية.
مسيرة سياسية وقبلية مثيرة للجدل
تاريخيًا، يُعد الزايدي شخصية بارزة في حزب المؤتمر الشعبي، وكان مرشحًا عنه في انتخابات 2003، وتولى مناصب محلية متعددة منها رئاسة المجلس المحلي لمديرية صرواح ومديرًا عامًا لماوية في تعز عام 1997.
وقد حافظ على حضوره الإعلامي خلال السنوات الماضية من خلال تداول قصائد شعبية ومساجلات قُدمت لاحقًا بألحان وغناء شعبي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news