السيطرة على الشرق من الجو حلم الغرب القديم الذي تحقق

     
عدن تايم             عدد المشاهدات : 81 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
السيطرة على الشرق من الجو حلم الغرب القديم الذي تحقق

منذ بدايات العصور الحديثة في القرن السادس عشر الميلادي بات الغرب يتفوّق عسكريا على الشرق المسلم بعد أن استطاع بناء أساطيل بحرية مجهزة بمدافع البارود والبنادق. لكن وقوع بعض مراكز الشرق بعيداً عن سواحل المحيطات والبحر ظلت فترة طويلة عقبة أمامه. وقد عبّر الدبلوماسي الفرنسي العنصري أرتور دي غوبينو عن رغبة الغرب الاستعماري في تجاوز تلك المعضلة في كتابه (ثلاث سنوات في آسيا ١٨٥٤) الذي قمنا بترجمة بعض فصوله في كتابنا (جدة وعدن ومسقط في كتابات آرثر دي غوبينو، ٢٠١٤).

فمنذ مطلع القرن التاسع عشر احتدم التنافس بين الدول الأوروبية الكبرى للهيمنة على مناطق واسعة في أفريقيا وآسيا. وفي تلك المعركة لم تكتف تلك الدول الغربية باللجوء إلى القوة، بل وظفت أيضا علماءها ليضعوا عددا من النظريات والأطروحات والمفاهيم العنصرية والاستعمارية التي تبرِّر ما تقوم به من سلب ونهب.

وفي سنة١٨٥٤ رأى دي غوبينو أنه ليس أمام الغرب إلا خياران: "إما أن ترك شعوب آسيا الوسطى في حالة الركود كما فعلت منذ قرون ونهب ما لديها من ثروات بسلام، أو يتم غزوها وإخضاعها مباشرة لهيمنة الأمم الأوروبية. وعلى الرغم من أن أراضيها واسعة جدا، وفي الغالب بعيدة عن السواحل التي يمكن أن تهاجم منها، فهذا الافتراض لا يمكن استبعاده كليا، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار القدرة الكبيرة على التوسع والحاجة للغزو اللتين تبرزان اليوم في مجتمعنا. لهذا ليس هناك عائق أمام هذا الخيار، لاسيما أن تحت تصرفنا وسائل مادية كبيرة تمكننا من تحقيق رغباتنا. كما أن طريقة تنظيم قواتنا العسكرية تضمن لنا التفوق المؤكد في أي مكان نريد الذهاب إليه، حتى وإن كان عدد سكانه يفوق عددنا بمائة ضعف. لهذا أنا أقبل إمكانية استقرار أمة أوروبية في آسيا. ويمكنها فعل ذلك بطريقتين. لنفترض أولا أنه سيتم استخدام تبني النظام البريطاني الذي تكمن سمته الأبرز في رغبته السيطرة على الناس الذين تم غزوهم دون الاختلاط بهم، والتحكم فيهم وإدارتهم من الأعلى مع البقاء متميزا عنهم، وعدم منحهم إلا قسطا محدودا وثانويا جدا من إدارة شؤونهم الخاصة، ومع الاحتفاظ بإمكانية نزعه منهم في أي لحظة. هذا النظام، في اعتقادي، نبيل وممتاز طالما كتبت له الاستمرارية. لكن، من وجهة نظر الشعوب المستعمَرة، له بعض المساوئ، إذ أنه يشكل في نظرها حالة مؤقتة يتحملون بفارغ الصبر ثقلها ومرارتها. ولكي تستمر تلك الحالة على المستعمِر أن يكون قويا وذكيا ويقظا دائما. فأدنى فشل، وأدنى إهمال لإجراء ضروري يمكن أن يؤديا إلى تقويض كل شيء. وبما أنه في مواجهة عدو فلا مجال أبدا للنوم. وبما أن السادة يميلون دائما إلى النوم أكثر من العبيد فهذا النظام يبنى على خطر دائم. ولا شك أن استمرارية تلك الحالة المأزومة تكلف الكثير. ولو حدث أن شؤون الشعب المستعمَر ساءت جدا في أحد الجوانب ربما يترتب على ذلك ردود فعل رهيبة. فالتمرد العام يمكن أن يؤدي إلى نهاية السيطرة. ونحن إذا ما وضعنا نصب أعيننا مثل تلك اللحظة، يتبيّن لنا كم هو هش ذلك النموذج من الحكم. ففي غداة سقوطه لا يتبقى أي شيء أبدا. وقد غرقت البلدان التي طـُبِّق فيها وسط الفوضى وأوصلها إلى الهاوية. ولم يسلم حتى الحطام. كل شيء ينبغي بناؤه من جديد، وربما لن يستطيع أحد فعل أي شيء.

أما الخيار الثاني [لتمدين الشعوب]: فهو النظام الذي تبناه السلوقيون بعد الإسكندر المقدوني، والذي طبقه الرومان في الماضي، والذي يعتمده اليوم الروس في أراضيهم في آسيا. ويكمن هذا النظام في اعتبار السكان المحليين - قدر الإمكان- قادرين على المشاركة في إدارة البلاد، مثل الغزاة، وفي منحهم وظائف ودرجات بطريقة تربط بين مصالحهم وحبهم لأنفسهم وبين الاستعمار وديمومته، أي، بمعنى آخر، دمجهم في الأمة الغازية المنتصرة حتى ينصهروا فيها، ويكوّنوا معها شعبا واحدا وأرضا واحدة".

ومن الواضح أن كثيرا من الأفكار الاستعمارية التي عرضها دي غوبينو في كتابه (ثلاث سنوات في آسيا)، قد طبِّقت وتطبق فعلا من قبل البريطانيين والصهاينة الذين قاموا (بإزالة) معظم العرب من أرض فلسطين ليؤسسوا فيها دولة اسرائيل. ولا شك في أن حرص الغرب على بناء ترسانة عسكرية فائقة التطور لإخضاع الشعوب والأمم الأخرى، التي "تفوقه عدديا بمائة ضعف)"، يجسّد هو أيضا تطبيقا ملموسا آخر لآراء دي غوبينو الاستعمارية.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

فتح طريق عقبة القنذع بين شبوة والبيضاء لتخفيف معاناة المواطنين وتعزيز الحركة التجارية

صدى الجنوب | 464 قراءة 

ترامب يوجه إهانة لبوتين بسبب إيران

جهينة يمن | 453 قراءة 

تزوجت 100 قيادي زواج متعة.. القصة الكاملة للجاسوسة الإسرائيلية التي هزّت إيران

بوابتي | 423 قراءة 

سيناريوهات المواجهة بين طهران وواشنطن...طبول الحرب تُقرع في الخليج

جهينة يمن | 404 قراءة 

ثاني دولة نووية تعلن وقوفها الى جانب ايران وتحذّر أمريكا من تقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل

جهينة يمن | 398 قراءة 

فتح طريق عقبة القنذع خطوة إنسانية لتعزيز التواصل وتخفيف معاناة المواطنين بين شبوة والبيضاء

صدى الجنوب | 387 قراءة 

الكشف عن سبب الانفجار الذي هز عدن قبل قليل

كريتر سكاي | 333 قراءة 

من غرفة الأسرار إلى قلب النظام: القصة الكاملة للجاسوسة التي هزّت إيران

المرصد برس | 263 قراءة 

عاجل : جماعة الحوثي تقصف مدينة تعز بصاروخ بالستي "تفاصيل "

جهينة يمن | 258 قراءة 

عاجل: سماع دوي انفجار عنيف بعدن

كريتر سكاي | 250 قراءة