وزارة الداخلية.. من مؤسسة سيادية إلى أداة تهميش: عدن تدفع الثمن الأمني!

     
العين الثالثة             عدد المشاهدات : 137 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
وزارة الداخلية.. من مؤسسة سيادية إلى أداة تهميش: عدن تدفع الثمن الأمني!

من المفترض أن تمثل وزارة الداخلية حجر الزاوية في تعزيز الاستقرار، وبناء المؤسسات الأمنية، وترسيخ النظام في بلدٍ تمزّقه الصراعات، إلا أن الواقع في العاصمة عدن، يقول غير ذلك تمامًا، حيث تحوّلت الوزارة، كما يقول مسؤولون أمنيون وخبراء، إلى أحد أبرز عوامل إضعاف الأمن لا دعمه، وذلك عبر سلسلة من السياسات الإقصائية والتقاعس المتعمد عن القيام بالمهام الدستورية.

خلايا إرهابية تُضرب عدن.. والداخلية تلتزم الصمت

لم يكن اغتيال اللواء ثابت جواس، القائد المعروف، سوى إحدى المحطات الدامية التي هزّت العاصمة عدن، ضمن سلسلة عمليات إرهابية تبنّتها خلايا تابعة للقيادي العسكري السابق أمجد خالد، والذي تشير التحقيقات إلى أنه قاد هذه الشبكات من منطقة التربة بمحافظة تعز.

وعلى الرغم من صدور أحكام إعدام قضائية بحقه، لم تتخذ وزارة الداخلية حتى اللحظة أي إجراء يُذكر، سواء عبر التنسيق مع سلطات تعز أو إصدار مذكرة ملاحقة رسمية أو حتى موقف إعلامي يوضح للرأي العام موقفها.

في المقابل، كانت إدارة أمن عدن هي الجهة الوحيدة التي واصلت المطالبة المستمرة بتسليمه، مدعومة من النيابة العامة، دون أن تلقى استجابة. بينما اتخذت وزارة الدفاع بقيادة الفريق محسن الداعري موقفًا أكثر وضوحًا، حيث وجه برفع الغطاء عن خالد وطالب رسمياً بإقالته من قيادة لواء النقل العسكري.

ويذكر أن أمجد خالد ظهر لاحقًا في تسجيل مصور هدد فيه بكشف "اتفاقات سابقة" مع قيادات حزبية في حزب الإصلاح، ما فتح أبواب التساؤل عن علاقة بعض الجهات السياسية بإبقائه طليقًا رغم تورطه في أعمال إرهابية.

التمييز في الدعم والتدريب.. والمركزية خارج العاصمة

تتجلى أبرز مظاهر الإضعاف الأمني المنظم في السياسات التي تبنّاها الفريق إبراهيم حيدان منذ تعيينه وزيرًا للداخلية، إذ تشير تقارير إلى أن الرجل أوقف كافة مخصصات الأجهزة الأمنية في عدن، بما فيها قوات الأمن الخاصة، ورفض اعتماد الترقيات المستحقة لعناصر أمن العاصمة، في تناقض صارخ مع دعمه المتواصل لقوات تابعة لمحافظة مأرب.

مصدر أمني مطّلع أكد لـ "العين الثالثة" أن الوزارة أصدرت قرارًا بترقية 10 آلاف جندي من مأرب دفعة واحدة، بينما حُرم أفراد الأمن في عدن من أي ترقية طوال سنوات، كما أن برامج التأهيل والتدريب التي ترعاها الوزارة ركزت على مناطق محددة، خصوصًا مأرب وسيئون، في حين تم تجاهل محافظات الجنوب بشكل شبه كلي.

وزاد من تعقيد المشهد، نقل ديوان الوزارة إلى سيئون في خطوة اعتُبرت تحديًا لتوجيهات مجلس القيادة الرئاسي، ومؤشرًا على تكريس الانقسام المؤسسي بين الجنوب والشمال، بدلاً من تجاوزه.

التمويل من الخارج... والداخلية خارج المعادلة

في ظل هذا التدهور، يعتمد الأمن في محافظات الجنوب، وعلى رأسها عدن، على دعم خارجي تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة، التي وفرت معظم الاحتياجات الأساسية لقوات الشرطة، من مركبات، وأجهزة، ومعامل فنية، ضمن برنامج يغطي سبع محافظات جنوبية.

