في مشهد لا يخلو من الغرابة، غادرت آخر "جدّة يهودية" اليمن، وسط مراسم وداع خجولة وأجواء طقسية حضرت فيها جماعة الحوثي كمضيفين لا كخصوم، بينما تولّى ملياردير إسرائيلي الفاتورة، ومحامٍ دولي التنسيق، وحاخامات الشتات التنظيم… لتنتهي بذلك رواية الطائفة اليهودية في اليمن، تقريباً، على يد الجميع… وبموافقة الجميع.
فبعد أن قضت 75 عامًا في اليمن، تجرّعت خلالها الكوليرا والعزلة والحصار الطائفي، لم تجد السيدة المسنّة بُدًا من أن تحزم "التراث" في حقيبة صغيرة وتلتحق بركب الهاربين. واللافت أن الحوثيين – الذين اتُهموا سابقًا بملاحقة الأقليات – اختاروا هذه المرة أن يؤدوا دور "الكفيل الشرعي" لمراسم دفن زوجها… بل وضمنوا أن تُدفن الشعائر معه!
ووسط هذا المشهد العبثي، يبدو أن الحوثيين قرروا أن يغلقوا هذا الملف بـ"نهاية نظيفة": فلا إكراه، لا اعتقال، فقط تذكرة خروج... وربما دعاء سفر على الطريقة الهاشمية.
بقي ثلاثة فقط من يهود اليمن… أحدهم محتجز، والاثنان الآخران ربّما في انتظار "رحلة مدفوعة" مشابهة. وربما يفكر الحوثيون – مازحين طبعًا – بتحويل المعبد اليهودي إلى مركز توثيق للتسامح الحوثي.
هكذا تُكتب نهايات الأقليات في زمن الحرب… لا برصاص ولا بتفجيرات، بل بـ"تسهيلات لوجستية" وابتسامات باردة وكاميرات بعيدة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news