قصة كنز الضالع (الحلقة الثانية)

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 168 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
قصة كنز الضالع (الحلقة الثانية)

بينما كان الجميع يرهفون أسماعهم لعلهم يعرفون نتيجة المفاوضات بين الشيخ صالح والغريب حول الكنز ومفتاحه ونصيب كل واحد من “اللقية” المرتقبة. تنحنح مثنى بن مثنى أخيراً وقرر أن يدلي بدلوه في موضوع الكنز، وعندما لمح جميع من في الديوان استعداده للحديث هدأت همهماتهم، حتى أن الضيف الغريب الذي جاء ليبشر أهل القرية بالكنز لاحظ اهتمامهم المسبق بما سيقوله مثنى بن مثنى، وترقب مثلهم صوت العلم والحكمة.

كان مثنى الذي لا يذكر اسمه إلا ويلحق باسم والده (مثنى أيضاً) من خريجي أوكرانيا في أيام عز الاتحاد السوفييتي عندما كانت أوكرانيا جمهورية تابعة للسوفييت، وكانت جامعة كييف تستقبل الطلاب القادمين من دول المعسكر الاشتراكي ومن بينها جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وكان أحدهم مثنى بن مثنى الذي درس العلاقات الدولية في الثمانينيات، وعاد ليتولى مسؤولية مخازن مؤسسة حكومية لا تربطها أية صلة بتخصصه في العلاقات الدولية، إلا أن القيادة كانت تثق به وقررت تحميله مسؤولية إدارة مخازن تلك المؤسسة، قبل أن تندثر وتتفكك مع مؤسسات أخرى غيرها انتهت مع الهيكلية الجديدة التي جاءت بها الوحدة.

بعد أن لاحظ مثنى الهدوء يتزايد من حوله في الديوان وأن الجميع يرهفون السمع استعدادا لسماع رأيه بشأن قضية الكنز المزعوم، تنحنح للمرة الأخيرة ثم قال ونظرته تسرح في الأفق وكأنه يخاطب الجمهور من على منصة مرتفعة:

– يا رفاقي الأعزاء يا عويلة قد نحنا نفكر نختلف على كنز ما له أي أثر إلا في كلام صاحبنا. تعرفون ما هو الكنز؟

قال جملته وسكت قليلاً والحضور يترقبون بشغف أن يكمل حديثه، فلطالما أمتعهم بوصف أجساد الأوكرانيات وشعرهن الأشقر المموج ودلالاهن الذي يسحر القادم إلى بلادهن من أرض الجفاف والصخور الحادة.

كان مثنى بن مثنى لا يمل الحديث عن فترة دراسته في أوكرانيا وعن الفتيات الاوكرانيات اللواتي كان يراقصهن ويسهر معهن، وكان كل مرة يصف لهم بالتفصيل قصته مع إحداهن، ولكثرة ما استمعوا إلى قصصه عن جمال النساء في أوكرانيا، كان ولعهم بالإصغاء إليه يزداد، وكان بدوره يبتكر كل مرة حكاية جديدة.

بعد فترة الصمت استأنف مثنى الحديث:

– يا جماعة الخير الكنز في النظر إلى عيون الجميلات، وفي ملامسة خصورهن أثناء الرقص. في مشاركتهن شراب الفودكا. الكنز في سهرة حب تترجم فيها لحبيبتك أغنية لأم كلثوم إلى اللغة الروسية. الكنز هو الحب وهذه هي خلاصة الحياة وكنزها الحقيقي، فلا تصدقوا هذا الغريب.

بعد أن لاحظوا أن حديث مثنى يستهدف صرف اهتمامهم بالكنز والتخلي عن المشاركة في استخراجه، أشاحوا بأنظارهم عنه، وتجاهلوا حضوره وكأنه غير موجود بينهم. حتى أنه تنحنح مرة أخرى محاولا استئناف الحديث عن الجمال الأوكراني، فلم يلتفت إليه أحد هذه المرة.

كان القوم قد بدأوا حسم أمر الكنز، قرروا ذلك قبل أن يزداد عدد القرى المجاورة التي قد تطالب بالانضمام إلى المتقاسمين لصناديق الذهب المدفونة، أو التماثيل أو الجواهر على أي نحو كان شكلها، المهم أن يقل عدد عقال القرى المشرفين على استخراج الكنز وتقسيمه، وأن يتوقف العدد على من حضر.

