في مشهد يلخّص حجم المعاناة التي يعيشها ملايين اليمنيين، اصطفت عشرات الأسر، مساء السبت، على خطوط التماس الفاصلة بين مديريتي الراهدة والقبيطة في محافظة تعز، في محاولة لشراء باقات اتصال وإنترنت بسعر أقل، متحدّين المخاطر الأمنية في واحدة من أكثر المناطق اضطرابًا في البلاد.
وأظهرت صور التُقطت من المنطقة الحدودية مواطنين يفترشون الأرض على جانبي طريق جبلي وعِر، بينما احتمى آخرون بصخور الجبال من حرارة الشمس، بعد أن قطعوا مسافات طويلة من مناطق خاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي في الراهدة، إلى مناطق تابعة للحكومة الشرعية في القبيطة، بهدف شراء باقة إنترنت من نفس شركة الاتصالات لكن بسعر يقل كثيرًا عما هو مفروض في مناطق الحوثي.
وأكد مواطنون محليون أن الفارق الكبير في أسعار باقات الإنترنت بين المنطقتين يعود إلى فروقات أسعار الصرف بين الريال اليمني في صنعاء وعدن، إذ تفرض السلطات الحوثية سعر صرف أعلى، ما يضاعف تكلفة الخدمات الرقمية والاتصالات على السكان.
وقال أحد المواطنين :
"البعض يقطع أكثر من 10 كيلومترات يوميًا لعبور منطقة تماس خطرة، فقط لتعبئة باقة نت أو إجراء مكالمة بسعر أقل… الأمر لم يعد رفاهية، بل ضرورة معيشية".
ويعكس هذا المشهد حجم الانقسام السياسي والنقدي الذي دمّر البنية التحتية للخدمات في البلاد، وجعل المواطن اليمني ضحية مباشرة لتضارب السياسات بين سلطتين ونظامين ماليين داخل وطن واحد.
هذه القصة، بكل بساطتها المؤلمة، تحكي عن يمنٍ تمزقه الحرب، حتى أصبح الوصول إلى الإنترنت بحاجة لعبور الجبال وخطوط النار.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news