كذلك، يقدم المجلس الانتقالي الجنوبي دعمًا كبيرًا في مجالات التغذية والوقود، بينما تغيب وزارة الداخلية كليًا عن دعم المؤسسات الأمنية في الجنوب، حتى في أدنى متطلبات التشغيل.

هذا الواقع، بحسب مسؤولين ميدانيين، جعل القوات الأمنية في عدن تعمل في ظل إمكانات محدودة، دون أن تتلقى أي تعزيز أو دعم من الوزارة التي يُفترض أنها مسؤولة عن بنيتها المؤسسية والإدارية.

الداخلية كعامل إضعاف.. لا شريك للأمن

في ظل كل ما سبق، تتبلور رؤية قاتمة للعلاقة بين وزارة الداخلية ومؤسسات الأمن في العاصمة عدن. إذ يرى مراقبون أن الوزارة، بدلًا من أن تكون ذراعًا تنفيذية لدعم الأمن الوطني، تمارس تسييسًا فاضحًا للملف الأمني، من خلال التمييز، وتجاهل الجنوب، والتقاعس عن ملاحقة العناصر الإرهابية.

يقول أحد الضباط المتقاعدين في إدارة أمن عدن:"الوزارة تخلت عن مسؤولياتها، ولم نعد نرى منها سوى قرارات تزيد الانقسام وتكرّس الفوضى".

وفي ظل غياب الشفافية، وفشل مؤسسات الرقابة، وتراخي السلطات القضائية، تبدو وزارة الداخلية في عهدها الحالي بعيدة كل البعد عن دورها السيادي، بل وتُعتبر، وفق كثيرين، أحد أكبر عوائق بناء جهاز أمني موحد وفعال في البلاد.

إن استمرار هذا النهج في إدارة الملف الأمني، وتهميش عدن، قد يؤدي إلى انهيار ما تبقى من منظومة الأمن في واحدة من أكثر المدن اليمنية حساسية، سياسيًا وجغرافيًا، وما لم يتم إصلاح جذري في هيكل الوزارة، وإعادة توجيه البوصلة نحو بناء مؤسسات مهنية بعيدًا عن الولاءات، فإن حالة الانقسام والانكشاف الأمني ستتفاقم، وسيدفع المواطن وحده الثمن.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

شاهد موقف الرئيس العليمي من وساطة الشيخ البركاني بين الحكومة ومليشيا الانتقالي الجنوبي

المشهد الدولي | 759 قراءة 

اليمن: المجلس الانتقالي الجنوبي يعلن السيطرة على منطقة نفطية استراتيجية ويعرض شراكة مع واشنطن ضد الحوثيين

يمن فيوتشر | 501 قراءة 

القبض على امرأة تسرق مقتنيات النساء من قاعات الأعراس صنعاء.. والعثورعلى مفاجأة صادمة بحوزتها (صورة)

المشهد اليمني | 465 قراءة 

السلطات في دبي تحث السكان على البقاء في المنازل

العاصفة نيوز | 442 قراءة 

ميليشيا الحوثي ترسل تعزيزات غير مسبوقة نحو جنوب اليمن تحضيرًا لهجوم عسكري كبير - [تفاصيل]

بوابتي | 392 قراءة 

حشود سعودية واسعة على حدود اليمن وتحذيرات للانتقالي من ضربات جوية

موقع الجنوب اليمني | 382 قراءة 

اللواء عيدروس الزُبيدي يكشف عن هدف الانتقالي من السيطرة على محافظات الجنوب ويتحدث عن الهدف القادم وقال قيادة الاخوان فشلت في تحرير صنعاء وانحرفت نحو الاسترخاء

المشهد الدولي | 337 قراءة 

العثور على جثة شاب في يافع تاركا رسالة كتب فيها: لا تصلوا عليَّ ولا تقبروني.. اتركوني

بوابتي | 320 قراءة 

ضغوط سعودية ودولية على الانتقالي لمنع إعلان حكومة موازية في جنوب اليمن

موقع الجنوب اليمني | 317 قراءة 

عاجل | القوات المسلحة الجنوبية تُلقي القبض على عصابة مسلحة في صحراء حضرموت

الناقد برس | 302 قراءة