تحليل: حدود القوة الاقتصادية والقدرة على الصمود.. دروس من الحرب بين إسرائيل وإيران

     
خطوط برس             عدد المشاهدات : 116 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
تحليل: حدود القوة الاقتصادية والقدرة على الصمود.. دروس من الحرب بين إسرائيل وإيران

انتهت الحرب التي دامت 12 يومًا بين إسرائيل وإيران بوقف إطلاق نار هش. وتشير مراجعة الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحرب إلى أن استمرار الصراع لفترة أطول كان سيُشكّل عبئًا اقتصاديًا لا يمكن تحمّله بالنسبة للطرفين. وبالنسبة لإيران، لم تكن هذه النتيجة مفاجئة بالنظر إلى العقوبات الممتدة لعقود، غير أن الحرب شكّلت اختبارًا حقيقيًا لقوة إسرائيل الاقتصادية وقدرتها على الصمود، كما كشفت عن مواطن ضعف أعمق.

فحتى العام الماضي، كان وزير المالية الإسرائيلي قد صرّح بثقة لافتة بأن “الاقتصاد الإسرائيلي قوي بجميع المقاييس، وقادر على تحمّل أعباء الحرب، في الجبهة وخلفها، حتى تحقيق النصر، بمشيئة الله”.

لكن التكلفة العسكرية اليومية المباشرة لإسرائيل بلغت في المتوسط 725 مليون دولار، أي أكثر من ثمانية أضعاف الإنفاق الدفاعي اليومي المقدّر، بناءً على المخصص السنوي البالغ نحو 33 مليار دولار (109.8 مليار شيكل) لوزارة الدفاع في موازنة الدولة لعام 2025.

وقد كلّفت الغارات الجوية على أهداف إيرانية نحو 590 مليون دولار خلال أول يومين فقط، بينما قُدّرت تكلفة عمليات الاعتراض الصاروخي بما لا يقل عن 200 مليون دولار يوميًا.

ورغم هذا الإنفاق الهائل، لم تتمكن منظومات الدفاع الصاروخي من منع الضربات الإيرانية الانتقامية، التي أعقبت الهجمات الإسرائيلية على البنى التحتية العسكرية والمدنية في أنحاء إيران، من التسبب بأضرار مباشرة داخل إسرائيل، تجاوزت قيمتها 1.5 مليار دولار، وشملت مراكز اقتصادية ومالية رئيسية.

وقد تعرّض المركز العصبي للسوق المالية الإسرائيلية – مبنى بورصة تل أبيب – لضربة مباشرة. ورغم أن الأسهم استعادت خسائرها الأولية بسرعة خلال الحرب، ما دفع وزير المالية الإسرائيلي إلى اعتبار ذلك “دليلًا على صلابة الاقتصاد الإسرائيلي، حتى تحت النيران”، فإن الهجمات التي طالت مراكز البحث والتطوير، والتي تُعدّ من أكثر القطاعات ديناميكية في البنية الاقتصادية الإسرائيلية، أي قطاع التكنولوجيا المتقدمة، مثّلت خسارة فادحة لعقود من الأبحاث والتجارب والاستثمارات.

وكانت الضربة التي استهدفت معهد وايزمان ذات أهمية خاصة، نظرًا لارتباطه بمشروعات عسكرية، وقد جاء استهدافه ردًا على اغتيال عدد من العلماء النوويين الإيرانيين. وأدى ذلك إلى تدمير 45 مختبرًا، من بينها مختبر يحتوي على مواد بحثية تعود لأكثر من 22 عامًا.

ومن المرجّح أن تؤدي أي حرب مستقبلية إلى توسيع نطاق الاستهداف، لتطال مواقع أكثر أهمية وحساسية.

وتتوقع التقديرات أن يشهد الاقتصاد الإسرائيلي هذا العام تراجعًا في النمو بنسبة لا تقل عن 0.2%، مع وصول عجز الموازنة الحكومية إلى نحو 6% من الناتج المحلي الإجمالي، متجاوزًا السقف المحدد من قبل وزارة المالية، والذي يبلغ 4.9%.

وكان مسؤول إسرائيلي قد لمح، في الشهر الماضي، إلى إمكانية أن تلجأ تل أبيب إلى طلب دعم مالي إضافي من الولايات المتحدة، بهدف تعويض تكاليف الحرب وتلبية الاحتياجات الدفاعية العاجلة.

كما تكشف الحرب التي استمرت 12 يومًا وأدّت إلى عواقب اقتصادية بهذا الحجم، عن مدى هشاشة الاقتصاد الإسرائيلي وضعفه البنيوي.

أما إيران، فقد تكبّدت هي الأخرى تكلفة مالية باهظة. فقد بلغت كلفة الصواريخ وحدها نحو 800 مليون دولار، وهو مبلغ يفوق تقديرات ميزانيتها الدفاعية لفترة 12 يومًا، استنادًا إلى المخصص السنوي البالغ 23.1 مليار دولار للفترة من مارس/ آذار 2025 إلى مارس/ آذار 2026. وتشير تقارير إلى أن طهران تخطط حاليًا لزيادة ميزانيتها الدفاعية إلى ثلاثة أضعاف في عام 2025، في مؤشر واضح على الحاجة إلى تعويض الموارد المستنزفة.