حدث التفاهم بين وجهاء القرى والغريب يفرك يديه بسعادة والجميع يستعجلون بدء التنقيب عن الكنز ومعرفة سر المفتاح الذي ادعى الغريب أنه يملكه وأنه الوحيد الذي يمكن أن يقودهم إلى الكنز الموعود.

في اليوم التالي كانت القرية كلها أشبه ما تكون بخلية نحل، وأطفالها ونسائها في حالة استغراب من النشاط الذي دب في مفاصل الرجال منذ الأمس، بينما كانت دروب القرية قبل الأمس فارغة لا تتجول فيها إلا القطط ولا ترى أمام أبواب بيوتها إلا العجائز المسنات وهن يراقبن دجاجاتهن ويسقين شتلات الريحان ويتبادلن الأحاديث عن الماضي البعيد والحاضر الذي سيغدو ماضيا ستتذكره عجائز أخريات غيرهن، لأن الزمن بالنسبة لهن يكرر نفسه بلا كنوز وبلا مفاجآت. لذلك عندما علمن بقصة الكنز كانت سخريتهن الصامتة تغيب مثل جدول ماء ضعيف بين حصى الوادي الجاف، ولم يعد أحد من أهل القرى المهووسين بالثروة المنتظرة يرون إلا المعول في أيدي جيرانهم فيسارعون إلى التقاط معاولهم.

أخرج كل بيت ما لديه من معاول وفؤوس، وبينما كانوا يتبعون الرجل الغريب ليرشدهم إلى النقطة التي عليهم أن يحفروا فيها لاستخراج الكنز، سمعوا صوت جرافة حفر دوارة تتحرك ببطء على جنزير، أطلت مقدمتها وصوت حشرجة جنزيرها من الطريق الترابي في طرف القرية فتوقف الجميع، واستعدوا ببنادقهم ومعاولهم لوقف تقدم الجرافة ومعرفة من يقودها لحماية كنزهم من كثرة النهابين والمطالبين بالشراكة في الحفر وتقاسم الكنز.

وقبل أن تصل الجرافة أطلق الشاب المتهور قاسم صالح ابن عاقل القرية أول طلقة باتجاه جنازير الجرافة، بينما كانت تترك أثناء تحركها البطيء آثار الجنازير على الطريق الترابي للقرية، وعقب سماع صوت الطلقة تغير كل شيء ودخلت القرية وأهلها مرحلة جديدة، أسماها مثنى بن مثنى مرحلة حمى الكنز.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

بالاسماء: سقوط رؤوس الأفعى في المهرة.. القبض على أبرز أذرع الحريزي والحوثي بدعم عُماني

نافذة اليمن | 828 قراءة 

عاجل: زحف عسكري كبير صوب المهرة

كريتر سكاي | 719 قراءة 

ضربات بعمق الحوثيين: هل بدأت المعركة الحقيقية؟ عمان تنسحب والحديدة على وشك السقوط

نافذة اليمن | 696 قراءة 

اعتقال جلال الرويشان.. تفكك داخلي يضرب الحوثيين في صنعاء

جهينة يمن | 550 قراءة 

هل بدأت أوراق الجماعة تتساقط؟.. الكشف عن انشقاق مسؤول بارز عن الحوثيين ووصوله إلى القاهرة.. الاسم والصورة

يني يمن | 478 قراءة 

ضربات بعمق الحو..ثيين: هل بدأت المعركة الحقيقية؟ عمان تنسحب والحديدة على وشك السقوط

صوت العاصمة | 456 قراءة 

بأمر أبو زرعة المحرمي.. ألوية العمالقة تتحرك للمهرة لمواجهة الحوثيين والحريزي بعد اعتقال الزايدي

نافذة اليمن | 333 قراءة 

عاجل : الحوثيون يبدأون تصعيدا كبيرا وخطيرا

جهينة يمن | 333 قراءة 

فرار قيادي حوثي بارز إلى القاهرة بعد خلافات حادة مع قيادات الجماعة

العرش نيوز | 324 قراءة 

اتفاق ”قاطع مقطوع” .. قبائل المحويت تتفق على تحديد هذا المهر وتيسير الزواج

المشهد اليمني | 316 قراءة