كتاب الرأي
(الأول)خاص.
كتب/ راجح المحوري
بأسلوب يجمع بين الإحكام والدقة المنهجية، وبين التعبير المنتمي إلى الحِسٍ الأدبيٍ المُرهف، يقدم المستشار الدكتور فضل يسلم اليماني إلى المكتبة العربية 13 كتابا، معظمها في القوانين والتشريعات، رافدا الوعي القانوني بشكل عام، وطالبي المراجع العلمية المحكمة بموارد علمية وفكرية غزيرة، فيها شغف معرفي، وتدفق ذهني، وصبر على تتبّع المسائل العويصة وشرحها إلى أدق تفصيلاتها.
لست أزعم هنا بأنني قد قرأت هذا المشروع العلمي القانوني الكبير للدكتور فضل بشكل كامل، ولكنني بالفعل قرأت ما يكفي لمعرفة أهم الملامح في هذا المشروع، وخاصة العناصر البنائية، وهي التي تجذبني دائما بسبب ميولي النقدية.. لذلك أقول إن أهمية هذا النتاج العلمي الرصين للدكتور اليماني لا تأتي من قوة المادة وشمولها وتكامل عناصرها على امتداد المشروع الذي شكله هذا العدد الكبير من الكتب في نفس المادة، لا تأتي من هذا الجانب فقط، ولكنها أيضا تأتي من حيث الإمكانات العقلية العالية، والثقافة الواسعة والوعي القانوني العميق لدى الكاتب، الأمر الذي يمكّنه من التحاور مع المسائل القانونية الصعبة بقدرة وتمكن، ومن ثم لملمت أجزاء الموضوع، وطرح الخلاصة بوضوح ودقة تعبر عن موهبة عقلية وتجذر حقيقي في الموضوع.
وأنا أركز هنا على الجانب القانوني في النتاج العلمي للدكتور اليماني، كوني قرأت كتبه القانونية أكثر من غيرها، وإلا فهناك عدد كبير من الكتب التي تستفيض في تناول قضايا مثل التفسير، والقصص القرآني وغيرها، وبشكل يثير الدهشة والإعجاب، ولكن الملاحظ أن الخيط الفكري الرابط بين أجزاء كتابات الدكتور لا يكاد ينفصل أبدا، فهو ممتد بمتانة ومرونة منذ الكتاب الأول وحتى الكتاب الذي فرغ من للتو، حتى يمكن القول إن هاجس الكتابة الذي يوحي بالأفكار يظل واحدا لديه، وبالتالي فإن النتاج الفكري والعلمي للكاتب يحمل طابعا متجانسا ومتناسقا على مدى13 كتابا، حتى الآن.
إن الملاحظ أيضا في كتابات الدكتور اليماني هو أن ثمة روح شفافة نابضة بالفن والجمال، تقف في خلفية هذه الصورة العلمية التي تقدمها لنا كتبه الأكاديمية، فوراء كل هذا التدفق من الكتابة العلمية والتنظير الأكاديمي، هناك العديد من النصوص الشعرية المهمة التي تنم عن الموهبة الأدبية الفذة للدكتور فضل، وهي نصوص شعرية بالغة الجمال والاكتمال، ولولا أنه لم يخلص للجانب الشعري فيه لحساب الجانب العلمي، لأنتج لنا شاعرا كبيرا يتفجر إبداعا، ولغذّى الذائقة العامة بفن شعري راق وسط غثاء عديمي الموهبة الذين ملأوا الساحة بالضجيج الفارغ، ولكان مقالي هذا عن التجربة الأدبية الخاصة (للشاعر الأيقونة فضل اليماني) بدلا عن المشروع العلمي الرصين لسعادة المستشار الدكتور فضل بن يسلم اليماني، ولكنها إرادة الله..
أخيرا لابد من الاعتراف بأن الكتابة عن مشروع ضخم وذو عناصر متعددة كمشروع الدكتور فضل، مسألة شاقة وصعبة لمن أراد إيفاء الموضوع حقه من العرض، ولكن هذه تناولة بسيطة للمشروع وبشكل شديد الإجمال، دافعي إليها هو الإعجاب الشديد بهذا التوهج الكتابي الأخاذ للصديق العزيز الدكتور فضل، وهي أيضا لفتة للمثقفين عموما أولا، وللباحثين الذين يتسقّطون أخبار المصادر المعرفية الغنية ثانيا، وللدولة ممثلة بوزارتها المختصة ثالثا، لفتة إلى هذا الكنز العلمي والمعرفي والفكري الذي تشتمل عليه مكتبة المستشار الدكتور فضل بن يسلم اليماني، ففيها ما يقر عين الباحث الشغوف، ويبرد غلة الظمآن إلى المنابع العلمية الثرية الصافية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news