وقد تضرّر العمود الفقري للاقتصاد الإيراني – أي قطاع النفط والغاز – بشكل بالغ، حيث كلّفت خسائر الصادرات النفطية خلال الحرب ما يُقدّر بنحو 1.4 مليار دولار من الإيرادات المفقودة. وتعرّض عدد من المنشآت النفطية والغازية الحيوية، بما في ذلك حقل “بارس الجنوبي” الضخم، لضربات مباشرة.

وعلى عكس إسرائيل، لم تكن منظومات الدفاع الإيرانية متقدمة بما يكفي لحماية قطاعات اقتصادية استراتيجية من الهجمات.

ومع ذلك، يرى محللون أن إيران أظهرت قدرة على الصمود تفوق التوقعات، إذ تمكّنت من تفادي الانهيار الكامل، ويُقال إنها واصلت تصدير جزء من نفطها أثناء الحرب من خلال “أسطول الظل” من الناقلات.

والدرس الأساسي الذي يمكن استخلاصه من هذه الحرب لا يتمثّل في “تعزيز القدرة على الصمود” للتخفيف من تبعات الحروب المستقبلية، بل في إدراك أن للقوة التكنولوجية والاقتصادية حدودًا في مواجهة ويلات الحرب.

فالواقع أن الدول ذات الاقتصادات المتقدمة والمنظومات الدفاعية المتطورة، كإسرائيل، قد تبالغ في تقدير قدرتها على امتصاص وإدارة تداعيات الحرب، مما يقلّل من عتبة ترددها في إشعال الصراع. وحتى في حال نجحت في بناء ما يكفي من الصلابة لحماية البنى التحتية الحيوية والقطاعات الاستراتيجية خلال الحرب، فإن الإنفاق العسكري قد يبلغ مستويات باهظة تجعل تكلفة الفرصة البديلة (أي الخسائر الناتجة عن التخلي عن خيارات تنموية أخرى) تمتد لعدة عقود.

ومن هنا، بات من الضروري أن تتجرأ الأصوات الإسرائيلية واليهودية على طرح الأسئلة الصعبة دون خوف: ما هو الثمن الحقيقي للمغامرات العسكرية التي تنخرط فيها إسرائيل؟ وإلى متى سيُهدر المال العام في إراقة دماء الأبرياء؟

وينبغي أن تُطرح هذه الأسئلة نفسها من قبل الأصوات الأمريكية أيضًا، نظرًا للدعم المباشر والتواطؤ الذي تمارسه الولايات المتحدة في الحملات العسكرية الإسرائيلية.

فعندما تبدأ قطاعات واسعة من الشعوب، داخل إسرائيل أو الولايات المتحدة، بإدراك تكلفة هذه الحروب وطرح تساؤلات حاسمة بشأنها، يصبح الاستمرار في هذه السياسات من قبل القادة السياسيين أمرًا غير قابل للاستدامة.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

أربعة محافظين يرفضون الإقالة .. ورئيس الحكومة يعطي مهلة 72 ساعة لبدء إجراءات إقالتهم

العاصفة نيوز | 1006 قراءة 

ضـ.ـربة أمـ.ـريكية دقيقة تستهدف هذه المنطقة وانباء عن مصـ.ـرع قيادي كبير

صوت العاصمة | 672 قراءة 

في إطار مكافحة الفساد.. إغلاق الحسابات الحكومية خارج البنك المركزي خلال مهلة محددة

حشد نت | 653 قراءة 

رد رسمي من صقر الحجاز بشأن حادث احتراق الحافلة في أبين

نيوز لاين | 499 قراءة 

الفريق طارق صالح يصل إلى البرازيل على رأس وفد اليمن للمشاركة في القمة المناخية

حشد نت | 392 قراءة 

احد الناجين من احتراق باص نقل جماعي في ابين يفجرها ويكشف اسباب الكارثة

كريتر سكاي | 371 قراءة 

  هاني بن بريك يدافع عن وزير الخارجية شايع الزنداني ويثير انقساماً داخل صفوف أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي

مأرب برس | 363 قراءة 

فيديو | القيادي في الحراك الجنوبي “شفيع العبد” لـ“بران برس”: الانتقالي صمم خارج الحدود لابتزاز الشرعية والسعودية ولا يمثل الجنوبيين

بران برس | 362 قراءة 

شركة ‘‘صقر الحجاز’’ تخرج عن صمتها وتكشف سبب احتراق إحدى حافلاتها في طريق العرقوب

المشهد اليمني | 354 قراءة 

بالفيديو.. اول تعليق للمعتمر المصري في حادثة الحرم المكي

موقع الأول | 329 قراءة